الانتهازيون وحدهم يجيدون لعبة التسلق، كالنباتات الطفيلية التي تعيش على حساب الاشجار المثمرة.. هؤلاء المتسلقون لا سلاح لهم سوى النفاق، واجادة الكلام المعسول، واضفاء الالقاب الكبيرة، والصفات الرنانة على من لا يستحقها، ودافعهم هو الكسب الشخصي الذي يتوقعون ان يخرجوا به من معركتهم ضد الشرف والكرامة وعزة النفس. هذا الداء الاجتماعي البغيض، لا تقتصر مضاره على اؤلئك المتسلقين، ولكنها تتعداهم الى من توجه لهم هذه الاهانات المختفية وراء ستار النفاق الاجتماعي، فمن مدحك بما ليس فيك، فقد شتمك باسلوب غير مباشر، لانه يذكرك بنقصك في مجال يحاول تغطيته بالمديح الكاذب، والنفاق المكشوف، والزعم الممجوج، ومن يستمرئ هذا المديح والنفاق والزعم، وترضي غروره القاب بعيدة عنه.. فان فاجعة المجتمع فيه كبيرة، لانه يتعامل مع هذا المجتمع على اساس نفعي.. منطلقه الاستعلاء والغرور، وتصديق البطولات الوهمية التي يبالغ المتسلقون في اضفائها عليه، مما يشكل حاله من الفوضى في العلاقات الاجتماعية ينعدم معها الاحترام والتقدير لمن يستحقون الاحترام والتقدير، وهذا لا يدل على الوعي بقدر ما يدل على الجهل، ولا يعني البناء بقدر ما يعني الهدم. واذا جاء المديح لمن لا يستحقه، فان ذلك مدعاة لان يتوهم ما هو بعيد عن واقعه، خاصة اذا كان من ذوي النفوس الضعيفة، وهو في الغالب كذلك، لانه رضي بالمديح الزائف، دون ان يفكر في ما وراء هذا المديح من نفاق او اهداف نفعية، واذا جاء هذا المديح ممن عرف بالتطفل والنفاق وهو في الغالب كذلك، فالاولى ان يقابل بالرفض والاستهجان، حتى لا تنتشر في المجتمع مثل هذه العادات القبيحة، ويكون ذلك سببا في اشاعة عدم الثقة بين الناس، بعد ان يتحول القبح الى جمال، والشر الى خير، في نظر بعض الناس، مع ان القبح هو القبح، والشر هو الشر، مهما اختلطت المفاهيم، وانتشرت الاباطيل، وما من كذب يمكن ان ينطلي على كل الناس، ونشوء الانماط السلوكية غير السوية، مثل التسلق على اكتاف الآخرين بوسائل مختلفة، يدعو الى جدية المعالجة، لانه نوع من التفكير المضطرب الذي يتحول الى سلوك مرفوض من كثيرين، وان رضي به قلة من الناس تفتقر للوعي بخطورة هذا الأمر.