تمر الرؤية الطبية للسرطان بمرحلة انتقالية مع تركيز الاطباء على علاج الجينات المعيبة التي تسببت في المرض لا علاج العضو الذي أمسك المرض القاتل بتلابيبه. ويأمل خبراء علم الاورام في ان يمكنهم فهم الأساس الجيني للسرطان لا التركيز على العضو الذي نشأ فيه المرض سواء كان الثدي او الكلى من توفير علاجات أفضل وأكثر فاعلية تناسب ظروف كل حالة. لكن خبراء بارزين في المرض يقولون ان الاطباء في اختبارهم لهذه النظرية عن كثب يواجهون نجاحات في أحيان واخفاقات في أخرى مما يشير الى ان التوصل الى العلاج الامثل للسرطان قد يكون معقدا أكثر مما أمل البعض. ويقول الدكتور ريتشارد بازدور كبير خبراء علم الاورام في الادارة الامريكية للاغذية والادوية انه حتى وقتنا هذا لا يوجد فهم كامل للتحور الجيني الذي يؤدي الى نمو السرطان. وقال بازدور في مقابلة خلال اجتماع للجمعية الامريكية لطب الورم الاكلينيكي في شيكاجو "ما يريده الناس والواقع العلمي شيئان مختلفان تماما." ويقول انه في الوقت الراهن هناك "فقط حفنة من العلاجات" تستهدف جينات بعينها مسببة للسرطان. وبدأ بعض أطباء الاورام يستخدمون هذه العقاقير لعلاج السرطان لدى اناس لديهم تحورات جينية مشابهة رغم ان هذه العقاقير لم تحصل على موافقة الجهات المعنية لعلاج هذا النوع من السرطان الذي يعاني منه المريض. وحين يفلح العقار تكون النتائج مذهلة. وكأن السرطان قد تبخر والتقدم الذي أحرز في فرص البقاء على قيد الحياة يحسب بالشهور والسنوات لا بالاسابيع. وهذا التحول دفع عددا كبيرا من الاطباء في التساؤل عما اذا كان الاسلوب المتبع في الموافقة على العقاقير استنادا الى نوع الورم الذي تستهدفه بحاجة الى تغيير. لكن في المقابل حدثت احباطات. فالادوية التي تنتجها شركتا روش وجلاكسو سميثكلاين التي تستهدف اوراما تشهد تحورات تعرف باسم (براف) يمكن ان يكون لها تأثير فعال وان كان غير دائم في علاج سرطان الجلد او الورم القتاميني. لكن هذه الادوية لم تفلح مع مرضى سرطان القولون الذي وراءه نفس التحور (براف) وذلك وفقا لدراسة نشرت عام 2012 وبدأت تبث الشك بين الخبراء. وتقول الدكتورة باربرا كونلي من المعهد الوطني للسرطان "الاغراء في الممارسة هو ان تجد التسلسل الجيني للورم واذا ظهر شيء له دواء حاصل على الموافقة يقبل طبيبك على تجربته بغض النظر عن نوع الورم. لكن الامر قد لا يكون بهذه البساطة." وطبقا لبيانات جديدة قدمت في الجمعية الامريكية لطب الورم الاكلينيكي اتضح ان سرطان القولون الذي به تحور (براف) وراؤه تحور اخر اسمه (إجفر). وفي مثل هذه الاورام قد يضطر الطبيب الى استخدام تركيبة بها عدة عناصر حتى تضرب الهدفين معا. ويقول الدكتور بيرت فوجلستاين خبير الجينات السرطانية بجامعة جون هوبكينز في بالتيمور انه لا توجد ادلة كافية على ان اختيار الدواء وفقا للتحور الجيني لدى المريض يحسن من الرعاية التي يلقاها. ويضيف "هذا بالقطع افتراض لم يتم اثباته بعد ويجب ان نختبره." القفز الى الملمح الجيني يقول خبراء الاورام الذين أجرت معهم رويترز حوارات ان رسم خريطة للتحور الجيني للاورام أصبح عملية روتينية خاصة مع مرضى المراحل المتقدمة الذين لم ينفع معهم الاسلوب التقليدي. وتقول (فاونديشن مديسن) التي تجري هذه الاختبارات ان الاقبال زاد عليها بنسبة 67 في المئة في الربع الاول من العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ويقدر الدكتور ريتشارد شيلسكي كبير المسؤلين الطبيين في الجمعية الامريكية لطب الورم الاكلينيكي والاستاذ بجامعة شيكاجو انه في 70 في المئة من هذه الاختبارات يجد الاطباء تحورا جينيا يمكن ان يختاروا له عقارا ما. لكن شركات التأمين الصحي لا تبادر بتغطية علاج دون حصوله على موافقة الجهات المختصة لاستخدامه في هذه الحالة تحديدا الا اذا كانت هناك أدلة على نجاحه. وقالت جنيفر مالين المديرة الطبية لادوية السرطان لدى شركة آنثيم للتأمين الصحي "انهم يجربون. ومن قال ان هذه العلاجات ليس لها اثار جانبية؟ لها اثار جانبية." وستخضع المسألة لدراسة موسعة خلال تجربة اكلينيكية كبيرة للسرطان تحت اشراف المعهد الوطني للسرطان. والقصد هو اختيار العلاج المناسب للخلل الجيني وراء اصابة شخص ما بالسرطان من بين واحد او اكثر من العلاجات التجريبية التي تمت الموافقة عليها لاستهداف هذا الجين. ويقول فوجلستاين ان الامر يتطلب تجارب اكلينيكية واسعة لاثبات النظرية الافتراضية التي تقول ان اختيار علاج المريض استنادا الى ما يحدث من تحور جيني في الورم الذي اصابه ينجح. ويضيف "مثل كل الشيء .. الشيطان يكمن في التفاصيل." رابط الخبر بصحيفة الوئام: الانتقال الى العلاج الجيني للسرطان قد لا يكون في متناول اليد