ينطبق المثل الشعبي الدارج "ما فيه محبة إلا بعد عتاب" على علاقة المدرب الهولندي للمنتخب السعودي الأول لكرة القدم بيرت فان مارفيك والجماهير الرياضية السعودية، حيث شهدت تلك العلاقة الكثير من الأحداث ما بين شد وجذب، ونقد وإشادة وبات الهولندي مارفيك في كثير من الأحيان حديث الشارع الرياضي السعودي بكل أطيافه وبكل وسائله الإعلامية المتنوعة التي تتمتع بقوة تأثير كبيرة، إضافةً إلى الصخب الجماهيري والحب الكبير للجماهير الرياضية السعودية لرياضة كرة القدم ولمنتخبها تحديدًا، وهو ما جعل علاقتها بالمدير الفني مارفيك على صفيح ساخن. البداية كانت بتعاقد إدارة اتحاد كرة القدم برئاسة رئيس الاتحاد السابق أحمد عيد مع مارفيك ليقود المنتخب في التصفيات المؤهلة لمونديال روسيا 2018م، وكان التوقيع في أبريل 2016، وهو التعاقد الذي شابه صمت من جانب الجماهير الرياضية السعودية في انتظار ما سيقدمه الهولندي مع الصقور الخضر. مرت المرحلة الثانية من التصفيات بهدوء وسلام ما بين مارفيك والجماهير السعودية بعد أن نجح في تجاوزها عندما لعبت السعودية بجانب كل من (تيمور الشرقية، فلسطين، ماليزيا، الإمارات) ليعبر الأخضر إلى التصفيات النهائية المؤهلة لنهائيات كأس العالم في روسيا 2018م. وضعت القرعة المنتخب السعودي في المجموعة الحديدية بجانب منتخبات كل من (اليابان، أستراليا، الإمارات، العراق، تايلند)، ليخوض مارفيك مع الصقور الخضر أولى مبارياته في التصفيات النهائية أمام منتخب تايلند في لقاء أقيم على استاد الملك فهد الدولي بالرياض وهو اللقاء الذي فاز فيه المنتخب السعودي بهدف وحيد من ركلة جزاء، ليتلقى عقبها مارفيك سيلاً من انتقادات الجماهير ومن كل وسائل الإعلام نظير الفوز الذي وضف ب "الضعيف" وغير المقنع خصوصًا أن المباراة كانت أمام فريق مغمور، بالإضافة إلى كونها مباراة تلعب على الأرض السعودية وبدعم عشرات الآلاف من الأنصار. استمرت الانتقادات التي يتعرض لها مارفيك عقب الفوز الصعب والذي كان في ثاني مباريات المنتخب السعودي في التصفيات النهائية أمام المنتخب العراقي في اللقاء الذي أقيم في العاصمة الماليزية كوالالمبور بعد أن تقدم المنتخب العراقي بهدف ليتدارك نظيره السعودي الموقف ويعدل النتيجة، ومن ثم يحرز هدف الفوز في آخر دقائق المباراة، وقد اعتبر البعض أن هذه المباراة كانت أشبه بجرس انذار لمارفيك الذي لا يزال يواجه انتقادات واسعة حينها، خصوصًا بعد ظهوره كمحلل فني لأحد القنوات الأوربية لتشن عقبها وسائل الإعلام السعودية حملةً شرسة على مارفيك مطالبةً اتحاد كرة القدم باتخاذ إجراءات ضد المدرب الهولندي الذي تم انتقاده بشكل حاد نظير عدم تواجده كذلك في السعودية، وعدم متابعته لدوري "جميل" السعودي للمحترفين، وإسناد تلك المهمة لمساعديه. عاد بعدها الصقور الخضر لخوض لقاء المنتخب الأسترالي في الجولة الثالثة من التصفيات على ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة "الجوهرة" المشعة وهو اللقاء الذي حظي بدعم جماهيري كبير جدًا قارب ال (60) ألف متفرج، وقدم خلاله المنتخب السعودي مباراة كبيرة تقاسم فيها السيطرة مع نظيره الأسترالي لينتهي اللقاء بتعادل المنتخبين بهدفين لهدفين خفت عقبها حدة النقد التي طالت الهولندي. خاض الأخضر لقاءه الرابع في التصفيات أمام المنتخب الإماراتي وانتهى سعودي بثلاثة أهداف دون رد ليعود الصقور لواجهة المنافسة بقوة على صدارة المجموعة وتخف حدة النقد بشكل كبير للمدرب مارفيك، وعلى الرغم من تعرض المنتخب للخسارة أمام المنتخب الياباني في آخر مباريات ضمن منافسات "الذهاب" إلا أن الجماهير كانت تضع الثقة في الهولندي والكتيبة الخضراء بشكل كبير وكامل وهو ما نتج عنه لحمة كبيرة توالت عقبها الانتصارات السعودية في لقاء تايلند هناك في بانكوك بثلاثية، وكذلك تغلبه على نظيره العراقي والذي حل ضيفًا على المنتخب السعودي وانتهى اللقاء بهدف دون رد. كل تلك الانتقادات تلاشت واختفت وتحولت كوابيس الخوف من مارفيك إلى أحلام جميلة تداعب الجماهير السعودية في الوصول إلى مونديال روسيا عقب غياب دام ما يقرب من ال (12) عامًا، كل ذلك أتى بعد عتاب ونقد وانتقاد لعمل الهولندي الذي وصفته لاحقًا الجماهير السعودية "بالداهية" بعد أن نجح في إيجاد توليفة من اللاعبين تغذيها روح عالية لا مثيل لها، وإيجاده لهوية فقدها المنتخب السعودي داخل المستطيل الأخضر خلال السنوات الماضية وبات رقمًا صعبًا في القارة الصفراء ومنافسًا قويًا على خطف إحدى بطاقتي الصعود لمونديال روسيا 2018م.