عنوان المقال مشتق من كتيب للمؤلف سبنسر جونسون (من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي) أبدع بعرض قصة رمزية ذات مغزى كبير ودلالات عميقة لعملية التغيير في حياتنا على المستوى الفردي والمؤسسي. ومختصر هذه القصة ضروري بعد إعلان رؤية 2030 وما تتطلبه من وعي وإدراك واستجابة وتفاعل مع عملية التغيير الكبرى المنتظرة . القصة تدور حول أربعة كائنات (سنيف، سكوري) من الفئران و(هيم، هاو ) قزمان يتصرفان كالبشر يتحركون في متاهه وجميعهم يبحثون عن قطع الجبن التي تمدهم بالغذاء والسعادة، فالجبن يرمز إلى الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها كوظيفة مرموقة أو تحصيل شهادة علمية عليا أو جمع ثروة الخ، والمتاهة ترمز إلى المكان الذي نبحث فيه عن الأهداف المأمولة كالأسرة أو المؤسسات أو المجتمع، وفي كل صباح يخرجون للبحث عن قطعة الجبن حيث تبحث الفئران معتمدة على المحاولة والخطأ بحاسة شمهما، والقزمان معتمدان على التفكير والتعلم من خبراتهم السابقة، وتمكنوا من الوصول والحصول على قطع الجبن اللذيذ، واستمروا يومياً على ذلك بأقل مجهود ودون أن يفكروا في مصدر الجبن ومن الذي وراءه وتوصلوا إلى قناعة بأنه ملكهما وسيكفيهما مدى الحياة. وبعد فترة من الزمن لاحظ الفئران تناقص الجبن وكانا مستعدان للتغيير بالبحث عن الجبن في مكان آخر، في حين أن القزمين لم يلاحظا ذلك وفوجئا بعدم وجود الجبن ذات يوم في مكانه وأخذ يصرخ (هيم) من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي، ووقف طويلاً أمام هذا التغيير بذهول دون ما حراك، وشعرا بالظلم والكآبة وبقيا على ترددهما فترة طويلة من الزمن . لقد كان الأمر يتطلب منهما عملاً مستمراً وجاداً أكثر من مجرد الحصول على الجبن كل يوم، واختلفت رؤية القزمين، حيث يرى (هاو) أن الجبن إحساس بالأمان وبناء أسرة سعيدة والعيش في كوخ دافئ وصغير في حين يرى (هيم) أن الجبن إحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين وبناء منزل كبير خاص به . بدأ (هيم) في التفكير في حلول ويستحث (هاو) لذات الغرض، خلال هذه الفترة كان الفئران قد وصلا إلى موقع جديد ووجدا الجبن بكميات كبيرة، ولا يزال القزمان يراوحان محلهما. قرر (هاو) التحرك في المتاهة والبحث عن مكان جديد للجبن ورفض (هيم) ذلك وبقي مكانه وأبدى خوفه وقلقه من التحرك في المتاهة. وكان (هاو) يكتب عبارات في مسيرته لتحفيز (هيم) من أهمها (إذا لم تتغير فمن الممكن أن تفنى) وكل ما تقدم قليلاً شعر بالحنين إلى الخلف ولكن الإصرار الذي امتلكه بعد التجربة دفعه للاستمرار بحثاً عن الجبن، واستطاع بعد فترة الوصول إلى الجبن الجديد وشعر بالسعادة ليس لمجرد الحصول على الجبن وإنما للتخلص من مشاعر الخوف والقلق من التقدم، وقابل (هاو) الفئران في مكان الجبن الجديد وتعلم منهما أهمية الانتقال من موضع إلى آخر وعدم المبالغة في تحليل المواقف وتعقيدها. وأصبح يهتم بما حوله من تغيرات ويتوقعها ويتفاعل معها ومع متطلباتها . حتماً عزيزي القاريء ستجد أثناء قراءة القصة وفي نهايتها بأنك بدأت تصنف نفسك ما بين شخصيات القصة على أقل تقدير بناء على ما أتوقعه وتوقعه مؤلف القصة، وهو لا يكفي من وجهة نظرنا مقارنة بالهدف المأمول من كتابة مقال عن أهمية هذه القصة ومضامينها الكبيرة في حياة كثير ممن قرأها، والمأمول من كل مواطن ومقيم على هذه الأرض المباركة مهما كان موقعه ومسؤوليته استيعاب هذه الرؤية والإسهام في تحقيقها، مع قناعتنا بأن المسؤولية الكبرى تقع على القيادات في مختلف المستويات الإدارية في القطاع العام والخاص للتوعية بمرتكزات الرؤية ومحاورها الرئيسية وبرامجها المختلفة وكيفية تحقيقها وترجمتها إلى خطط واقعية وتنفيذها على أرض الواقع بمشاركة حقيقية ومتابعة مستمرة، ونشر ثقافة قبول التغيير وإدارته والإقبال عليه واستثمار فرصه وتخطي صعوباته. وبناء على ذلك هل نستطيع أن نتغير ونغير لنبقى؟ وهل نستطيع التحرك مع قطع الجبن؟ الإجابة: نعم والف نعم بالاعتماد على الله قبل كل شيء ثم الإرادة والعزيمة والإيمان بالهدف والثقة بالقيادة والقدرات الوطنية والعمل الجاد والدؤوب والشفافية والمصداقية والمساءلة. د. طلال بن عبدالله الشريف