أتابع في جريدة الجزيرة ما ينشر من مقالات تتحدث عن المرأة في بلادنا وتعقيباً على ذلك أقول: كثيراً ما نسمع من يقول إن المرأة مظلومة وإنها لم تتمتع بحقوقها كاملة وأنها في مهب الريح بالنسبة لحقوق الرجل والبعض نسب هذه الأمور وآخر إلى المجتمع وثالث لوضع المرأة في التكوين النفسي.. والحقيقة الخوض في مثل هذا الموضوع صعب وقد لا يفي حقه في سطور أو مقالة بل يحتاج إلى الكثير لكي تتضح حققة وضع المرأة. صحيح أن هناك مجتمعات وبيئات لم تعط المرأة أقول حقوقها تعسفاً وظلماً وسوف نشر إليه في هذا الموضوع، ولكن ما هي أقل حقوقها التي تتطلع إليها..؟ إن من أبسط حقوقها أن تعيش كما يعيش الآخرون في حياة يملأها الحب والعيش في جو آمن على نفسها وأنوثتها.. ولها أن تنشد الاستقرار كما ينشده الرجل.. ولها أن تسعى وراء فضيلة التعلم والتعليم وإيجاد عمل يؤمن لها حياتها المستقبلية ويشبع رغبتها في أن تكون إنسانة منتجة ولبنة صالحة في مجتمعها ولكن..! في إطار أنوثتها ومناسبة المجال الذي تتطلع إليه وأن تكون في حيز يحفظ لها عفتها وحرية حركتها من غير أن يخدش حياءها المكان الذي تعمل فيه.. ولو نظرنا إلى بعض المجتمعات لوجدنا أن دمج المرأة فيما يناسبها وما لا يناسبها.. فيما يخدش حياءها ويمتهنها و جعلها سلعة عرض للمزايدة أو المساومة في عفتها وكرامتها.. فلو وقفنا قليلاً ونظرنا إلى العصر الجاهلي وما آلت إليه حال المرأة حينذاك من ظلم وقسوة.. كان الرجل إذا بشر بالأنثى ظل وجهه مسوداً وكأن طامة كبرى وقعت به ولم يكن هناك من يستطيع أن يبشر أحداث بمولوده أنثى.. كانوا يتشاءمون بالأنثى إلى حد أنهم أباحوا لأنفسهم وأد فلذات أكبادهم ودفنها في التراب لاعتبارات يسودها الجهل والتخلف والبعد عن معنى إنسان..كانوا لا يعترفون لها بميراث ولا حقوق كان بعضهم يقول للآخر إذا أراد أن ينطق بذكر امرأة (أعزك الله) أو (الله يكرمك) وكأنها مذلة أو شيء يعار منه. لقد وصل تخلف بعضهم أنهم لا يأكلون مع النساء في إناء واحد.. وكانوا في بعض البلدان يهتمون ببعض الحيوانات كالبقر وغيرها أكثر من المرأة.. لو نظرنا إلى الديانة اليهودية المحرفة لوجدناها تجرد المرأة من معظم حقوقها المدنية وتجعلها تحت وصاية والديها وزوجها وتكون في كلا الحالتين ليس لها أي سلطة وضعية للمطالبة بحقوقها فهي أشبه بالمملوكة.. وفي الديانة اليهودية أيضاً الكثير منهم يعتبر أن وجود المرأة إنما هي لعنة تصيب من رزق بها.. وهي في عرفهم صديقة للشيطان وهي مسؤولة عما يفعله الرجل من أعمال شريرة.. كما أن في الديانة اليهودية تعسفاً على حق المرأة في الميراث إذ إنها لا ترث إلا إذا لم يكن لأبيها ذرية من البنين ولم تكن المرأة في الديانة النصرانية المحرفة أيضاً أسعد حظاً من ذي قبلها إذ إنها لم تعط شيئاً من الاهتمام أو الحقوق إلا بقدر يسير وإلى عام 1882م لم يكن للمرأة حق التملك وكثير من القوانن وضعت ضد المرأة في أوروبا. من هنا جاء دين العدالة والمساواة دين التآخي والرحمة دين الإسلام. لقد أنقذ الله المرأة من ظلم الجاهلية وتعدد الأديان.. لقد رفع مكانتها وعظم شأنها وأعطاها حقوقها كاملة غير منقوصة فجعلها أماً كريمة وزوجة لها حق الإرث في مال الأب والزوج بما يكفل لها العيش في رخاء.. جعل لها مهراً في زواجها من حقها هي دون سواها أعطاها حق الرفض والقبول بالزوج.. جعل لها حق رفع الظلم عنها فيمن ظلمها.. فمن تعدى على شرفها وعفتها يجلد وبالنصوص الشرعية المثبتة لم يسمح لمن قذفها يعاقب بما أنزل الله في ذلك من عقاب. يقتل من قتلها وكثير من حقوقها وجدت للعدل والمساواة في هذا الدين العظيم.. ولنا أن ننظر إلى أن هنالك نساء طيبات يفضلن على كثير من الرجال. وكما قال عليه الصلاة والسلام (كان من الرجال كثير ولم يكن من النساء إلا آسية بنت مزاحم زوجة فرعون ومريم بنت عمران) وكذلك فضل فاطمة وخديجة ولنا في رسول الله قدوة في كل التعاملات ومنها مع المرأة وتغيير النظرة الجاهلية إليها لكل تأخذ مكانتها في المجتمع التي تعيش فيه.. صحيح أن هناك ظلماً للمرأة في بعض المجتمعات ولكنه من فعل البشر وينبذه الدين و ينافي كمال التوحيد، ومن أنواع ذلك الظلم في المجتمع تبعاً للعادات التي جنحت عن تطبيق التعاليم الإسلامية واحكامه في حياتنا الواقعية.. هناك بعض الآباء يجبرون بناتهم على الزواج من شخص معين لا ترغب فيه والدين الاسلامي يوصي بأخذ رضاها قبل رضا والديها في الزوج الذي سوف تقترن به، وكذلك من الأزواج من يتعدى على مال زوجته التي تتقاضاه بجهدها وعرقها من عملها الوظيفي، ولا ننسى العادات والتقاليد التي قد تكون موجودة في بعض المجتمعات وهي من أبشع الظلم على المرأة مثل (العضل والحجر ومنعها من الزواج إلى من ابن عمها او ابن خالها وعدم تزويج الصغيرة إلا بعد الكبيرة) وغيرها الكثير.. لذا يجب علينا أن ندرك أن المساواة من أبسط حقوق المرأة فيما شرعه الله وأمر به.. ولندرك أن النساء شقائق الرجال.. وإن كثيراً من صور الظلم للمرأة إنما مرجعه ومصبه البعد عن الدين والسنة النبوية، فلنتق الله في المرأة ولندرك أنهن أمهات وخالات وأخوات وعمات وزوجات أوصى الله بهن خيراً. - د. علي سعيد آل صبر - أبها