قال الأمير فيصل بن عبد الرحمن بن عبد العزيز آل سعود: «كم مرت علينا أعوام كثيرة احتفينا فيها بمبايعة ولاة أمرنا الكرام، والذين خدموا بلادهم وأمتهم الإسلامية بكل طاقتهم ورعوا مواطنيهم وبلادهم كل الرعاية! ولكن احتفالنا هذه الأيام يختلف عما مضى؛ فهو الذكرى الأولى لمبايعة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله)، سلمان الحزم والعطاء، وحكيم الأمة.. ذكرى مرور عام كامل على توليه مقاليد الحكم في بلاد الحرمين الشريفين – المملكة العربية السعودية. نعم، إنه عام استثنائي مر بنا وسط أحداث متسارعة ومتلاطمة؛ عربيا وعالميا، وهي أيضا استثنائية من حيث الجهود الكبيرة التي بذلها، في خدمة القضايا العربية والإسلامية والدولية، وخدمة مواطنيه بالدرجة الأولى.. فقد حظي ملك الحزم بمكانة مرموقة على المستوى الإقليمي والدولي؛ لما يتمتع به من حنكة ونظرة ثاقبة فيها الحزم والاستقرار لشعوب أمته.. وبمكانة عالية في قلوب محبيه من أبناء وطنه في المملكة ودول مجلس التعاون والدول العربية والإسلامية، المحبين للمملكة وقيادتها. إن أعمال خادم الحرمين الشريفين الجليلة، خلال عام، كانت قرارات مصيرية وحاسمة؛ اجتماعية وتنموية على المستوى الداخلي، ومصيرية تمس الأمة جمعاء على المستوى الخارجي.. ولقد كان اهتمامه بالدرجة الأولى خدمة الحرمين الشريفين، وذلك من خلال رعايته للتوسعة الثالثة للمسجد الحرام في مكةالمكرمة والمكونة من ثلاثة أدوار ليستوعب عددا كبيرا من المصلين، وتدشينه ساحات التوسعة التي تتسع إلى أكثر من 300.000 مصل، إضافة إلى توسعة المسجد النبوي بالمدينة المنورة، منوها إلى الكلمة الكريمة التي قالها: (يشرف ملكها بأنه خادم الحرمين الشريفين، وهذا منذ عهد مؤسس هذه البلاد الملك عبد العزيز إلى اليوم. والحمد لله، مكةالمكرمة تهمنا قبل أي مكان في الدنيا هي والمدينة المنورة). ولقد حرص الملك سلمان كل الحرص على إسعاد مواطنيه بالكثير من المشاريع التنموية خلال فترة حكمه التي لم يمض منها سوى عام واحد – أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية. وعلى المستوى السياسي، فقد بذل جهودا جبارة -ولا يزال- لتحقيق نوع من الاستقرار في منطقة تموج بالأطماع والصراعات، بالتعاون مع إخوانه قادة دول مجلس التعاون الذين شاركوه حرصه واهتمامه باستقرار دول وشعوب الخليج ودول المنطقة، وما يقتضيه الوضع من حزم في مواجهة تحديات الأمة ومواجهة المخاطر التي من شأنها تدمير مستقبلها، فكان القرار الحازم والشجاع الذي اتخذه الملك سلمان حين أعلن انطلاق «عاصفة الحزم» بقيادة المملكة لإعادة الشرعية إلى اليمن الشقيق، بدعم من إخوانه في دول مجلس التعاون: الإمارات والكويت والبحرين وقطر، ودول التحالف المحبة للسلام. وخلال عامه الأول، استطاع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه- بحنكته وثاقب رؤيته، أن يبهر العالم الذي لن ينسى له قيادته الاستثنائية في هذه المرحلة من تاريخ المملكة والعرب والمسلمين ومبادراته المتواصلة في تثبيت مكانة المملكة على الخريطة العالمية والإقليمية، وتكريس دورها في نصرة القضايا العربية العادلة، وخاصة القضية الفلسطينية، محور القضايا وأهمها بالمنطقة، ومحاولة حل تلك المشكلات المعقدة في سوريا والعراق والوقوف مع الشقيقة مصر ومساعدتها في النهوض بها من كبوتها ودعمها في مسيرتها نحو النهوض والتقدم. وعلى المستوى الإنساني، فقد شاهد العالم بأسره تلك الجهود التي بذلها ويبذلها لإغاثة الأشقاء اللاجئين السوريين، بتسيير مئات القوافل الإغاثية الإنسانية لإخواننا في المخيمات، وحرصهم على استقرار ووحدة الأراضي السورية من خلال الحل السياسي لقضيتهم. كما شهد الشأن الأمني الداخلي في اثني عشر شهرا إنجازات أمنية كبيرة وغير مسبوقة، تحققت -ولله الحمد- في مكافحة الإرهاب باهتمامه ومتابعته الحثيثة، حيث كان على رأس تلك الإنجازات ما بادرت به المملكة من تنفيذ شرع الله بعد إصدار الأحكام الشرعية، في عدد من الإرهابيين، الذي من شأنه حفظ أمن المملكة ومواطنيها، وردع كل من تسول له نفسه أن يسلك ذلك المسلك الضال بمتابعة تلك الجماعات الضالة المضللة، وهو ما أغضب دولة إيران التي تحلم ببسط نفوذها على المنطقة والهيمنة عليها، فكان الرد الحازم والحاسم بقطع العلاقات معها. إننا وفي ذكرى مرور عام على مبايعة خادم الحرمين الشريفين -سلمان العطاء والحزم والوفاء-رعاه الله وأمد في عمره- لنجدها مناسبة لتثمين جهوده التي بذلها، والمنجزات والمشروعات التنموية التي تحققت على يديه في مدة وجيزة، كما نجدها فرصة لتجديد العهد والولاء على كتاب الله الكريم بالسمع والطاعة لولاة الأمر – حفظهم الله جميعا، داعين الله تعالى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية نائب رئيس مجلس الوزراء، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وأن يديم نعمة الأمن والأمان على مملكتنا الحبيبة».