انتصارك الحقيقي هو الشعور الذي ينتابك كل صباح، وأنت تستيقظ من نومك لتجد الشخص الذي تستطيع أن تحبه من دون مقابل، تستطيع معه وبه أن تطوع الظروف والدنيا كلها لصالحك من دون أن تشعر بالخوف من مواجهة مواقف الحياة أياً كانت، اختبارات دراسية أو رهبة الالتحاق بعمل جديد أو مواجهة خيار السفر لمكان آخر بعيداً عن البيت والأسرة، أو حتى مقابلة طبيب أسنان. فعندما أكون في حضرة أبي لا يهمني شيء ولا أحس بالخوف بل بطمأنينة تملأ قلبي لتفيض على العالم وعلى الحياة. فمهما كبرت وصرت مهندسا، مدرساً، طبيباً أو صحافياً أو ذا منصب مهني عال سيظل حب أبيك ومكانتك في قلبه لا تتغير مهما تغيرت أحوالك وصرت أقوى وأكثر اعتمادا على نفسك، سيظل يتعهدك بالرعاية والنصح والوصايا التي تأتي من خبرة نهر الحياة الهادر، فحياة آبائنا إنما هي امتداد لحياة من سبقوهم. ستنظر دوماً إلى الأمام وأنت في حضرة الشيخ الوقور الذي أنفق سنوات ناضرات من عمره في تربيتك وتعليمك وإعدادك لحياة ناجحة وحظوظ دنيوية مختلفة، فنحن مدينون في وجودنا وحياتنا لآبائنا، فهم من يتحدّوْن ظروف الحياة ومصاعبها من أجلنا، يهاجرون للعمل في بلدان بعيدة ويتحملون فوق طاقاتهم لأجل أن نعيش نحن حياة كريمة، لا يهتم للمصاعب في سبيل تحصيل عيش أولاده، في سبيل أن نتواجد قدر الإمكان ضمن شروط وظروف حياة أفضل. شعور عظيم أن نعيش سنوات طويلة وأعماراً مديدة برفقة الأب، فهو الرجل الوحيد على هذا الكوكب الذي يعطي دون انتظار مقابل، الرجل الوحيد الذي مهما كنت يحبك بلا قيد وشرط، تظل مكانة الأب سامية لا يضاهيها علو كالوديعة الذهبية لها حاضر ومستقبل. فالأب حتى في حال تقدمه في العمر يظل الصديق الأمين، هو مستودع الحكمة والحب الذي لا ينضب ولا يمسه الزيف والتلون والتغير على مر الأيام، صديق يفضلك على نفسه، يحترق من أجلك. وسيظل أبي حباً يحكيه دعائي له دائماً، في نظر العالم أنت أبي، وفي نظري أنت العالم. أبي الغالي يا قلبي النابض، يا جنة أحلامي وينبوع حناني ويا شمس الأماني وأحلى من في حياتي، يا أولى نظراتي في الحياة، يا بلسم روحي الشافي، يا من وجدت في الحياة معنى لذاتي ويا أول قصة عشق في حياتي. ليتها الأيام تُهدى والسنين، مثلما تُهدى الهدايا بالتمام، لأهديتك عمري يا أبي. يا قدوتي الأولى، ونبراسي الذي ينير دربي، أنت من علمني أن أصمد أمام أمواج الحياة الثائرة، أنت من أرفع رأسي عالياً افتخاراً به، يا من أفديك بروحي، أبعث لك باقات حبي واحترامي وعبارات نابعة من صميم قلبي.\ وإن كان حبر قلمي لا يستطيع التعبير عن مشاعري نحوك، فمشاعري أكبر من أن أسطرها على الورق، ولكني لا أملك إلّا أن أدعو الله عز وجل أن يرحمك رحمة واسعة، فأنت باقٍ في قلبي وروحي وكل كياني.