رغم نفي التحالف القاطع أن تكون قواته قد قصفت منزل سفير عمان لدى اليمن، يستغرب كثير من المراقبين إصرار سلطنة عمان على الاحتجاج لدى السفير السعودي، والأمم المتحدة، وهي أصلا عضو في مجلس التعاون الخليجي؟ كما يطرح الكثيرون السؤال لماذا كل هذه الضجة؟ ولماذا هذا التوقيت الذي تحتضن فيه بلاد الحرمين ملايين من الحجاج العرب والأجانب؟! وهل هناك بالفعل يد خفية تحرك هذا الغضب العماني؟ في الوقت الذي تحقق فيه قوات التحالف انتصارات ميدانية ملحوظة أرضا وجوا، وتقترب من حسم المعركة وطرد الحوثيين وأنصارهم؟ إنها تساؤلات مشروعة.. ولكن الإجابة عليها تنقل ملف العلاقات السعودية العمانية إلى شاطئ آخر غير ذلك الشاطئ المألوف من العلاقات المتينة التي تربط بين الشعبين الشقيقين، منذ قيام الدولتين في العقود الأولى من القرن الماضي، فعلاقة الدم واللغة ووحدة المصير كفيلة بإذابة أي جليد أو فتور في العلاقات الرسمية والشعبية، وهو ما يجب أن يدركه الأشقاء في عمان، فهم أبناء خليج واحد وأولى بهم أن يكونوا في صفهم وعاداتهم واحدة وخندق واحد مع المملكة التي تدافع الآن عن كرامة كل الخليجيين وعن عقيدتهم بل إنها تحارب الإرهاب بشتى أنواعه بالوكالة عن العرب عامة والخليج خاصة. فمنذ اندلاع الأزمة اليمنية، كان موقف عمان واضحا، وهو الحياد السلبي، على حساب المملكة العربية السعودية، وعلى حساب المصالح الخليجية، فهي لم تشارك في عاصفة الحزم، بل خذلت المملكة في كل تحركاتها وخطواتها تجاه الأزمة، على عكس ما كان متوقعا منها في مواقف أخرى كانت تتخذ فيها قرارا حاسما، تراعي فيه الروابط والعلاقات الخليجية والعربية. ولقد أعاد عدم المشاركة التاريخ قليلا إلى عام 2007، حيث كانت السلطنة أول بلد ينسحب من العملة الخليجية الموحدة، وعارضت منذ عام 2011، خطط المملكة لإقامة اتحاد خليجي، وأخيرا رفضت أن تنقل سفارتها من العاصمة صنعاء إلى عدن كما فعلت باقي دول مجلس التعاون الخليجي، وتحرص السلطنة على التواصل مع الطرف الآخر للصراع المتمثل في جماعة الحوثيين ومن ورائها إيران، متخفية خلف رداء ما يطلق عليه "الإغاثة الإنسانية"، حريصة كل الحرص على ألا يتحدث أحد عنها بأنها تنتصر لطرف دون آخر، ولذا فهي تعتبر قصف منزل السفير العماني اعتداء متعمدا عليها، استلزم احتجاجها واعتراضها؛ ضاربة عرض الحائط بكل الوشائج المتينة والعلاقات القوية التي تربط بين الشعبين السعودي والعماني. ولا يختلف اثنان على أن مثل هذه التصرفات والمواقف، تثير مخاوف المملكة من أن تستغل إيران وأنصارها الحوثيون هذا التوتر في العلاقات، وتستخدم أراضي السلطنة جسرا لزعزعة استقرار المملكة، أو على الأقل تضمنها حليفا أو وسيطا لحل الأزمة، وهو ما تحاول السلطنة فرضه على دول مجلس التعاون الخليجي بشكل أو بآخر، إذ إن المملكة بقيادتها الحكيمة، وإن كانت تراقب وتتابع عن كثب أهداف وأسباب التقرب العمانيالإيراني، فإنها ترفض هذا الانسياق تجاه الشائعات والأهداف المغرضة التي تحاول تفكيك مجلس التعاون لأغراض مشبوهة ومكشوفة، وتؤكد للجميع أن المملكة قيادة وشعبا وحكومة حريصة كل الحرص على بقاء جسر الصداقة قويا ومتينا، مع السلطنة؛ وكافة الدول الخليجية، خضوعا لروابط اللغة والدم والجوار والموروث الاجتماعي ولميثاق منظمة مجلس التعاون منذ انطلاقه عام 1982، وليس انتظارا لأن تكون مسقط وسيطا أو حامل راية الحوار والسلام بين أطراف الأزمة.
رابط الخبر بصحيفة الوئام: الغضب العماني.. لماذا هذا التوقيت؟!