تعد ألمانيا من أكثر البلدان الأوروبية استقبالا للمهاجرين، وجرت هناك تعبئة تأييدا لهم حرصا على إظهار وجه آخر للبلاد منفتح على استقبال المهاجرين بعد أن طالتهم هناك بعض الأحداث المعادية. وعنونت صحيفة بيلد الشعبية الأكثر انتشارا في أوروبا "إننا نساعد" مطلقة "عملية مساعدة كبرى" من أجل اللاجئين "لإظهار أن المعادين للأجانب لا يزعقون باسمنا". وتواجه ألمانيا تدفقا غير مسبوق من اللاجئين حيث يتوقع المكتب الفدرالي المشرف على هذا الملف توافد 800 ألف طالب لجوء خلال العام 2015. وتصطدم حركة التدفق هذه وضرورة فتح مراكز استقبال في جميع أنحاء البلاد لمواجهتها بردود فعل رافضة تصل أحيانا إلى حد العنف ولا سيما في شرق البلاد. وشهدت ألمانيا خلال الأسبوع المنقضي سلسلة أحداث من حرائق مفتعلة وتهديدات واعتداءات وحتى تظاهرات كما في هايديناو في ساكسونيا شرق البلاد، ما حمل المستشارة أنغيلا ميركل على القيام بأول زيارة لها إلى مركز لاستقبال اللاجئين في هذه المدينة الصغيرة التي جرت فيها صدامات بين الشرطة وناشطين من اليمين المتطرف. وعلى غرار صحيفة "بيلد"، اتخذت عدة وسائل إعلام أخرى مثل الأسبوعية دير شبيغل أو صحيفة ميونيخ الكبرى سودويتشه تسايتونغ مواقف ملتزمة حيال المهاجرين. وصدرت دير شبيغل السبت بغلاف مزدوج، الأول يعرض "ألمانيا القاتمة" وعليه صورة لمركز لاجئين تشتعل فيه النيران، والثاني يعرض "ألمانيا المشرقة" ويظهر عليه أطفال لاجئون يلعبون بالكرة في الهواء الطلق. وكتبت الأسبوعية "يعود لنا نحن أن نحدد كيف نريد أن نعيش، أمامنا خيار"، فيما عرضت صحيفة سودويتشه تسايتونغ على قرائها العازمين على التحرك حيال هذه المسالة إرشادات عملية لتقديم الملابس والمواد الغذائية وغيرها للاجئين. وقال بطل العالم في كرة القدم لاعب الوسط في فريق ريال مدريد توني كروس في تصريحات نقلتها الصحافة "أعزائي اللاجئين، أمر جيد أن تكونوا هنا، لأن ذلك يسمح لنا بالتثبت من نوعية قيمنا وإظهار احترامنا للآخرين". واتخذت شخصيات أخرى أيضا مواقف من هذه المسألة وبينهم تيل شفايغر نجم السينما الألماني الذي وضع منزله تحت الحراسة بعد تسلل مجهولين إلى حديقته. ودعا مغني الروك أودو ليندنبرغ إلى تنظيم حفل موسيقي ضخم "للاحتفال بثقافة الاستقبال" في ألمانيا، من المحتمل أن يجري في 4 تشرين الأول/اكتوبر في برلين. وهذه التعبئة في بلد ما زالت تطغى عليه ذكرى ماضيه النازي، تذكر بحملات أخرى جرت في السابق عند وقوع أحداث عنصرية. ففي العام 2000، دعا المستشار السابق الاشتراكي الديموقراطي غيرهارد شرودر إلى "انتفاضة للشرفاء" بعد إحراق كنيس في دوسلدورف (غرب). وفي افتتاحية بعنوان "ما نحن عليه" عرضت الصحيفة المحافظة وجهة نظر متفائلة معتبرة أنه بعيدا عن الأحداث المعادية للأجانب فإن "حيوية الالتزام التطوعي تبدل وجه ألمانيا" التي "تعيد اكتشاف نفسها" من خلال "ثقافة الاستقبال" التي تنتهجها. ورأت دي فيلت أن هذه الحركة "تساهم في هذا التعريف الجديد للبلد بأنه أرض هجرة" بعدما كانت ألمانيا المحافظة في عهد هلموت كول ترفض بشكل قاطع أن تحدد نفسها بهذه الصورة. وأظهر استطلاع للرأي نشر نتائجه معهد بيرتلسمان في كانون الثاني/يناير أن "ثقافة الاستقبال" تتقدم في ألمانيا حيث أبدى 60% من المستطلعين استعدادهم لاستقبال أجانب مقابل 49% قبل ثلاث سنوات. لكن الدراسة أظهرت في المقابل أن المجتمع ما زال منقسما حول مسألة ما إذا كانت الهجرة تشكل فرصة للبلد وأشارت أخيرا إلى أنه في ألمانيا الديموقراطية (الشرقية) سابقا، فإن السكان أقل ميلا إلى استقبال أجانب. ونظمت تظاهرة السبت في دريسدن عاصمة ساكسونيا (شرق) ومهد حركة بيغيدا المعادية للإسلام، دعا إليها "التحالف المعادي للنازيين" وشارك فيها ألف شخص بحسب الشرطة، خمسة آلاف بحسب المنظمين، ساروا خلف لافتة كتب عليها "أن نمنع اليوم مذابح الغد" في محاولة لتغيير هذه الصورة لمدينتهم. وفي المساء التقى مئات المتظاهرين في هايديناو على مسافة بضعة كيلومترات ورقصوا في الشارع مع اللاجئين وسط حضور مكثف للشرطة. رابط الخبر بصحيفة الوئام: ألمانيا: تظاهرات ترحيب بالمهاجرين سعيا لتدارك الأحداث المعادية