أثار قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، قلقاً بشأن إمكانية عودة تنظيم القاعدة وتنظيمات أخرى للظهور بعد أن استطاع الوجود الأمريكي تحجيم تلك التنظيمات. ويقول الصحفي الفلسطيني الإسرائيلي خالد أبو طعمة في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي، إنه في الوقت الذي تستعد فيه الولاياتالمتحدة لاستكمال انسحابها من أفغانستان بحلول 31 أغسطس 2021، يشعر عدد متزايد من العرب بالقلق من أن الخطوة الأمريكية لن تعيد طالبان إلى السلطة هناك فحسب، بل ستؤدي أيضاً إلى عودة ظهور جماعات إرهابية أخرى مثل تنظيمي القاعدة وداعش. ويقول أبوطعمة إن "العرب يرون أن الأمريكيين مخطئون إذا اعتقدوا أن الحرب على الإرهاب سوف تنتهي بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان"، وأوضح أنهم يحذرون الولاياتالمتحدة من أنها ستدفع ثمناً باهظاً لسماحها لأفغانستان بالوقوع في أيدي الجماعات الإرهابية، كما يقولون إنهم لا يرون فرقاً بين طالبان والقاعدة وداعش، وكيف تتعاون هذه الجماعات علناً مع كل منهما الأخرى. ونقل التقرير عن منير أديب، الخبير المصري في الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي، أن حركة طالبان كانت تحمي تنظيم القاعدة في السابق ورفضت حتى تسليم زعيم التنظيم الراحل أسامة بن لادن إلى الولاياتالمتحدة أثناء إقامته في افغانستان، بحجة أن الأمريكيين لم يثبتوا علاقته بهجمات 11 سبتمبر 2001. وكتب أديب أن طالبان رفضت تسليم زعيم القاعدة ووفرت له الحماية التي لا تزال تتمتع بها جماعته حتى اليوم، وقال إن تقارير استخباراتية أكدت وجود تعاون أمني وعسكري بين طالبان والقاعدة اللتين قاتل عناصرهما معاً ضد القوات الأمريكية خلال العقدين الماضيين، وهذا يعني أن طالبان ملتزمة بالمبادئ الأساسية التي تتقاسمها مع تنظيم القاعدة. وأشار إلى أن خطر القاعدة وطالبان سوف يستمر في تهديد العالم، وحذر أديب من أن الولاياتالمتحدة ستدفع ثمن خروجها من أفغانستان، وأضاف أن "كلفة الانسحاب ستكون أكبر وأكثر خطورة على أمريكا والعالم بأسره. وقال : القاعدة وطالبان يستعدان لإقامة دولة ستكون ملامحها قريبة من ملامح داعش، لا يزال تهديد داعش موجوداً وخلاياه لا تزال منتشرة في كل مكان. وقال الخبير المصري إن خطر الإرهاب سيزداد بسبب فشل الأمريكيين في التشاور مع حلفائهم في الشرق الأوسط بما في ذلك مصر والسعودية والإمارات فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب. كما حذر عاطف السعداوي، الخبير المصري في الشؤون الاستراتيجية والدولية من أن الحرب على الإرهاب لم تنته بعد، وقال السعداوي إن تنظيم داعش لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لأمن واستقرار العالم. وأشار إلى أن خطر داعش لا يزال موجوداً، إن الاعتقاد بأن داعش قد انتهى، واتخاذ القرارات على أساس هذا الافتراض الخاطئ، هو أعظم هدية يمكن تقديمها لهذا التنظيم الإرهابي. وأضاف "هناك مسؤولية كبيرة على عاتق التحالف الدولي لمحاربة داعش، واستمرار هذا التحالف لا ينبغي أن يكون موضع نقاش، ولا ينبغي أن تتأثر مهمته بتغيير الإدارة الأمريكية". وسخر السعداوي من تصريحات الرئيس جو بايدن بأن الولاياتالمتحدة حققت أهدافها في مكافحة التهديد الإرهابي في أفغانستان، وتساءل: كيف يمكنكم الادعاء بأنكم نجحتم في مكافحة الإرهاب دون بناء دولة تعتنق أيديولوجية معتدلة وتوفر حياة كريمة تمنع الأشخاص من تبني أفكار المتطرفين؟. وقالت الكاتبة السعودية أمل عبد العزيز الهزاني إن هناك قلقاً متزايداً من أن طالبان والقاعدة في طريقهما للسيطرة على أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي. وأضافت أن استيلاء طالبان على كثير من المناطق في أفغانستان يظهر أن البلاد على وشك أن تشهد تحولات كبيرة. وأشارت إلى أن القوات الأمريكية على وشك المغادرة تماماً بحلول نهاية أغسطس المقبل، تاركة وراءها طالبان في قمة صعودها وحكومة أفغانية تقاوم عودة الحركة إلى السلطة. وأوضحت أن: الجميع مرعوبون، والسيناريوهات المقترحة متعددة، وأسوأها اندلاع حرب أهلية بين الحكومة وطالبان وداعش، وعودة تنظيم القاعدة لتهديد العالم مرة أخرى. كما انتقد الصحفي والمحلل السياسي السوري بهاء العوام الإدارة الأمريكية لمحاولتها إقناع العالم بأن الإرهابيين الذين تقاتلهم منذ سنوات يمكن التفاوض معهم والتعامل معهم كجماعات سياسية تستحق الوصول إلى السلطة. وقال العوام إن الولاياتالمتحدة أخطأت في اعتقادها بأن المصالحة مع حواضن الإرهاب ستوقف إنتاج إرهابيين وأن السلام سيسود في الشرق الأوسط والعالم. وتابع لكن المشكلة هي أن الجماعات المتطرفة والإرهابية والإسلام السياسي لا يعرفون كيف يعيشون دون خصومة، ولا يحبون العيش في سلام وبدون أعداء. وأضاف : صحيح أن القوة العسكرية الأمريكية قلصت تنظيم القاعدة ودمرت حلم تنظيم داعش بأن تكون له دولته الخاصة، لكنها لم تقض على الأيديولوجية الإرهابية. كما أنها لم تقتلع الإرهاب من جذوره، وما يزيد الطين بلة هو أن الانسحاب الأمريكي من المنطقة سيشكل انتصاراً لصالح المنظمات الإسلامية السياسية، والمنتصر يجذب الانتباه دائماً ويصبح محور اهتمام الجمهور. ويقول أبو طعمة إن هذه هي أجراس الإنذار التي يدقها العديد من العرب بصوت عال وواضح، ويبدو أنهم يأملون على وجه السرعة في أن تستيقظ الإدارة الأمريكية على حقيقة أن الحرب على الإرهاب لم تنته ولن تنتهي بعد الانسحاب من أفغانستان ويضيف أن هؤلاء العرب يقولون لإدارة بايدن بعبارات لا لبس فيها إن السياسات والإجراءات الأمريكية تقوض مصداقيتكم بين حلفائكم وتمهد الطريق لعودة الجماعات الإرهابية.