أكد الكاتب عبد الرحمن عبيد السدر أن صلاة الليل سنة مؤكدة لقول الله سبحانه في صفة عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}،]سورة الفرقان: 64}، وفي صفة المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، }سورة الذاريات: 17-18}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)، رواه مسلم في صحيحه. ولفت السدر إلى أن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}،{سورة المزمل: 1-4}، وقال سبحانه وتعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {سورة السجدة: 16-17}، فصلاة الليل لها شأن عظيم والمشروع فيها أن تكون مثنى مثنى،لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، متفق على صحته من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وأضاف: أفضل الصلاة في آخر الليل، إلا من خاف ألا يقوم في آخره فالأفضل له أن يصليها في أول الليل قبل أن ينام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم في آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)، رواه مسلم في صحيحه. واستطرد: أقلها واحدة، ولا حد لأكثرها فإن أوتر بثلاث، فالأفضل أن يسلم من اثنتين ويوتر بواحدة، وهكذا إذا صلى خمسا يسلم من كل اثنتين ثم يوتر بواحدة وإن سرد الثلاث أو الخمس بسلام واحد ولم يجلس إلا في آخرها فلا حرج، بل ذلك نوع من السنة لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك في بعض تهجده، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سرد سبعاً ولم يجلس إلا في آخرها، وثبت عنه أنه في بعض الأحيان جلس بعد السادسة وأتم التشهد الأول ثم قام قبل أن يسلم وأتى بالسابعة. وقال السدر: الأفضل وهو الأكثر من عمله صلى الله عليه وسلم أن يسلم من كل اثنتين ثم يوتر بواحدة. والأغلب من فعله صلى الله عليه وسلم أنه يوتر بإحدى عشرة ركعة ويسلم من كل اثنتين. وقد تنوعت صلاة السلف الصالح في الليل، فمنهم من يكثر الركعات ويقصر القراءة، ومنهم من يقلل الركعات ويطيل القراءة، وكل ذلك واسع بحمد الله ولا حرج فيه مع مراعاة الخشوع والطمأنينة. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، أنه كان إذا شغله نوم أو مرض عن صلاة الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة. مجموع فتاوى ورسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله – المجلد الحادي عشر، صفحة رقم (296-300). عباد الله لم يبقى من شهركم سوى القليل، فهل من مشمر، فالأعمال بالخواتيم. ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله)، أخرجه البخاري، برقم الحديث 2024، صفحة رقم (382(، ومسلم، برقم الحديث 1174، صفحة رقم (458). وفي رواية لمسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها)، أخرجه مسلم، برقم الحديث 1175، صفحة رقم (458). ففي هذين الحديثين يتبين لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهتم ويجتهد في هذه العشر الأواخر، لما لها من مزيد فضل عن غيرها، ومما يكون في هذه العشر من الأعمال وليس حصراً عليها وهو لزوم مسجد لطاعة الله عز وجل، والتفرغ لمناجاته، وهو سنة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ودوامه عليه.