قال الكاتب والمؤرخ حماد السالمي، إنه أسير للقلم، ولا يستطيع التمرد عليه، بل إن القلم يتمرد عليه أحيانًا كثيرة منذ صغره، مشيرًا إلى أنه وضع لنفسه خطوطًا حمراء لا يمكن أن يتجاوزها، تمثل القيم الدينية، والاجتماعية، والقيم التي تتعلق بالأشخاص. وكشف السالمي في الحوار التالي عن سر علاقته بالطائف، وكيف جمع بين الصحافة، والثقافة، في الحوار: هل بدأت بالصحافة أم بالثقافة ؟ بدأت بالاثنين لأن علاقتي بالكتاب الذي هو عمود ومحور البداية لكل مثقف بدأت به ثم بالصحافة، وخاصة الصحافة المدرسية في نهاية المرحلة الابتدائية، وبداية المرحلة المتوسطة، في هذه المرحلة كنت أقرأ يوميًا كتاب كل هذه الكتب خارج الكتب المدرسية والمنهج الدراسي في المرحلة المتوسطة والثانوية، لم أقرأ الكتاب المدرسي في البيت فقط كنت أكتفي بشرح المعلم في المدرسة. ما هو الكتاب الذي أثر في شخصية حماد السالمي الكتاب ؟ كتب سيد مصطفى لطفي المنفلوطي، في البدايات جميع كتبه، لأن أسلوبه سلس ويشد الانتباه، ولغته راقية جدًا، وهذه الكتب هي التي أوصلتني إلى الكتب الجادة إلا أن اللغة يعود فيها الفضل لبرنامج إذاعي اسمه (هنا لندن)، وبرنامج (قول على قول) للأستاذ حسن الكرمي – رحمه الله – وكنت حريصًا على هذا البرنامج، وكنت أكتب ما أسمع في هذا البرنامج، وأنا في الصف الرابع إلى أن طبع في مجلدات ووزع في الأسواق. كيف استطاع حماد السالمي أن يجمع بين الصحافة والأدب والثقافة؟ أرجو أن أكون على بعض هذا الذي ذكرت، وليس كل هذا شغفي بالصحافة، والكتابة في الصحافة، والظهور فيها، إلى جانب القراءة الجادة، وفقني الله لأخرج إلى الميدان، خاصة مع الكاميرا، والصورة التي شجعتني للخروج إلى الطبيعة، وإلى المجتمع وجغرافية المدن، والمعالم الأثرية، والسياحية، وعندما شعرت أن كبريات الصحف والمجلات تحتفي بما أكتب، وبما أصور، وبما أعرض في مجلة الخواطر اللبنانية سابقًا، وصحيفة الندوة، ومجلة المنهل في فترة من الفترات، ومجلة العربي الكويتية، وأنا طالب في المرحلة الثانوية إلى جانب الصحف السعودية، وعندما انتسبت إلى صحيفة الندوة، وأنا في الصف الثاني متوسط تشجعت كثيرًا خاصة عندما وجدت موضوعاتي وصوري تنشر، واهتمام الجمهور المحيط بي، خاصة في مدينة الطائف، وكان أول موضوع نشر لي عام 1388ه، في صحيفة الندوة، كان له الأثر البالغ في مواصلة الركض الصحفي، خاصة عندما سمعت في الإذاعة (كتب حماد السالمي). متى بدأت تمارس حق الاعتراض أو ما يسمى الرأي الأخر؟ عندما كنت في الصف الثاني متوسط، كان بداية الاعتراض عندما دخل علينا معلم اللغة الانجليزية، وقام بضرب كل طلاب الصف دون سبب، وبعد خروجه من الفصل أغلقت الباب على كل الطلاب، وكتبت معروضًا فيه اعتراضنا على المعلم، ووقع عليه الطلاب، وذهبت به إلى مدير المدرسة، ووافق على نقل وتغيير معلم اللغة الانجليزية، لأن عندي قناعة لا تنازل عن حقوقي مهما كانت، وأمضي قدمًا إلى الأخير، وهذه القناعة جعلتني أتصادم مع بعض مدراء الدوائر الحكومية. حماد السالمي متى يتمرد على القلم ؟ أنا أسير القلم لا أستطيع التمرد عليه، هو من يتمرد علي منذ صغري، وهناك خطوط لابد للكاتب أن يقف عندها، مثل خطوط القيم الدينية، والاجتماعية، والقيم التي تتعلق بالأشخاص، وأنا هنا أعترف أنني أضع لنفسي حواجز، وهذا أمر مطلوب. تجاوزات حماد السالمي على القلم إلى أين وصلت بك؟ ليس لدي تجاوزات، أنا مثل الكتاب الذين خرجوا من المجتمع، وهذا المجتمع تعرض للكثير من التغيرات الكثيرة منذ زمن بعيد، وتحديدًا من معركة (السبلة) إلى اليوم، وهو يتعرض إلى تغيير بين أخذ وجذب ورأي ورأي آخر وهذه ظاهرة صحية كوني أخرج بقناعات تدفعني للكتابة في الشأن العام، ونقد بعض الأوضاع، ووجود المعارضين لكتاباتي هذا دليل على صحة ما أكتب. إلى أين وصلت بهوامش مسافرة؟ هي بدأت، ولن تتوقف، والجانب العاطفي في الإنسان جزء منه، وما كتبته في هوامش مسافرة عبارة عن خواطر لا ترقى إلى الشعر، وهي جزء قليل من دفتر السفر، وأهم ما في هوامش مسافرة أنها تلتزم بالزمان والمكان. إسقاطات هوامش مسافرة متى وقعت فيها ؟ وماذا عن القصيدة العامودية ؟ أنا وقعت فيها من أول خاطرة والخروج منها صعب ولي محاولات في الشعر العامودي، ولدي بعض النصوص، والقصائد لم أجرؤ على إخراجها أو نشرها. لماذا معظم كتبك عن الطائف ؟ أنا ابن الطائف، ومن حق الطائف علينا أن نكتب عنها، ومن خلال قراءاتي المكثفة لم أجد كتابًا يتحدث عن الطائف مباشرة، سوى كتاب للكاتبة اللبنانية نادية صقر، وبعض المقالات، والكتب لبعض الرحالين الزائرين لمكة والطائف، ولم أجد كتابًا يتحدث صراحة عن الطائف وقبائل وعادات سكان الطائف فألفت كتابين الأول بعنوان: (قبيلة ثقيف حياتها وفنونها وألعابها الشعبية)، وفي هذا الكتاب حاولت أن ابتعد عن الماضي وأنزل إلى الحاضر، بحيث عرضت عاداتها وتقاليدها، والكتاب الثاني (الأمثال السائرة في ثقيف) وهذه الأمثال ليست خاصة في ثقيف وإنما هي دارجة في قبيلة ثقيف وغيرها. وفي عام 1407ه، عندما أتى معالي محافظ الطائف فهد بن عبدالعزيز بن معمر، أميرًا للطائف، كنت أنا والزميلين أحمد الزهراني، ومحمد قاري، نعمل سويًا في مكتب صحيفة الجزيرة في الطائف، وتناقشنا لماذا لا تصبح الطائف مثل عسير؛ حيث أسس الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير، في ذلك الوقت، لجنة اسمها لجنة التنشيط السياحي، فعرضنا الفكرة على معالي محافظ الطائف، وتم إنشاء لجنة التنشيط السياحي بالطائف، ورشح أمينًا لها الزميل محمد قاري، وبعد فترة قصيرة كلفني معالي محافظ الطائف برئاسة لجنة المطبوعات، وتم تشكيل فريق عمل من أول اجتماع للجنة المطبوعات، وتم مناقشة ماذا نكتب عن الطائف، كان ذلك عام 1408ه، وبدأنا نعمل وأصدرنا كتابان الأول بعنوان (الطائف في مرآة النثر) والثاني (الطائف في مرآة الشعر). وقررت أن أعمل شيئًا لمحافظة الطائف، وتم التنسيق مع الدكتور ناصر الحارثي، لكونه متخصصًا في جانب النقوش، وبدأت فكرة تقديم الطائف من باب الجغرافيا، والشعر، والآثار والنقوش، ومن باب الريادة مثل الكشافة وغيرها، والحمد لله لجنة المطبوعات إلى عام 1427ه أصدرت أكثر من 52 كتابًا عن الطائف، ولم يبق إلا الفن والموسيقى، وكنت دائمًا متواصلًا مع الأستاذ عبدالله مرشدي، رحمه الله، مدير جمعية الثقافة والفنون بالطائف سابقًا، وأكدت عليه عمل كتاب عن الفن والموسيقى في الطائف، وبدأ العمل من عام 1412ه، وعندما رشحت رئيسًا لنادي الطائف الأدبي طلبت منه تسليم الكتاب، وأكد لي قبل وفاته بشهرين أن الكتاب جاهز، ثم ذهب إلى جده وتوفي – رحمه الله – واختفى الكتاب الذي كان مكتوبًا بعنوان (سفينة الفن). أما الجانب الأثري فقد كلف به الدكتور ناصر الحارثي – رحمه الله – ليعمل معجمًا أثريًا عن الطائف، وفعلاً بدأ العمل، واستمر فيه ثلاث سنوات، حتى أنهى المعجم، لكن القدر كان أسبق منه؛ حيث توفي – رحمه الله – قبل أن يسلم الكتاب، واختفى بموته الكتاب، الذي باءت كل محاولاتنا بالحصول عليه بالفشل، واختفى هذا الجهد الكبير. ماذا عن آثار الطائف ؟ كتبت في أكثر من كتاب، وأكثر من مقال، أن الطائف من أكثر المدن الحجازية ذكرًا في السيرة النبوية سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم – حيث زارها الرسول ثماني مرات، وهذه الأمكنة والطرق التي مشى فيها الرسول – صلى الله عليه وسلم – ووقف عليها، ووطئها بقدميه الشريفتين، لذا يجب علينا الاهتمام بها، والمحافظة عليها، وعلى قيمتها، ومن هنا أتت فكرة التغيير الوطني الذي يشمل التغيير الاجتماعي، والثقافي، والاقتصادي، والإداري. وهيئة السياحة ماذا تعرف عن سدود الطائف الأثرية، التي تجاوزت 70 سدًا أثريًا اكتشفت منها 28 سدًا ووزارة التعليم اكتشفت 12 سدًا لذا يجب على هيئة السياحة أولاً أن تتعرف على الآثار، ثانيًا أن تحمي هذه الآثار، ثالثًا تطور هذه الآثار، وأنا طالبت الأمير سلطان بن سلمان في المدينةالمنورة أن يهتم بالآثار، وقلت له: "إن الملك عبدالله – رحمه الله – قال الله يخلي لنا طويل العمر (النفط)، والنفط سينتهي، ونفطنا القادم الذي نعتمد عليه هو الآثار، فقال نعم صحيح، ويجب علينا أن نضع هذه الآثار على خط الاستثمار السياحي".