أكد إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد، أن الارض الآن اصبحت تموج بالاضطرابات والتقلبات التي يقف من ورائها الاعداء لاشعال الحروب الطائفية والفتن الداخلية. وقال في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام: "إن الفتن تهدد العالم بأسره بما تحمله من خطر الإرهاب والإرهابيين وتشويه دين الإسلام وتمزيق دياره وتقطيع أوصاله من أجل المزيد من الضياع والفقر واليأس والتشريد، إرهاب هو صنيعة استخبارات دولية وإقليمية يحظى بالرعاية والتسليح والتمويل، وقودُه خوارج ضالون وعملاء محترفون ممن ارتهنوا أنفسهم لأعداء الدين والأمة والأوطان". وأشار فضيلته إلى أنه إرهاب يكفر المجتمعات المسلمة ويستبيح الدماء المعصومة فهذه الفتن والأحداث كشفت أوراقا وفضحت أقواما وأسقطت رموزا وأظهرت عوار الاتفاقيات والمواثيق الدولية ودعاوى السلام، مبينا أن هناك نوعين من الإرهاب؛ إرهاب هيئات ومنظمات، وإرهاب دول. وأضاف: "أما إرهاب الهيئات والمنظمات فيأتي في مقدمة أولئك خوارج العصر الذين يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان من حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام وما علم هؤلاء أنهم يخدمون أعداءهم ويهدمون بيوتهم ويقضون على وحدة أمتهم ويزعزعون مجتمعاتهم ويشككون في ثوابت أمتهم وأصولها ومبادئها، ومن ثمّ دفعها إلى التناحر والتنازع والاقتتال واستنزاف الموارد وتبديد الطاقات البشرية والمادية وإضعاف الولاء للدين والوطن والأمة. ووصف فضيلة الشيخ بن حميد الصمت العالمي الرهيب على جرائم القتل والإرهاب والإبادات الجماعية في سوريا والعراق وفلسطين ومناطق أخرى في مواقف مخزية محزنة لا تلوح بوادر لنهايته، بأنه استغلال للإرهاب وتوظيفه من أجل أهداف سياسية وخطط عدوانية ومصالح ضيقة، بل لا يستنكفون من الغدر بأطفال وشيوخ ونساء وعجزة ليس لهم في الحرب ولا في السياسة ورد ولا صدر، أما العدو الحقيقي اليهودي الغاصب المحتل ومن شايعه فهو في سلامة وعافية. وأضاف: "أما النوع الثاني من الإرهاب فهو إرهاب الدول حيث يأتي العدو الصهيوني في موقع الريادة فعدوانه وجرائمه تمثل قمة الإرهاب والعدوان على الحقوق المشروعة لإخواننا في فلسطينالمحتلة من قتل للنساء والأطفال وتهديم وتدمير للمدارس والمساجد والمستشفيات؛ فإسرائيل تنتهج نهج هذه الجماعات الإرهابية فتجعل من العنف والقتل والإرهاب والتشريد طريقها لتحقيق غاياتها فهي ترتكب المجازر وتمارس أفظع صور الإرهاب وتمتلك أسلحة الدمار الشامل . وبيَّن فضيلته أن غزة انتصرت لأنها كشفت عدوان العدو وإفكه وهمجيته؛ فغزة صمدت بعزم وصبرت ببأس، مؤكدا أن كل من صمت عن الإرهاب في دوله أو جماعاته أو منظماته سوف يكتوي بناره، مؤكدا أنه يجب سد المنافذ على الذين يخترقون الصفوف، وقال: "لا يسد تلك المنافذ إلا أهل العلم والدين والبصيرة في منهج حق يوحد ولا يشتت، فينبغي فتح الصدور للعلماء والصالحين لتكون القلوب حضنا دافئا يسع الجميع وفي بطن المآسي يكون الفرج والمخرج، مبينًا فضيلته أن من معالم منهج السلف الصالح أهل السنة والجماعة الالتزام بمقتضى الدليل والمصلحة الشرعية في الجهاد والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومواقفهم من أهل البدع بداعي النصح لله ولرسوله ولجماعة المؤمنين وليس بداعي الانتقام والتشفي والتشهير، فهذا المنهج يستر عيوب المسلمين ولا يتتبع عوراتهم، ولا يذكرون أخطاء أهل العلم إلا لبيان الحق مع لزوم الأدب وحفظ حق كل ذي حق ويلتمسون العذر ما أمكن . ولفت فضيلته إلى أن الموالاة والمعاداة في منهج أهل السنة والجماعة تكون على الحقائق لا على الدعاوى