علّمنا دِينُنا الإسلامي أن نعطي كل ذي حق حقه، فشعار المسلم في حياته الوسطية لا إفراط ولا تفريط، وهذا ليس بغريب حين يكون الإسلام مرجع حياتنا الأساسي ومنهجنا الوسطي في كل شيء، العبادات والأخلاق والمعاملات، لذلك حين نرى مسرفا نتعجب، وإذا رأينا شحيحا ممسكا يده نستنكر فعله، فما أجمل العدل والاعتدال. ومن جوانب ذلك الاعتدال ما يتعلق بالمرأة وشؤون حياتها، التي كثيرا ما تتعرض للجور بسبب الجهل وما توارثه المجتمع من عادات قديمة بالية، منذ أن كانت الطفلة تُدفن وهي حية خشية العار كما تتصور بعض قبائل العرب قبل مجيء الإسلام، ومع ظهور الدين الحنيف أخذت تلك العادات تتلاشى شيئا فشيئا بما وهبه الإسلام للمرأة من مكانة رفيعة ودور عظيم من خلال بيان ما عليها من حقوق وما لها من واجبات. ومع أن زمن وأد البنات قد ولّى، إلا أن بعض نساء هذا الزمن يحكمن على أنفسهن بالمكوث في سجن عبودية رِجال لا يكرمونهن. كلنا نعلَم أن المودّة والرحمة والتفاهم والانسجام مطالب أساسية لاستمرار الزواج، وبدونها تصبح العلاقة الزوجية جحيما لا يُطاق، وذلك يقتضي المشارَكة والمبادَرة من الطرفين وليس من المرأة وحدها أو الرجُل منفردا. إلا أن مِن النساء مَن تشقي نفْسَها بإعطاء الرجُل كل ما يريد وزيادة، وتعتقد أنها يجب أن تسلّم قرارات حياتها بيد زوجها. وكم أشعر بالحسرة على حال كثير مِن النساء حين أراهن لا يتخذن قرارات في أبسط أمورهن الشخصية، بل إني أتمنى في كثير من الأحيان ألا أتزوج إذا كانت حياتي ستكون مثل حياتهن. فإحداهن تترك وظيفتها بسبب رغبة زوجها في ذلك، مع أنهما اتفقا قبل الزواج على أن تعمل أو تستمر في عملها، والثانية، لا تتناول أنواعا من الطعام حتى لا يعيّرها زوجُها بزيادة وزنها، وثالثة، لا تلبس اللبس الذي تحبه لأنه لا يروق لزوجها أو يخرج عن العادات والتقاليد برأي الزوج فقط. بينما للزوج مطلق الحرية في المكوث خارج المنزل لساعات طويلة، إلى حدّ التفريط في واجباته المنزلية، والزوجة المسكينة ترى بأنه حَق رجولي بحت يمارسه الرجُل بإرادته الحُرة دون نقاش! يا عزيزتي الزوجة، اعلمي بأنكِ تسرفين في التفريط بحقوقك، وتنافين منهج الوسطيّة، فلنفسكِ عليكِ حَق، والدِّين بريء من هذا الخضوع الذي تمارسينه باعتقاد المحبة والطاعة للزوج. عليكِ أن تعي تماما ما لكِ من حقوق وما عليكِ من واجبات دون أن تخلطي بين الاحترام والذل، فالله تعالى لم يُلزِم المرأةَ بأن تكون رهينةً لمخلوق وتنقاد له انقيادًا أعمى، المرأة كالرجُل خُلقت حُرة، لكن السبب الأهم في تبجيل الزوجة لزوجها لدرجة سَلْب حقوقها يعود إلى العادات والتقاليد السيئة التي تسلب المرأةَ إنسانيتَها وحقوقَها، وهي ما تربّت عليه أجيال متلاحقة أنتج لنا واقعًا مؤلمًا جعل المرأةَ تظلمُ نفْسَها دون وعي بحقيقة ما تفعل! رابط الخبر بصحيفة الوئام: عبودية الرجُل في عتمة الجهل