أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده تقر بشرعية الانتخابات الرئاسية التي جرت في بيلاروسيا شهر أغسطس الجاري وأسفرت عن فوز الرئيس ألكسندر لوكاشينكو بولاية رئاسية جديدة. في السياق، حض الاتحاد الأوروبي موسكو الجمعة على عدم التدخل في بيلاروس، بعدما تعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتقديم دعم عسكري لرئيسها. وبينما ناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المجتمعين في برلين الأزمة، اتهم رئيس بيلاروس ألكساندر لوكاشنكو، الذي يواجه احتجاجات غير مسبوقة تطالب بتنحيه، الغرب بمحاولة الإطاحة به لإضعاف موسكو. بدورها، عرضت أوكرانيا المجاورة التي شهدت احتجاجات دامية عام 2014 أطاحت برئيسها الموالي لروسيا آنذاك، إيواء مواطني بيلاروس الفارين من حملة نظام لوكاشنكو الأمنية. ورفض الاتحاد الأوروبي النتائج الرسمية لانتخابات التاسع من آب/اغسطس التي جرت في بيلاروس، والتي أعيد فيها انتخاب ألكسندر لوكاشنكو بثمانين في المئة من الأصوات. ويستعد التكتل لفرض عقوبات على نظامه ردا على ما يعتبره تزوير الاقتراع والحملة الأمنية العنيفة بحق متظاهري المعارضة. وتعهد بوتين الخميس بإرسال جيشه إلى بيلاروس لإعادة الاستقرار إليها بعد أسابيع من التظاهرات الضخمة التي دعت لوكاشنكو، الذي يوصف أحيانا "بآخر دكتاتور في أوروبا"، إلى التنحي وإجراء انتخابات جديدة. وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بعدما أجرى محادثات مع وزراء خارجية التكتل في برلين "سمعت مرّات عديدة من روسيا نغمة أن هذه مسألة داخلية بالنسبة لبيلاروس وأنهم لا يرغبون بتدخل خارجي. أفترض أن الوضع ينطبق عليهم كذلك". وأضاف "لشعب بيلاروس وحده حق تقرير مصيره. إذا كانت روسيا تؤمن باستقلال وسيادة الدولة فستحترم رغبات وخيارات شعب بيلاروس الديموقراطية". بدوره، شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة على أن "جميع أشكال التدخل الخارجي في بيلاروس ستدوّل المسألة"، مضيفا أن "الأسوأ سيكون تدخل روسيا". وأضاف أنه اتفق مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على ضرورة عدم تكرار سيناريو 2014 الذي شهدته أوكرانيا بعد انتفاضة 2014 إذ ضمت حينها موسكو شبه جزيرة القرم. ودعا بوتين الخميس السلطات في مينسك والمعارضة ل"إيجاد مخرج" سلمي للأزمة، لكن تهديد الكرملين بالتدخل العسكري عزز احتمال تدهور الوضع في البلد المتاخم للاتحاد الأوروبي. وجدد لوكاشنكو الذي حكم الدولة السوفياتية سابقا لمدة 26 عاما اتهاماته للغرب بالسعي للإطاحة به لمآرب خاصة به. وقال وفقا لوكالة الأنباء الرسمية "بيلتا" إن "بيلاروس مجرّد منصة انطلاق إلى روسيا كالعادة". وأضاف "بخلاف هتلر الذي أرسل جيشه إلى موسكو، يحاولون تدمير الحكومة القائمة هنا واستبدالها بواحدة جديدة ستطلب من دولة أخرى مساعدات عسكرية ونشر جنود". ودعم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين يجرون محادثات غير رسمية مع بوريل في برلين قائمة من 20 شخصا قد يتم بموجبها تجميد أصول تابعة لهم وفرض حظر سفر عليهم ردا على دورهم المفترض في تزوير انتخابات بيلاروس أو قمع المتظاهرين. وقال بوريل إن القائمة قد تشمل "شخصيات على أعلى المستويات السياسية" لكن يستبعد أن يدرج لوكاشنكو نفسه عليها، رغم دعوات بعض الدول لاستهدافه. ويدعم الاتحاد الأوروبي العمل الذي تقوم به منظمة الأمن والتعاون في أوروبا للتوسط من أجل الوصول إلى حل للأزمة عبر التفاوض وبالتالي قد يؤدي استهداف لوكاشنكو شخصيا إلى نتائج عكسية في هذا السياق. وأكد ماكورن الجمعة "تتمثل رغبتنا في انخراط روسيا في حوار بشأن بيلاروس ومساعدتنا على إقناع الرئيس لوكاشنكو بضرورة قبول الوساطة" التي تقوم بها المنظمة. ووصفت المنظمة الجمعة العنف الذي شهدته بيلاروس بعد الانتخابات بأنه "مقلق للغاية" ودعت مينسك لقبول عرضها دعم الحوار وتجنّب "كابوس" في البلاد. وقال رئيس المنظمة حاليا رئيس الوزراء الألباني إدي راما إنه كلما بدأ الحوار بشكل مبكر أكثر "كلما كان الوضع أفضل بالنسبة للجميع". في الأثناء، أعلنت أوكرانيا التي ضمت روسيا شبه جزيرة القرم منها بعد انتفاضة 2014 أنها ستؤوي مواطني بيلاروس الفارين من الحملة الأمنية التي شنها نظام لوكاشنكو. وقال وزير الخارجية دميترو كوليبا إن مواطني بيلاروس الذين يسعون لدخول "أوكرانيا في محاولة للهروب من الأزمة" سيحصلون على تصاريح دخول من حرس الحدود في بلاده. وأوضح إنهم سيحصلون على معاملة تفضيلية وسيُعفون من الحظر الذي فرضته أوكرانيا على الأجانب لمدة شهر بعد أن سجل مسؤولو الصحة زيادة قياسية في الإصابات بفيروس كورونا المستجدّ. وفرقت أجهزة لوكاشنكو الأمنية الاحتجاجات السلمية بشكل عنيف واعتقلت ما يقرب من 7000 شخص في حملة أثارت اتهامات واسعة النطاق بوقوع تعذيب وانتهاكات لحقوق الإنسان على أيدي الشرطة. وفرت زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا إلى ليتوانيا المجاورة عضو الاتحاد الأوروبي بعد أن أعلنت أنها هزمت لوكاشنكو ودعت إلى تنظيم احتجاجات.