خالد الثبيتي إن قيادة الوزارات والمؤسسات والشركات تختلف كلياً عن الحديث عن مفهوم القيادة ونظرياتها، فالقيادة ليست نظرية يتم تطبيقها على أرض الواقع، وليست أسلوباً يتم التعامل به مع المرؤوسين، القيادة هي شخصية القائد ذات السمات القيادية والكريزما النوعية التي توظف النظريات في مواقفها المختلفة، وتجيد التعامل مع الشخصيات المتباينة، قادرة على صنع القرار، وتحفيز الموظفين، تمتلك رؤية مستقبلية، طُموحها الآخرين، وهدفها الإنجاز، تعمل من أجل المؤسسة. وحينما يتولى أحد ما قيادة دولة أو وزارة أو مؤسسة أو شركة، فإن المهتمين بالإدارة والقيادة يضعونه أمام محكٍ حقيقي واختبارٍ واقعي حول قدرته على القيادة والنجاح خلال الأشهر الأولى من توليه زمام القيادة، فمن المختصين من حددها بتسعين يوماً، وهناك من حددها بمائة يوم، وآخرون حددوها بمائة وعشرين يوماً، ويظل تحديد المدة الزمنية للقائد تحديداً نسبياً يختلف باختلاف شخصية القائد، ويختلف باختلاف طبيعة المؤسسة وحجمها وأهدافها، وآياً كانت المدة الزمنية للقائد، فإنه يتعين على القائد القيام بعدد من الخطوات والإجراءات القيادية التي تضمن نجاحه في العمل القيادي، وقيادة المؤسسة لتحقيق أهدافها المستقبلية، وتلك الإجراءات هي على النحو التالي: * الاستماع والملاحظة وطرح الأسئلة: أفضل استراتيجية للقائد في المرحلة الانتقالية هي في الأساس أن يصبح متعلماً مرة أخرى، والتعلم لا يكون إلا من خلال الاستماع لمن له علاقة بالمنظمة أو المؤسسة من إداريين وموظفين ومستفيدين، وكذلك الملاحظة للعمليات والإجراءات التي تتم داخل المؤسسة ومع المؤسسات الأخرى، وطرح الأسئلة لمن يكون لديه إجابة تتعلق بواقع المؤسسة وطبيعة عملها، فالاستماع والملاحظة وطرح الأسئلة عمليات سهلة وقوية في الوقت نفسه، لكن يصعب على الناس قبولها، ومن الأخطاء التي يقع بها القادة اعتقادهم أن لديهم من الخبرة والحنكة ما يغني عن الاستماع والملاحظة وطرح الأسئلة، وليس كل القادة يمكنهم القيام بذلك. * بناء علاقات: إن بناء علاقات جديدة يعتبر مفتاح النجاح في المنظمات والمؤسسات الجديدة، وتوجد علاقات مختلفة مهمة ينبغي على القائد الاهتمام بها وخصوصاً مع المديرين بالمؤسسة والأقران، ومعدي التقارير المباشرة؛ للحصول على الدعم المباشر؛ ولأجل مقاومة التغيير التي قد تحدث أثناء التغيير والتطوير. وتعتبر تكوين العلاقات ذات أهمية بالغة للمؤسسة لتجهيز القائد في المرحلة الانتقالية لتحقيق النجاح، ومهم بشكل خاص في إعادة فهم أسلوب التواصل المفضل، ومعرفة تفضيلات المديرين والقادة. * احترام الثقافات الموجودة بالمؤسسة: لكل مؤسسة ثقافة تشكلت مع الزمن ومن خلال الأنظمة والتنظيمات واللوائح والقوانين وأساليب القيادة السابقة، وأصبح لكل فرد في المؤسسة ثقافة شخصية وثقافة تنظيمية. والقادة الجدد في المرحلة الانتقالية يكونوا متحمسين لإعادة تصميم وتغيير ثقافة المؤسسة؛ لأنهم يحملون رسالة مفادها أنه تم تعيينهم لتعزيز التغيير وقيادة المؤسسة في المرحلة الانتقالية. ويكون احترام ثقافة المؤسسة بإظهار اهتمام حقيقي بما تقوم به المؤسسة من أعمال جيدة، وتقديم هذه التعليقات للآخرين هي طريقة واقعية لإظهار الاحترام وإثارة التفكير حول نقاط القوة التي يمكن أن تكون أكثر قوة.ققققققق * الوضوح والقرب من الآخرين: يحتاج الموظفون في المؤسسة من القائد الجديد في المرحلة الانتقالية معرفة الفرص والتحديات التي تواجهها المؤسسة بوقت مبكر ليصبح لهم أدوار فعالة يقومون بها. وحينما لا تكون الفرص واضحة للموظفين، فمن الطبيعي أن يصنعوا افتراضات من أنفسهم حول القيم الشخصية وأساليب الإدارة للقائد، وهذه الافتراضات ربما تكون غير دقيقة، وقد تؤثر على أداء المؤسسة في المرحلة الانتقالية، وتعيق عمل القائد. الوضوح والشفافية مهمة في كل مستويات المؤسسة ووظائفها المختلفة، خاصة إذا كانت العمليات موزعة جغرافياً، وغياب الوضوح قد يحدث ردة فعل عكسية تقود المؤسسة إلى الوراء. * الحصول بوضوح على التوقعات: حينما يتم اختيار وتعيين قائد جديد للمؤسسة، يبدأ يدور في أذهان كل الموظفين بالمؤسسة – على اختلاف مستوياتهم – توقعات حول القائد الجديد في المرحلة الانتقالية، وتوقعات حول تعامل القائد معهم. فالتوقعات الواضحة للقائد تنطوي على فهم واضح للتفويض وللدور وللوصف الوظيفي والأهداف وقياس الأداء، فالقائد يحتاج بشكل استباقي الحصول على هذه الخصوصية، فالحوارات بين القائد والمديرين بالمؤسسة هي أساس التعاقد للنتائج والسلوكيات المرغوبة. * كن ذاتك الأصيلة، وحدد من أنت: في ظل الضغوط التي تواجه القائد الجديد من تلبية توقعات الدور الجديد المطلوب منه من قبل الموظفين، ينتهي به الأمر لتمثيل دور من شخصيته لا يعكس ذاته الأصيلة. وقد يكون من الصعب جداً الحفاظ على هذه الشخصية بمرور الوقت، ويمكن أن تعيق تطوير علاقات قوية مع الآخرين في البيئة الجديدة. وحالياً المؤسسات مطالبة بالقيادة الأصيلة أكثر من أي وقت مضى، فالقادة الذين يحظون بتقدير كبير هم أولئك الذين يبرزون الوعي الذاتي والتواضع؛ ليعرف الآخرين نقاط القوة والضعف والأدوار المطلوبة منهم في ظل التحديات الجديدة. فالقادة الذين يتعاملون بطرق لا تتفق مع قيمهم، أو الذين يتفاعلون مع مجموعة واحدة من الموظفين بطريقة و مع مجموعة أخرى بطريقة مختلفة، يُنظر إليهم على أنهم غير أصليين وغير أخلاقيين في سلوكهم. والأفضل للقائد أن يكون كما هو دون تصنع أو أدوار غير واقعية لا تعكس شخصيته القيادية. * طلب المساعدة في إنشاء أنظمة الدعم: حينما يرتبط القادة بمنظمة جديدة، عادة ما يتركون خلفهم أنظمة دعم كانوا يعتمدون عليها للحصول على المساعدة، وكان القادة يشعرون بأمان شديد في معرفة من يمكنهم الوثوق بهم والاعتماد عليهم، الآن يحتاجون إلى البدء من الصفر في إنشاء أنظمة دعم في المؤسسة الجديدة. فالقادة في المرحلة الانتقالية يحتاجون إلى تطوير علاقات في بيئة العمل الجديدة لتزودهم بواقعية وبصيرة حول واقع أعمال المؤسسة. فالقادة الذين يستفيدون بفعالية من الموارد من حولهم ويبادرون في طلب المساعدة، هم أولئك القادرون على تحقيق أقصى قدر من التأثير. * اتخاذ قرارات مبكرة بشأن الإصلاحات الصغيرة والسريعة: ينبغي للقائد أن يسأل نفسه في بداية عمله خلال الثلاثة الأشهر الأولى في المؤسسة السؤال التالي: ما التحسن الأكثر دراماتيكية الذي يمكن أن أجريه في أول ثلاثة أشهر من عملي؛ حتى أتمكن من اثبات وجودي؟ وأفضل طريقة في رأيي لتحقيق الانتصارات المبكرة هي توليد بعض الحلول السهلة والسريعة التي توفر الراحة للآخرين وتصنع نتائج ملموسة. القادة الجدد الناجحون يعالجون القضايا الصغيرة التي احبطت الآخرين لبعض الوقت، ولكن لم يكن أحد يتعامل معهم. إن اتخاذ قرار مبكر بشأن إصلاحات صغيرة وسريعة يسمح للقائد الجديد بإثبات حسن التقدير مع تقليل المخاطر. يحتاج الموظفون والآخرون إلى الاعتقاد بأن القائد الجديد يفهم المؤسسة أولاً قبل تحقيق إنجازات كبرى. يحتاج القادة الفاعلون في المرحلة الانتقالية الوقت اللازم لوضع خطة لتحقيق الإنجازات الكبيرة للمؤسسة. * تقييم وبناء الفريق: القادة العظماء يعلمون أن نجاحهم يعتمد وبشكل كبير على المواهب، والتقارير المباشرة، وقوة الفريق الذي يصنعونه. يقضي القادة في المرحلة الانتقالية وقتاً في تحديد كيفية أداء مجموعة الأفراد الذين يعتمدون عليهم كفريق. يضع القادة الجدد خطة للاستفادة من مناطق القوة وتطوير مجالات الضعف في المؤسسة. يتم عقد اجتماعات لمناقشة أدوار المواهب ومسئولي التقارير وفريق العمل وقوتهم وإنجازاتهم وشغفهم ومصالحهم المهنية والمستقبلية. * بناء الرؤية ووضع الخطة بشكل تعاوني: يشعر العديد من القادة حينما يتولون القيادة في مؤسسة جديدة بالضغط والحاجة إلى وضع رؤية لفريقهم خلال الأسابيع القليلة الأولى من الانضمام. وينبغي أن تعكس الرؤية مدخلات أعضاء الفريق وأصحاب المصلحة الرئيسية وأعضاء الفريق الداخلي والعملاء، بحيث تكون الرؤية شاملة للحصول على الموافقة عليها بحيث تثير اهتمام الآخرين وتشركهم في تحقيقها، وقد يستغرق الأمر قدراً من الوقت. د. خالد بن عواض بن عبدالله الثبيتي