أكد معالي رئيس محكمة الاستئناف بالرياض الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد أن مشروع تطوير مرفق القضاء الذي تبناه المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز وواصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله دعمه ورعايته له، سيكون بعد اكتماله مرجعاً قضائياً للأجهزة العدلية في العالم الإسلامي، وقال إن مشروع مدونة النظام القضائي الذي تم تطويره عكف على صياغته نخبة علمية متميزة من أبرز الخبراء الشرعيين والقانونيين والأكاديميين في المملكة. جاء ذلك في لقاء مفتوح للشيخ الحميد مع جمع من المحامين نظمته لجنة المحامين بغرفة الرياض مساء الإثنين 13/5/1437ه (22/2/2016)، حيث أجاب فيه فضيلته على تساؤلاتهم بشأن أنظمة وإجراءات النظر والفصل في القضايا، بما يكفل ويضمن سير العدالة وتحقيق الإنصاف لأصحاب الحقوق، وتطوير وتيسير إجراءات التقاضي وسرعة إصدار الأحكام. وأكد فضيلته تكامل العلاقة بين القضاة والمحامين، ووصفها بأنها علاقة شراكة وتكامل، وأن غاية كل منهما تحقيق العدالة وإنصاف أصحاب الحقوق، مشدداً على حرص الجهاز القضائي بالمملكة على ضمان تحقيق العدالة من خلال إصدار أحكام تتوافق مع الشريعة الإسلامية التي تعطي لكل ذي حق حقه وتأبى الظلم لأي إنسان، وتوفير الضمانات للمتخاصمين من غير تمييز أو إجحاف، وأكد أن القضاء بالمملكة ثابت على تحكيم شرع الله في كل أموره. وأجاب الحميد عن تساؤلات عديدة طرحها المحامون حول ضمانات العدالة للمتخاصمين وإشكالية التعامل، من ذلك : أن محكمة الاستئناف عند الاعتراض على قرار القاضي الابتدائي في المسائل المستعجلة أو الوقتيه تطلب أصل ملف الدعوى ولا تفصل في الدعوى إلابوجوده، وأوضح المحامون أن نظام المرافعات الشرعية ولائحته في مادته (178) لا تستوجب ذلك، ومن ثم فإن طلب أصل ملف الدعوى يعطل سيرها موضوعاً. وأيّد فضيلته هذا الطلب، واقترح على اللجنة الكتابة بذلك لرفعه لمعالي وزير العدل- رئيس المجلس الأعلى للقضاءالدكتور وليد بن محمد الصمعاني، الذي بارك هذا اللقاء ودعمه للتعرف على ما يساهم في تطوير مرفق القضاء وإزالة العوائق، ورداً على سؤال آخر بشأن رفض عدد من القضاة تسليم أطراف الدعوى بنسخة من قرارات وملاحظات قضاة الاستئناف الموجهة للقاضي مصدر الحكم كونها مؤثرة في الحكم والدعوى، أجاب فضيلته بأن من حق أطراف الدعوى الحصول على نسخة من هذه القرارات والملاحظات من محكمة الاستئناف أو من القاضي مصدر الحكم. وبسؤال رئيس محكمة الاستئناف عن أهمية إنشاء دوائر في محكمة الاستئناف خاصة بقضاء التنفيذ فقد أفاد فضيلته بأنه تم إنشاء دائرة خاصة في استئناف أحكام التحكيم والتنفيذ، كما وعد بدراسة افتتاح دوائر خاصة في قضايا الوصايا، والأوقاف كون الأوقاف باتت متنوعة في عصرنا الحاضر من عقارات وأسهم وحصص في الشركات ومصانع. وعبر الحميد عن أسفه لعدم توفر الظروف الداعمة لتفعيل محكمة الاستئناف وفقاً لنظام القضاء الصادر عام 1428ه بتمكين الأطراف من الترافع أمامها، وقال إن تحقيق ذلك يتطلب ضرورة توفير العدد الكافي من القضاة في محاكم الاستئناف، وكذلك توفير المباني والتجهيزات المطلوبة، لافتاً إلى أنه كان من المؤمل الإسراع في إنشاء مباني محاكم الاستئناف في السنوات الماضية، لكن ذلك لم يتيسر نتيجة عدم قيام وزارة المالية بتوفير الاعتمادات المطلوبة. وأشار إلى أن عدد محاكم الاستئناف بالمملكة ارتفع حالياً إلى (13) محكمة بينما كان لدينا اثنتان فقط في الرياض ومكة المكرمة قبل (5) سنوات، كما استعرض إنجازات محكمة الاستئناف خلال السنتين الماضيتين والتي تبيّن تطور وسرعة البت في القضايا المنظورة في محكمة الاستئناف بالرياض على سبيل المثال. وعن أحكام "عدم الاختصاص" التي تصدر كثيراً من المحاكم وأصبحت سيفاً على الكثير من حالات التقاضي بعد استنزاف وقت طويل للتقاضي بين المحاكم الابتدائية والاستئناف، أجاب فضيلته بأن الأمر يتم بحثه مع القضاة للوصول إلى إجراءات موحدة تضمن عدم استنزاف الوقت، وأكد أن على القاضي ناظر الموضوع الفصل في الاختصاص القضائي في الجلسة الأولى وفقاً لنظام المرافعات الشرعية، لافتاً إلى أن معالي وزير العدل يولي اهتمامه هذا الأمر وكثيراً من الإجراءات والأمور المتعلقة بتطوير القضاء، كما أيّد الحميد الاقتراح المقدّم من أعضاء اللجنة حول نشر المبادئ والقرارات المتعلقة بالاختصاص. وحول أحكام التعزير والتفاوت بينها، قال فضيلته : إن هناك تفاوتاً في التعزير أقله لفت الانتباه، وأعلاه قتل مهربي ومروجي المخدرات، مؤكداً أن صدور مدونة القضاء ستقضي على التفاوت وستقنّن أمر التعزير في المحاكم السعودية، كما ذكر أن القضاة في عصرنا الحاضر هم مقلدون بخلاف قضاة السلف الذين يتميزون بالاجتهاد. وكان رئيس لجنة المحامين قد ذكر في بداية اللقاء أن لجنة المحامين لديها برنامج لقاءات ستنظمه خلال الفترة القادمة مع قيادات وأعضاء المرفق القضائي و الجهات العدلية والتنفيذية ذات العلاقة ، بهدف التشاور والتحاور حول كل ما يخص إجراءات التقاضي وضمانات سير العدالة وتطوير الأنظمة.