الحمد لله مجزل العطايا والهبات، الذي منّ علينا بإدراك موسم الخيرات، ثم الصلاة والسلام على نبينا المؤيد من رب السماوات، وعلى آله وصحبه وأزواجه العفيفات، ثم أما بعد عباد الله: إن لله علينا نعم عظيمة لا نحصيها ومن هذه النعم، هي بلوغ شهرنا المبارك، شهرٌ طالما تمناه الصالحون وأهل الخير، شهر راحة النفوس، شهرٌ تتلقاه القلوب بكل فرح وسرور. شهر المغفرة والرحمة، شهر الأنس وزيادة الرزق، شهر الأمن والإيمان، شهر البركات والنور، والبهجة والسرور، شهر الطاعات مضاعفة الأجور، شهر تتضاعف فيه الدرجات، وتقال فيه العثرات، وتسكب فيه العبرات، وتغفرُ فيه الزلات، فياله من رب كريم، ويالها من نعمة عظيمة، تستوجب الشكر، والاجتهاد في موسم الطاعات والقربات. قال الحق تبارك وتعالى : ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (البقرة 185). وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان، ويخبرهم عليه الصلاة والسلام أنه شهر تفتح فيه أبواب الجنة، وأبواب الرحمة وتغلق فيه أبواب جهنم وتغل الشياطين، يقول صلى الله عليه وسلم، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أَتَاكُمْ رَمَضَانُ؛ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ, تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ, وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ, وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ, لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ, مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ)، صححه الألباني كما في سنن النسائي برقم الحديث 2106 صفحة (336). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه، قال الله عز وجل: (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يُضاعفُ؛ الحسنةُ بعشرِ أمثالِها، إلى سَبْعِمائةِ ضِعفٍ، قال اللهُ تعالى: إِلَّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لِي، وأنا أجزي به، يَدَعُ شهوتَه وطعامَه من أجلِي، وللصائمِ فرْحتانِ: فرحةٌ عند فِطرِه، وفرحةٌ عند لقاءِ ربِّه، ولَخَلُوفُ فمِ الصائمِ، أطيبُ عند اللهِ من ريحِ المِسكِ)، أخرجه البخاري، برقم الحديث 1904، صفحة رقم (362)، ومسلم، في صحيحه، برقم الحديث 1151، صفحة رقم (444). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)، أخرجه البخاري، برقم الحديث 38، صفحة رقم (31(، ومسلم، برقم الحديث 760، صفحة رقم (299). وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)، أخرجه البخاري، برقم الحديث 2009، صفحة رقم (380(، ومسلم، برقم الحديث 759، صفحة رقم (299). اللهم اجعلنا ممن يتنافس فيه بفعل الخيرات والطاعات، وتمنّ علينا فيه بالقبول ورفعة الدرجات، وغفران الذنوب والسيئات، يارب العطايا والهبات. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم البعث والنشور.