مُني حزب العدالة والتنمية بهزيمة قاسية في الانتخابات البرلمانية المغربية بعد عشرة أعوام قضاها في رئاسة الحكومة، لصالح حزب التجمع برئاسة رجل الأعمال عزيز أخنوش الذي يوصف بالمقرب من القصر، وفق نتائج جزئية أعلنت ليل الأربعاء الخميس. وتصدر التجمع، المصنف ليبرالياً والذي لعب أدواراً أساسية في الحكومة المنتهية ولايتها، نتائج الانتخابات بحصوله على 97 مقعداً من أصل 395 بعد فرز 96 % من الأصوات، وفق ما أعلن وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت خلال مؤتمر صحافي. أما حزب العدالة والتنمية الإخواني، الذي وصل إلى رئاسة الحكومة في 2011، فسجل تراجعاً مدوياً إذ انخفضت حصته من 125 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته إلى 12 مقعداً فقط في البرلمان المقبل. ويرتقب أن يعين الملك محمد السادس خلال الأيام المقبلة رئيس وزراء من حزب التجمع يكلّف بتشكيل فريق حكومي جديد لخمسة أعوام، خلفاً لسعد الدين العثماني. وبعد فشله في هزم الإسلاميين قبل خمسة أعوام حافظ حزب الأصالة والمعاصرة على المرتبة الثانية ب82 مقعداً. وكان المنافس الرئيسي للعدالة والتنمية منذ أن أسّسه مستشار الملك محمد السادس فؤاد عالي الهمة في 2008، قبل أن يغادره في 2011. أما حزب الاستقلال، فحل في المرتبة الثالثة بنيله 78 مقعداً. والحزبان من المعارضة خلال الولاية البرلمانية المنتهية. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 50.35% وفق ما أعلن وزير الداخلية، علماً أنها المرة الأولى في تاريخ المملكة التي تقام فيها في اليوم نفسه انتخابات برلمانية ومحلية وجهوية. وتُعد الهزيمة المدوية للعدالة والتنمية مفاجأة كبيرة إذ ظلّت تقديرات محللين ووسائل إعلام محلية ترشحه للمنافسة على المراتب الأولى، في غياب استطلاعات للرأي حول توجهات الناخبين قبل الاقتراع. ولعب حزب التجمع أدواراً رئيسية في حكومة العثماني حيث تولى فيها وزارات مهمة مثل الزراعة، التي يسيرها أخنوش منذ 2007، والاقتصاد، والمالية، والصناعة، والسياحة. وأكد وزير الداخلية ليل الأربعاء الخميس أن التصويت مر في ظروف عادية، باستثناء بعض الأحداث المعزولة التي لم تؤثر على سيرها"، مشددا على الاحترام التام لسرية الاقتراع ونزاهة عمليات الفرز والإحصاء بحضور ممثلي لوائح الترشيح. وسبق أن ندد حزب العدالة والتنمية خلال الحملة الانتخابية، التي استمرّت أسبوعين، باستعمال المال لشراء أصوات ناخبين ولاستقطاب مرشحين، لكن دون تسمية أي طرف. من جهته وجّه الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي الاتهام مباشرة إلى حزب التجمع بالمسؤولية عن "إغراق" الساحة بالمال، ورد عليه الأخير متهماً إياه بالسعي إلى "ضرب مصداقية الانتخابات". وأظهرت مجريات الحملة الانتخابية غياب استقطاب واضح حول الخيارات السياسية والبرامج، في وقت ينتظر فيه أن يتبنّى جلّ الأحزاب السياسية ميثاقاً من أجل "نموذج تنموي جديد" يدشّن "مرحلة جديدة من المشاريع والإصلاحات" في أفق 2035، وفق ما أكد الملك محمد السادس في خطاب أخيراً.