في تحرّك رمزي ينبئ بنهاية الحرب الأميركية الطويلة في أفغانستان، قام الجنرال سكوت ميلر الذي فاد قوات التحالف في أفغانستان منذ العام 2018 بإعلان استقالته وتسليم قيادة الملف الأفغاني إلى الجنرال كينيث ماكينزي قائد القيادة الأميركية الوسطى (سنتكوم) المسؤولة عن العمليات العسكرية الأميركية في عشرين دولة في الشرق الأوسط وفي وسط وجنوب آسيا، من ضمنها أفغانستان. وجاءت استقالة ميلر بعد 11 عاما من الخدمة في أفغانستان في وقت استكملت في الولاياتالمتحدة أكثر من 95 بالمئة من عملية الانسحاب النهائي من أفغانستان وسط تقدّم عسكري سريع لطالبان في وسط أفغانستان. وبحسب شبكة "ان بي سي نيوز" الأميركية فإن القيادة الأميركية أعطت أوامر بتنفيذ الانسحاب بشكل أسرع مما كان مخططاً له بعد أن تصاعدت المخاطر المحيطة بالقوات الأميركية القليلة المتبقية في أفغانستان في ظل تقدّم طالبان في عدة مواقع. ونقلت الشبكة عن الجنرال كينث ماكينزي الذي بات مسؤولاً عن السياسية العسكرية الأميركية في أفغانستان قوله إن طالبان تقوم بتحركات سريعة واستراتيجية للتقدم حيث تركز على الاستحواذ على المناطق الريفية أولاً، معرباً عن أمله بتمكن الحكومة الأفغانية من مواجهة طالبان والاستفادة من سلاح الجو الذي يعطي الجيش الوطني الأفغاني تفوقاً عسكرياً على طالبان التي تفتقر قوتها العسكرية لسلاح الجو، إلا أن ماكينزي أعرب أيضاً عن قلقه من قدرة الحكومة الأفغانية على استخدام سلاح الجو والموارد التي تركتها أميركا بالطريقة المثلى لمنع طالبان من السيطرة على مراكز المدن. من جانبه قال ميتش ماكونيل، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي، أن الانسحاب يحرج الولاياتالمتحدة ويظهر للعالم تسرّعنا وتهوّرنا في اتخاذ قرارات حساسة من هذا النوع دون التنسيق مع الشركاء مشيراً إلى انهيار كل شيء بما في ذلك شبكة التيار الكهربائي إثر انسحاب الولاياتالمتحدة المفاجئ من بعض المواقع في أفغانستان. وندّد ماكونيل بتحرّك بايدن السريع الذي سيترك حلفاء الولاياتالمتحدة في أفغانستان دون أي ضمانات، قائلاً، حين نفّذ الرئيس السابق دونالد ترمب انسحاباً مفاجئاً من سورية في العام 2019، هاجمه الرئيس بايدن بلهجة شديدة بسبب ترك حلفائنا الكرد دون ضمانات أمنية، وها هو بايدن يفعل اليوم ما فعله ترمب في سورية. وكشف ماكونيل عن ضعف التنسيق الأميركي مع المواطنين الأفغان الذين تحالفوا في الولاياتالمتحدة طيلة سنوات الحرب، حيث يتعرّض هؤلاء إلى تهديدات مستمرة من طالبان وعلى الرغم من وعود بايدن بتامين "فيز" للمتعاقدين الأفغان مع الجيش الأميركي إلا أن الإدارة لا تملك خطة لتنفيذ هذا الوعد، حتى إن بعض هؤلاء المتعاقدين محاصرون في مناطقهم وليس بإمكانهم الوصول الى السفارة الأميركية في كابول. وقال ماكونيل، على الرغم من إدراك مستشاري الرئيس بايدن بأن طالبان قادرة على أخذ البلاد في أقل من ستة أشهر، مضى الرئيس بايدن قدماً بالانسحاب ما يهدد أمن الولاياتالمتحدة وينبئ بعودة محتملة لتنظيم القاعدة إلى أفغانستان بالإضافة إلى استفادة منافسي الولاياتالمتحدة مثل روسيا من هذا الانسحاب. وأضاف ماكونيل: بينما تظهر الولاياتالمتحدة مللاً وتعباً من مكافحة الإرهابيين فإن الإرهابيين لم يتعبوا بعد من العمل ضد مصالح الولاياتالمتحدة والتآمر علينا واستهدافنا إذا تسنى لهم ذلك. وأفاد ماكونيل في حديثه لمجلس الشيوخ، لا أعرف ما خطط بايدن لحماية الأراضي الأميركية من الإرهابيين وألاحظ تجاهل لحقيقة أن الإرهاب لا يزال موجوداً. وفي حوار لشبكة "فوكس نيوز" الأميركية قال وزير الخارجية السابق مايك بومبيو إن الرئيس ترمب كان صاحب المبادرة والقرار الشجاع بتنفيذ الانسحاب النهائي من أفغانستان ليأتي بايدن ويستكمل تنفيذ هذا القرار في محاولة لجني المكاسب السياسية منه. وأعرب بومبيو عن تأييده للخطوة حيث لم يعد التواجد الأميركي في أفغانستان مثمراً بل بات يكلّف الولاياتالمتحدة مبالغ طائلة بينما تؤمن الولاياتالمتحدة الأوضاع الأمنية المناسبة لبلدان أخرى متواجدة ومستفيدة من أفغانستان مثل الصين التي تمضي قدماً ببناء ما يسمى ب"طريق الحرير" مع تعويل صيني كبير على الاستفادة من الموارد الباطنية في أفغانستان.