كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد الظهر عندما مررت بجوار ممشى طريق الملك عبد الله فأردت أن أسترق النظر إلى مؤشر الحرارة المنتصب في الركن الشمالي الغربي من الممشى لعله أن يخبرني بالحد الأعلى الذي بلغته درجة الحرارة لهذا اليوم وذلك بعد أن خالجتني الشكوك في أن مكيف سيارتي قد يحتاج إلى صيانة عاجلة بعد أن أصبح هواؤه شبيهًا بهواء المكيفات الصحراوية. كان المؤشر صامتًا وصامدًا وهو يشير إلى أن درجة الحرارة تبلغ 52 درجة مئوية، عند ذلك جددت ثقتي بمكيف سيارتي ودعوت الله أن يلطف بنا ثم انطلقت في حال سبيلي. لم تدهشني تلك الدرجة المئوية فنحن لا نزال في بواكير الصيف، ولكن ما أدهشني حقًا هو مقدار الدرجة المئوية التي تُبث عبر النشرة الجوية بالقناة الأولى فهي أقل بكثير من تلك التي شاهدتها على مؤشر طريق الملك عبد الله، ومن يدري فلربما أن برودة استوديوهات التلفزيون قد ساهمت في تخفيضها، أو أن مؤشر طريق الملك عبد الله كان غاضبًا من شدة الحرارة فأشار إلى تلك الدرجة المئوية المرتفعة. ما علينا.. فاشتداد الحرارة في مدينة الرياض موسم سنوي لا يجهله إلا الغرباء عن المدينة أو القادمون إليها حديثًا، أما المتيمون بالرياض فهم لا يلقون بالاً بتلك الاختلافات الطفيفة. تصبح مدينة الرياض في مثل هذا الوقت من كل عام مدينة شبه خالية وهذا هو ما يرفع لديك معدل الفضول لكي تتعرف على هذه المدينة الساحرة مرة أخرى وتتجول في ميادينها وشوارعها وكأنك تراها لأول مرة بعد أن حزم أغلب سكانها حقائبهم في هجرة جماعية موسمية طلبًا للاستجمام وهربًا من شدة الحر. وإذا خالجك شعور دفين وحنين غريب إلى خوض غمار الزحام والتمتع بمنظر السيارات وهي تصطف في طوابير طويلة أملا في الوصول إلى أحد المخارج، ولكي يتسنى لك استعراض قروبات «الواتس آب» أو الاستماع إلى برامج الإذاعة فما عليك سوى التوجه إلى أقرب مشروع لمترو الرياض لتعود لك البسمة من جديد ويذهب عنك الضجر عندما تشاهد ازدحام السيارات أمام التحويلات والمخارج المستحدثة وتأكد بأنك ستشاهد ازدحامًا مختلفًا ومفاجآت مختلفة أيضا.