والأسماء فهم يفقهون معنى الجهاد فلا يفرحون لعثرات العاثرين ولا يسيئون الظنون، فأهل السنة والجماعة متحدون في منهجهم وغاياتهم ومسلكهم متنوعون في مقاماتهم ومنازلهم، ففيهم العالم والمجاهد ورجل الدعوة والمحتسب، وكل من لم يتلبس ببدعة فهو منهم. ودعا الشيخ ابن حميد المسلمين إلى عدم التحدث في الفتن والخوض فيها والبعد عن سفهاء الأحلام الذين يخوضون في مثل هذه الأمور حيث يزداد خطر تلك الفتن ويعظم شرها ويستطال شررها من كثرة التكلم فيها، ومن هنا حذر السلف الصالح من الخوض فيها. وفي المدينةالمنورة حضَّ إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ على بن عبدالرحمن الحذيفي في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي اليوم المسلمين على التحلي بقيم الصلاح والإصلاح قائلا: "إن الصلاح والإصلاح من أحب الأشياء إلى الله, وإن الصلاح هو صلاح النفس وإن الإصلاح هو تقويم ما انحرف من أحوال الفرد والجماعة أو إصلاح ما فسد من العلاقة بين اثنين أو طائفتين على مقتضى الشرع الحنيف ". وأضاف: "إن الإصلاح هو التقريب بين القلوب المتنافرة ولم الشعث في الآراء المتباعدة وإعطاء الحقوق الواجبة لأصحابها بسعي المصلحين واحتساب أهل الخير". وأكد فضيلة الشيخ الحذيفي أن إصلاح ذات البين باب من أبواب الجنة وهو أمان من الفتن الخاصة والعامة وجلب للمصالح خاصة وعامة ودرء لمفاسد يعم ضررها وهو سد لأبواب الشيطان التي يدخل منها على الإنسان، موضحا أن المتأمل لتاريخ الأفراد والأمم يجد أن الشرور اتسعت دائرتها بسبب غياب إصلاح ذات البين, وأن كثيرا من الشرور دُفعت وصُرفت بسبب إصلاح ذات البين وهو من مقاصد الإسلام العظيمة وتعاليمه الحسنة الكريمة, مستشهدا بقول الحق تبارك وتعالى ((فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم)), وبقول رسول هذه الأمة صلى الله عليه وسلم (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله؛ قال: إصلاح ذات البين؛ فإن فساد ذات البين هي الحالقة) وزاد (لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين(. وأفاد فضيلته أن الإصلاح يكون أيضا بين الزوجين فيما اختلفا فيه لما يضمن لكلٍ حقه، قال تعالى ((وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما)), مفيدا أن الإصلاح يحافظ على كيان الأسرة من التصدع والضياع وتدوم به الرعاية الأسرية وتقوى به الروابط وهو المأمن من الانحراف والفساد. وأكد فضيلته أن الإصلاح يكون كذلك بين الأقرباء فيما وقع بينهم من الخلاف لتتم به صلة الأرحام لأن صلة الأرحام بركة وخير وسبب من أسباب دخول الجنة موردا قول المصطفى عليه السلام في الحديث الشريف (الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله), وقوله عليه السلام (من سرَّه أن يُبسط له في رزقه أو أن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه)، مبينًا فضيلته أن الإصلاح يكون أيضا بين المتخاصمين من المسلمين، قال تعالى ((إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم )). وحث فضيلته المسلمين على التمسك بهذا الباب لما له من الخير الكثير والأجر العظيم فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلح بين أصحابه رضوان الله عليهم جميعا, وأن المسلمين مأمورون بالإصلاح بين الناس وما بعد ذلك فهو إلى الله، والله تعالى قد ضمن الثواب للمصلحين. كما دعا فضيلة الشيخ الحذيفي المسلمين في ثنايا خطبته إلى تقوى الله في السر والعلن لأنها سبيل النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. رابط الخبر بصحيفة الوئام: "ابن حميد": الإرهاب صنيعة استخباراتية لإشعال الفتن وتمزيق الإسلام