قال لفريد بليتغن، كبير المراسلين الدوليين لدى شبكة CNN حول مشاهدات رحلته الأخيرة إلى سوريا: إن بدا الأمر مستحيلاً للوهلة الأولى بالنسبة للعديد من الصحفيين الذي زاروا القاعدة الجوية الروسية قرب مدينة اللاذقية السورية الساحلية الأسبوع الماضي. جيش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أراد نقل الجميع بقافلة من الحافلات مخترقًا سوريا من الغرب إلى الشرق وذلك لزيارة مدينة تدمر والعودة في اليوم نفسه. كل ذلك في بلد يعتبر من بين الأخطر في العالم. قافلة الحافلات هذه أعطت درسًا حول مدى الاحترافية الذي وصل إليه الجيش الروسي، ولكنها عكست أيضًا ضخامة فاقت المتوقع في حضور الدور الروسي في سوريا الخاضعة لسيطرة نظام الأسد. القافلة كانت تضم عدة حافلات وعربات عسكرية مدرعة تعلوها المدافع وناقلات الجند المصفحة، وحولها حامت مروحيتان هجوميتان، الرحلة استغرقت سبع ساعات، ما استدعى تدخل مروحيات أخرى لتبديل نوبات التحليق فوقنا. وأكمل: شاهدنا ما يبدو أنها قواعد للمروحيات في غرب ووسط سوريا، تضم مروحيات من أنواع عسكرية عديدة، بما في ذلك مقاتلات مروحية من طرازي Mi 28 وKA 52 التي تتمتع بطبقتين من المراوح الرئيسية. إلى جانب مروحية Mi35 التي اختبرت في ميادين القتال، أما عدد المروحيات فكان جديرًا بالانتباه. تزعم روسيا أنها سحبت معظم قوتها العسكرية من سوريا في وقت سابق من العام الجاري، وقد قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن بلاده حققت معظم أهدافها بذلك البلد، ومع ذلك رأينا المئات، وربما الآلاف من الجنود الروس في قاعدة حميميم الجوية وفي أماكن أخرى. وقد سمح الروس لنا بتصوير بعض جنودهم خلال حصة التدريب الصباحية، وقد تحدثنا إلى ملازم أول في مقتبل العمر قدّم نفسه لنا باسم "فلاديمير" قال لنا: "أنا مسرور جدًا لخدمة بلدي هنا.. لست خائفًا من أي شيء في سوريا.. لماذا أخاف؟" القوات الروسية – ودون ضجيج إعلامي – بنت أيضًا قاعدة جديدة في مدينة تدمر التاريخية، التي ساعدت مؤخرًا القوات الحكومية السورية على تحريرها من قبضة داعش، وهي بدورها قاعدة حديثة وتُدار بشكل جيد، القاعدة تضم فرقًا روسية متخصصة في نزع الألغام، وقد أمضت أيامًا طويلة في رصد وإزالة الكثير من المتفجرات والمفخخات التي تركها تنظيم داعش خلفه بعد انسحابه. هنا وهناك تناثرت عشرات العربات المصفحة والعديد من المروحيات، إلى جانب أنظمة متطورة للدفاع الصاروخي المضاد للطائرات، رغم أن القاعدة تبدو بعيدة عن الأخطار التي قد تأتي من الجو. اللواء ايغور كوناشينكوف، الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، قال: إن هناك بعض أوجه التعاون بين قواته والجيش الروسي، ولكنه شدد على أنها "محدودة للغاية" قائلا: "نتلقى الكثير من المعلومات من قيادة الأركان السورية؛ فالسوريون موجودون على الأرض وهم أقرب إلى الثوار، أما بالنسبة للتعاون العسكري والتقني فنحن بالطبع نساعدهم أيضا". روسيا نقلت بالفعل بعض طائراتها المقاتلة خارج سوريا، بعد إعلام بوتين قرار الانسحاب، ولكنها بالمقابل أدخلت الكثير من المعدات العسكرية إلى البلاد، قد يكون هنالك بالتأكيد أكثر من سبب يشرح هذا الوجود العسكري الضخم؛ الدبابات والعربات المدرعة قد تكون موجودة ببساطة من أجل حماية القوات الروسية، ولكن هذا الحضور المسلح الكبير يشير إلى أن روسيا لا تخطط لترك الأراضي السورية في وقت قريب.