في ظل التدخل الامريكي السافر في مقدرات الامم والشعوب، والانحياز الاعمى لاسرائيل التي لا تتورع عن ارتكاب ابشع الجرائم الانسانية، كان ل (اليوم) هذا الحوار مع السيد ابراهيم سلمان مستشار الرئيس عرفات لحقوق الانسان للوقوف على آخر تطورات الوضع في السلطة الفلسطينية في معركتها الجديدة من اجل السيادة الوطنية. @ في البداية، ما الحال الان في فلسطين، وهل تستطيع القيام بمهامك كمراقب لحقوق الانسان؟ * ان مقري في غزة ورام الله، ومنذ 20 شهراً لم اتمكن من زيارة مكتبي او عائلتي او الرئيس عرفات هناك وتم تحطيم مكتبي وسيارتي ابان الاجتياح الاسرائيلي الغاشم ، فكيف يتصور كمستشار لحقوق الانسان للرئيس عرفات ان اتمكن من ممارسة ومراقبة حقوق الانسان وان انقل للرئيس نتائج عملي لحقوق الانسان الفلسطيني ما دمت لم اتمكن من زيارة الضفة الغربية والاراضي الفلسطينية. والحشود العسكرية الموجودة في منطقة التماس بين غزة واسرائيل وهناك استشهاد يومي بداخل القطاع وخارجه، وترتكب الجرائم يوماً بعد يوم ضد اطفالنا وشبابنا والشعب الفلسطيني الاعزل، وتهدم مؤسساتنا وبيوتنا، وتحاصر الكنائس، وترتكب الجرائم في وضح النهار على مسمع ومرأى من العالم بأسره. @ يبدو ان هناك قرار رئاسيا على مستوى الدول العربية للتفاوض حول المشاركة في المحكمة الجنائية الدولية؟ * هناك مشاركة عربية، وهناك خطوات للمشاركة في مونتريال قبل ايام من اجتماع بروكسل، وهناك اجتماعات تشكل، الا انه كان من المؤسف اعتراض امريكا على هذا التشكيل بحجة المساس بسيادتها وهذا الموقف غير عادل وغير قانوني ويتنافى مع الحقوق العربية وزعم امريكا انها دولة ديمقراطية، الا ان هذا الزعم اكذوبته فقد، اعترضت قبل ذلك بجنيف وتعترض اليوم على المحكمة الجنائية الدولية وتستخدم حق الفيتو ضد انشاء المحكمة الدولية ولكن هذه المحكمة سوف تظهر للوجود لرعاية حقوق الانسان في العالم اجمع. @ هناك تحركات دولية متباينة بعد خطاب بوش، وكذلك هناك تحرك عربي لاتخاذ موقف يتبلور الان في اجتماع اللجنة القائمة للمتابعة، ولكن هناك امرا آخر وهو تحويل مسار القضية من قضية احتلال الى رئيس دولة؟ وهناك محاولات تتم الان لابدال الرئيس عرفات، فهل القضية الان منحصرة حول الرئيس عرفات، ونريد ان نطمئن على البيت الفلسطيني، حيث هناك مراهنات خلال سنوات قليلة قادمة تؤكد انشقاق البيت الفلسطيني. * بداية أقول ان هذه مسألة داخلية تخص الشعب الفلسطيني، واذا اراد بوش ان يتدخل في قرارات الشعب الفلسطيني في اتخاذ رئيس له، فعليه ان يرضى بتدخلنا في تحديد رئيس امريكي اخر، فهي مسائل بديهيات جرى عليها العرف الدولي والدبلوماسي، والبرلماني حيث لا يجوز لدولة ان تتدخل في شؤون دولة اخرى، وحقوق شعب اخر، والرئيس ابو عمار هو رئيس منتخب ديمقراطياً وبنفس المعنى قرر ان يكون هناك انتخابات جديدة في عام 2003 في العاشر من يناير حتى العشرين من يناير انتخابات رئاسية وبرلمانية ايضاً.. @ هناك بعض الاتهامات للرئيس عرفات انه تنازل تحت الضغوط قام بتلك الاصلاحات الحالية فما حقيقة ذلك؟ * هذا موقف جماعي فلسطيني، والمطلوب ان يكون هناك موقف برلماني عربي، والجامعة العربية عليها دور في دعم القضية الفلسطينية، ولا يجوز لاحد ان يتدخل في اختيار رئيس دولة، وبالتالي نطمئن الشعب العربي، ان الوعي الذي يتسلح به الشعب الفلسطيني وابناؤه بكافة فصائله على مدى سنين طويلة يؤكد التفافنا حول القيادة والقائد الفلسطيني ياسر عرفات، فالمساس بهذا الموضوع هو مساس بالسيادة الفلسطينية، واي شخص يأخذ رأي بوش هو خارج عن السيادة الوطنية، والصف الوطني، ولايجوز الاخذ برأيه.. فالاغلبية في الشعب الفلسطيني تطبق النهج الديمقراطي، ومن ثم فانه يجب الالتفاف حول القيادة الفلسطينية عربياً ودولياً. @ هناك اتهامات من داخل السلطة الفلسطينية، بوجود انتهاكات لحقوق الانسان داخل السلطة نفسها؟ * لسنا ملائكة وانما مثلنا مثل كافة النظم السياسية العربية والدولية لدينا التشريعات والقوانين التي تكفل حقوق الانسان وترعاها ولكن الذي يجري على الساحة هو انتهاك اسرائيلي كامل لحقوق الانسان وارتكاب مجازر على مرأى ومسمع من العالم، وتنقلها وسائل الاعلام العالمية، ونحن الان في حالة دفاع عن النفس في نضال فلسطيني عادل من اجل تحقيق الدولة الفلسطينية، ونواجه حربا شرسة تشنها اسرائيل ضدنا بوسائل قذرة. وليس امامنا الا الدفاع عن النفس، وهذا حقنا، ونتطلع للدعم العربي للقضية مادياً ومعنوياً. @ ماذا بشأن ما أثير في بعض الصحف الاجنبية عن ان الرئيس عرفات يعاني امراضا نفسية وعصبية وان هذا السبب وراء محاولة امريكا استبعاده؟ * هذه امور واهية، يتبعها الرئيس بوش لان الرئيس الرمز ابو عمار رفض الانصياع لمتطلبات اسرائيل وامريكا، وحاولت الادارة الامريكية ان تبتزه سياسياً ولكنه يرفض وكل ما يثور الان على الساحة الدولية من افعال اسرائيلية وامريكية هو مساس بقرارات الشرعية الدولية، والسيادة الفلسطينية، وكذلك الاتفاقات العالمية. @ ماذا عن وجود قيادات فلسطينية على استعداد لتولي الحكم بعد الرئيس عرفات؟و هل هناك اطراف ستقبل ان تكون بديلة لعرفات؟ * لن يكون على الساحة الفلسطينية أي شخص الا الرئيس ابو عمار الا من خلال المسلك الديمقراطي، والرئيس ابو عمار قرر اجراء انتخابات حرة ديمقراطية في العاشر من يناير 2003، وهذه الانتخابات ستكون للرئاسة الفلسطينية، وكذلك للمجلس التشريعي الفلسطيني. @ كيف تتابعون قضية اعتقال مروان البرغوثي وغيره من النشطاء الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الاسرائيلية؟ * هناك لجنة شكلت على مستوى اتحاد المحامين العرب وكذلك الاتحاد الافروآسيوي، في مصر كذلك هناك لجنة من المحامين بالداخل، ولدينا ما يزيد على 6000 فلسطيني معتقل في السجون الاسرائيلية، والمحامون محرومون من زيارتهم وكذلك العائلات الفلسطينية محرومة من زيارتهم، وهذه الانتهاكات الجسيمة التي تمارس في حقوق الشعب الفلسطيني، وضد ابنائه سواء على مستوى السجناء او الاطفال او هدم البيوت او هدم المؤسسات او الابنية الخاصة بالسلطة الوطنية، تعتبر انتهاكا خطيرا ومساسا بمبادىء حقوق الانسان العالمية، والقانون الدولي الانساني، واتفاقات جنيف الاربع، وبالتالي لم تمنع ادانة مجلس الامن، او الجمعية العامة للامم المتحدة ومبادىء حقوق الانسان او اتفاقات جنيف، اسرائيل من ارتكاب الجرائم والمجازر امام العالم، وامريكا تدعم اسرائيل وتنحاز لها باستخدامها الفيتو حيث استخدمته لثلاث مرات لتدعيم العدوان واستخدمت مؤخراً في التعامل مع قضية حقوق الانسان في البوسنة والهرسك، وايضاً استخدمته الفيتو في تشكيل المحكمة الجنائية الدولية التي تحاكم مجرمي الحرب سواء كان شارون او غيره في كافة ارجاء المعمورة. @ في ظل الرفض الامريكي لوجود الرئيس عرفات في السلطة والربط بين العملية السلمية، واقصائه ؟ فما المخرج من المجازر الاسرائيلية وهل تستمر حتى 2003؟ * ان المجازر لم تبدأ بالامس وانما بدأت منذ عام 1997، وحتى هذه الساعة، واسرائيل بالاساس عبارة عن مؤسسة عسكرية مدعومة بدعم عسكري ومادي وسلاحي من امريكا، ونحن نتطلع للاشقاء في الوطن العربي ان يدعموا الصمود الفلسطيني، ونضاله لكي نحتل موقعنا كدولة فلسطينية ذات سيادة باعتبار القدس عاصمة للدولة الفلسطينية ذات سيادة. @ هل تسلمتم قائمة بالاصلاحات المطلوبة في السلطة الفلسطينية من الادارة الامريكية؟ * ان الاصلاحات الفلسطينية بدأها الرئيس بالتعديل الوزاري، وكذلك التوقيع على النظام الاساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية، وايضاً باعلان الانتخابات الحرة الديمقراطية النزيهة التي ستبدأ في يناير 2003 وكلها اجراءات تسير على النهج الديمقراطي وفق القانون والنظام، ولكن التدخل الامريكي هو تدخل سافر وغير قانوني وغير عادل، وبالتالي امريكا تريد قادة فلسطينيين بمقياس اسرائيلي وامريكي، ونحن نرفض هذا الموقف، وبالتالي نطلب من كل الشعب العربي، ان يرفض ويستنكر هذا الاجراء الظالم ضد الامة العربية والشعب الفلسطيني على الخصوص. وكذلك نطالب عمرو موسى الامين العام للجامعة العربية بأن يكون هناك تحرك عربي جديد، ودعوة جديدة. * قيل ان هناك مشاورات بين مصر والاردن والولايات المتحدةالامريكية لايجاد بديل للرئيس عرفات؟ * ليس هناك نظام عالمي يفرض تعيين رئيس فلسطيني او عربي في دولة عربية، فهذا امر مخالف للديمقراطية، وحقوق الانسان وللنظم والعرف الدبلوماسي الدولي للحياة التي عشناها. والنهج الصحيح هو انتخاب ديمقراطي لاي رئيس سواء مع ابي عمار او غيره، ولكني اؤكد ان الشعب الفلسطيني يجمع على انتخاب الرئيس عرفات. @ هل ستقدم السلطة الفلسطينية كشف حساب عن المعونات والاموال التي تستلمها السلطة الفلسطينية كرد على الاتهامات الامريكية بالفساد المالي في السلطة؟ * هذه افتراءات على السلطة الفلسطينية والبنك الدولي لديه من المعلومات ما يثبت ان هناك ادارة مالية سليمة، واذا كانت هناك بعض الاخطاء والتجاوزات فأي مجتمع عربي او اجنبي فيه اخطاء، فاسرائيل نفسها فيها محاكمات واختلاسات ورئيس الوزراء شارون، ومن قبله باراك وغيرهم متهمون بابتزاز اموال عامة من اسرائيل، وبالتالي فهذه نقطة يثور الجدل حولها ويتخذونها كمسعى للتشويش على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. @ هناك اتهام للرئيس عرفات بالتعاون مع الارهاب ودعمه للجماعات المقاومة المسلحة في فلسطين، فما ردكم؟ * عندما لا تكون هناك حماية للانسان وحينما تنتهك ابسط حقوقه وعندما يقتل الاطفال وتهدم البيوت ماذا على الفلسطيني ان يفعل سوى حقه المشروع في المقاومة، فأوروبا احتلت، وناضلت شعوبها من اجل الاستقلال.. فرنسا وبلجيكا وبريطانيا وامريكا نفسها ناضلت من اجل استقلالها، فهذا حق مشروع تاريخياً في الدفاع عن النفس والارض والتحرر، وهناك فرق كبير بين حق المقاومة المشروعة وحق الارهاب، فنحن لسنا شعبا ارهابيا وانما شعب محب للسلام ومن حقنا التحرك لتحقيق هذا السلام وتحقيق قرارات الشرعية الدولية، لكن امريكا تكيل بمكيالين، وتطبق قرارات الشرعية الدولية ضد العراق ولكنها تتناساها وترفض تطبيقها لحل القضية الفلسطينية.