حينما تكون الحاجة أم الاختراع، فإن الوسيلة هنا لا تعرف جنسا معينا بل تكون الفرص حاضرة للذكر أو الأنثى، خصوصا لأولئك الذين يريدون العمل باليد ويأكلون كما يقال من عرق الجبين، وتحضر المرأة في هذا المجال، فهي وحينما تكون هي رب الأسرة وهي العائل الوحيد لها فإن عمل اليد يعتبر الأنسب خصوصا أن الشهادات العلمية تنعدم، ومجال العمل باليد لا يعترف بها، فقط يعترف بمن تحترف المهن وتتقن الصناعة. ولذلك تشتهر بلادنا بالنساء الحرفيات اللاتي تمكنا من أن يصبحن حرفيات مبدعات وذات دخل جيد، استطعن منه شراء البيوت والسيارات وتربية من تحت أيديهن التربية المناسبة. صانعات «الكليجا» قد يكن أشهر الحرفيات في وقتنا الراهن، نقلهن هذا المنتج حينما أتقن صناعته من العدم، إلى صانعات ماهرات لهن ماركتهن التجارية، وشهرتهن التي تخطت الحدود ووصلت لبلاد الغرب (أوروبا وأميركا). ففي ركن صنع الكليجا في مهرجان الكليجا السابع المقام حاليا بمركز الملك خالد الحضاري بمدينة بريدة، تجذب (أم عبد الله) المرأة المسنة وهي تعد الكليجا من الألف للياء، تجذب الزوار وهي تعجن بيديها المنهكتين الذكريات للعائلات عبر مشهد رائع، كيف كانت صناعة الكليجا رمزا وحضارة لأهل بريدة حتى الآن. وأصبحت تلك المرأة المكافحة التي تعول عددا من الفتيان والفتيات من أجل البحث عن لقمة العيش الكريمة تمتلك ماركة تجارية (كليجا أم عبد الله)، وزبائن من كل مكان، وتقول أعمل على وضع حاويات وأكياس تحمل علامتي التجارية، فالكليجا مهنتي، وأمتلك عمرا معه، حيث ساهم بنقلي من حال الفقر لحال العيش الرغيد ولله الحمد. وفي محل آخر، تقف السيدة (أم أنس) نموذجا يحتذى به عن دور المرأة وصمودها عندما تنظم إلى قائمة المكافحات، والمحافظات على الإرث والتأريخ، من أجل البقاء بشرف والعيش على الرغم من ثقل المسؤولية وتحمل مصاريف الحياة وتحدي الفقر. وأضافت أم أنس كانت حياتنا صعبة، كدنا أن نصل لمستوى محزن، لكني كنت قد ورثت صنع الكليجا من جدتي ووالدتي، بادرت لامتهانها، وكنت قد حفظت خلطة شعبية مميزة عن جدتي، ساعدني زوجي ووقف معي، فكان مهما في منظومة عملي. وأردفت أم أنس في كل سنة حالنا تتحسن، نقلنا الله بفضل «الكليجا» إلى حال أفضل، تعلم الأولاد والبنات، وتعلم بعض من بناتي الصنعة، اشتهرت لدى المبتعثين ببريطانيا وأميركا، وكذا الجاليات الموجودة هناك، وعمت ماركتي أرجاء خليجنا العربي، فأقراصي تحمل نكهة خاصة، علما أنني أعلن عنها لمن يحتاجها، لكن هنا تختلف اللمسة. ولم تعد الكليجا – منتج بريدة الأشهر – مجرد سلعة غذائية تباع بثمن بخس، بل باتت محورا رئيسا في قيام مئات المشاريع للأسر المنتجة، مع ما يتبعه من مواد أخرى كالبهارات والحلويات الشعبية ومشتقات التمور وغيرها، وخذا ما تبرهنه أم ثامر التي امتهنت صناعة هذا الأكلة الشعبية وبيعها منذ أكثر من ربع قرن. وزفت أم ثامر بفرح عارم لمسؤولي مهرجان كليجا بريدة السابع خبر شرائها لفيلا سكنية من ريع عملها وبناتها في هذه المهنة وبمساعدة من أبنائها، بعد أن كانت تقطن في شقة صغيرة لا تكاد تتسع لأفراد عائلتها ذات الدخل المحدود. وأشارت أم ثامر أن المهرجان ومنذ انطلاقته قبل 7 أعوام كان سبيلها الوحيد لتكوين قاعدة عريضة من الزبائن حتى ذاع صيتها ووصل إلى بعض العواصم العربية والأجنبية بعد أن كانت تبيع في أزقة وأحياء بريدة. رابط الخبر بصحيفة الوئام: الكليجا القصيمي ينقل نساء من علامة «العدم» إلى علامة «مسجلة»