جدة بريدةتبوك الرياض… غرق هذه المدن يستلزم المكاشفة وهي أولى خطوات المعالجة، فما يحدث من كوارث الغرق في بلد صحراوي غني بموارده وبهذه الطريقة وبهذا التكرار أمر مخجل ومؤلم ومحزن، يتكرر كل عام، وهذا نتاج الفساد، وتشمل كلمة الفساد، الإهمال، الحظوة، عدم المحاسبة، هدر المال العام، أمن العقوبة، فكارثة جدة الأولى هي السبب فيما حصل ولن أقول فيما سيحصل مستقبلا لأن عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين مختلف، فكارثة جدة الأولى مرت مرور الكرام أكثر من سبع سنوات لم يحاسب المسؤول بل لم يحدد من تسبب، فالمتهمون تقلصوا إلى ستة وآخر الأمر تأجلت محاكمتهم إلى أجل غير مسمى، وهذا مما شجع على الاستمرار في الفساد لأن من أمن العقوبة سيستمر بالنهب، فهناك دول أقل إمكانيات تهطل عليها الأمطار طول العام وبمعدل عال، ومع ذلك لا تحدث بها أي كوارث على الرغم من قلة إمكاناتها المادية مما حصل هو فساد في بنية المدن التحتية، فمشاريع الصرف وتصريف مياه الأمطار ضعيفة أو بالأصح ضعفت من خلال تداول المشروع من الباطن حتى يرسو على مقاول مبتدئ و«بحق الشاي» يوقع على استلامه دون مواصفات. ومصطلح حق الشاي اعترف به أحد المتهمين في كارثة جدة وهو مصطلح مشهور في مجتمع الفاسدين، وما حصل من كوارث الأمطار، هو نتيجة حق الشاي في كتابات العدل التي مررت الصكوك المزورة ومررت البناء في مجاري السيول، والمناطق المنخفضة، فهناك من يؤمن أن السيول تقسم الأراضي، ولا بد له من القسمة نصيب وشاي بعض كتاب العدل فاخر والفاخر سعره غال، ما حصل من كوارث هو نتاج حق الشاي في الأمانات والبلديات التي تصدر فسوح البناء في أي مكان، وبغض النظر عن طبوغرافية الأرض وتستلم المشاريع بغض النظر عن مواصفاتها وجودتها وبحق الشاي طبعا يغض الطرف، مما حصل من كوارث هو نتاج الحظوة في تعيين غير المؤهل سواء تأهيلا فنيا أو تأهيلا إداريا والأهم تأهيلا أخلاقيا يعرف أسرار الشاي وأنواعه ونكهاته. مما حصل هو نتاج عدم التخطيط واستشراف مفاجآت المستقبل وعدم وجود جهة معنية بكيفية التعامل مع الكوارث ما حصل من كوارث هو نتاج تجار شاي كرماء بلا ضمير ولا حس وطني ما حصل هو نتاج فساد استشرى الحق بالوطن خسائر بشرية ومادية كبيرة لو وفرت لخلقت تنمية أكبر ومستقبل أكثر إشراقا ما حصل هو ثقافة (حق الشاي) التي نشم رائحته ونشعر بوجوده. يا خادم الحرمين ثقافة حق الشاي تحتاج حزمك وعزمك، وإبريق شاي جدة يغلي في قلوبنا طوال عشر سنوات. فأنت من علمتنا أن الكل تحت طائلة القانون.