هل ما زال ممكناً تفادي حرب تجارية مفتوحة بين الولاياتالمتحدة وحلفائها؟ الكرة الان في ملعب الاتحاد الاوروبي الذي يتعين عليه ان يحدد رده على الرسوم الاميركية على الفولاذ والالمنيوم وذلك على خلفيات تطورات سياسية مهمة في القارة العجوز. وصرحت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديركا موغيريني، يوم الجمعة 01 يونيو 2018، ان الاتحاد لا يخوض حربا ضد أحد، وأنه من البديهي ان يدافع التكتل عن مصالحه في مواجهة الاجراءات التجارية الاميركية. لكن الدفاع عن المصالح دون إثارة تصعيد يمكن ان ينطوي على تبعات كارثية على صعيد الاقتصاد العالمي ليس بالمهمة السهلة ازاء الولاياتالمتحدة التي تفرض الجمعة رسوما بنسبة 25% على وارداتها من الحديد الصلب و10% على تلك من الالمنيوم من الاتحاد الاوروبي وكنداوالمكسيك. وازاء هذا القرار المرتقب منذ شهرين وغير المسبوق في التاريخ الحديث للعلاقات بين الولاياتالمتحدة وحلفائه المقربين كان الرد مباشرا من كنداوالمكسيك. فقد أعلنت أوتاوا فرض رسوم على ما قيمته 16,6 مليارات دولار كندي (12,8 مليار دولار أميركي) من المنتجات الاميركية، كما ندد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بما اعتبره "اهانة للشراكة الأمنية القائمة منذ زمن طويل بين كنداوالولاياتالمتحدة. وتعهدت المكسيك من جهتها باتخاذ اجراءات مماثلة على منتجات أميركية متنوعة من بينها بعض أنواع الفولاذ والفواكه والأجبان على أن "تظل سارية طالما الحكومة الاميركية لم تلغ الرسوم التي فرضتها.على الصعيد الاوروبي، كان الرد شفهيا في البدء. قرار غير مشروع اعتبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان القرار "خطأ" وانه "غير مشروع"، وذلك في اتصال هاتفي مع نظيره الاميركي دونالد ترامب. أما المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل، فأعربت عن القلق ازاء تصعيد سيسيء الى الجميع.ويشكل القرار الاميركي اختبارا للثنائي الالماني الفرنسي. وتبنت باريس التي لا تحتل مرتبة عالية على صعيد الأداء التجاري العالمي نبرة أكثر تشددا من برلين الحريصة دائما على مصالح جهات التصدير المتعددة الالمانية. بشكل عام يشكل القرار تحديا لقدرة الاتحاد الاوروبي على ان يتكلم بصوت واحد في الوقت الذي يتولى فيه تحالف بين حزب مناهض للمؤسسات وحركة من اليمين المتطرف الحكومة في ايطاليا وبينما اختار البرلمان الاسباني بيدرو سانشيز رئيسا للحكومة الجمعة بعد ان حجب الثقة عن ماريانو راخوي. وكان رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر حذر يوم الخميس 31 مايو 2018 من ان الولاياتالمتحدة لا تترك لنا خيارا سوى رفع الخلاف أمام منظمة التجارة العالمية وفرض رسوم جمركية اضافية على منتجات أميركية. وكانت المفوضية قد أعدت في أواخر نيسان/ابريل لائحة بمنتجات رمزية على غرار التبغ والويسكي الاميركي والجينز ودراجات نارية يمكن ان تفرض عليها رسوما جمركية عاليا اعتبارا من 20 حزيران/يونيو لكن بعد نقاش بين الدول الاعضاء. مخاوف حول السيارات اذا كان من المتوقع ان تكون التبعات الاقتصادية للضرائب الاميركية على الفولاذ والالمنيوم محدودة فان الخطر الاساسي هو بحصول تصعيد مع اجراءات للرد واخرى مضادة ما سيزعزع استقرار حركة المبادلات التجارية في العالم. يقول سيباستيان جان مدير معهد "سي او بي اي اي" حول الاقتصاد العالمي لوكالة فرانس برس "من المبكر والمبالغ به الحديث عن حرب تجارية". وقال باسكال لاميه المدير العام السابق لمنظمة التجارة العالمية "علينا ان نبقي الامور في نصابها"، بالنظر الى الحجم المحدود لهذين المعدنين على صعيد التجارة بين الولاياتالمتحدة واوروبا، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بفرض ما بين 10 و20% من الرسوم على صادرات أوروبية بقيمة ستة مليارات يورو "أي على جزء صغير من الصادرات". مع ذلك قال لامي لاذاعة "فرانس اينفو" الجمعة ان القرار الاميركي "تطور مقلق"، وان تبريره بدواعي "الامن القومي" أمر "سخيف". أما معهد "اوكسفورد ايكونوميكس" للأبحاث فقال ان "الخطر الحقيقي بالنسبة الى اوروبا هو غياب رد استراتيجي على برنامج +أميركا أولا+ الذي يدعو اليه ترامب". ويجمع الخبراء على ان حربا تجارية ستقع فعلا إذا طبقت الولاياتالمتحدة تهديدها بفرض رسوم على وارداتها من السيارات ما "سيصيب محرك المبادلات الدولية في الصميم". وقال عملاق السيارات الالماني فولكسفاغن نخشى ان يكون القرار بداية منحى سلبي من الاجراءات والاجراءات المضادة الكل فيها خاسر. ويسود ترقب لمعرفة ما سترقى اليه الجبهة التجارية المفتوحة بين ترامب والصين اذ من المتوقع ان يصل وزير التجارة الاميركي ويلبور روس الى بكين السبت حيث يجري محادثات لمدة ثلاثة أيام.