في غزة دعاةٌ على باب جهنم يفتحون أبواب الجحيم على أهلنا هناك تحت مسمى العزة والكرامة، والغريب في الأمر أنه ومع كل ما حدث ويحدث في غزة، إلا أن بعضهم لا يزال مصرًّا على نعت أخيه المسلم بالمتصهين؛ لأنه عبَّر فقط عن رأيه بمقاومة حماس وكأنها "ربهم الأعلى"، تعالى الله عما يصفون..! لسنا ضد المقاومة، ولكننا في الوقت نفسه مع الدفاع عن دماء الأبرياء الفلسطينيين، وهذه حقيقة لا يزايد عليها عاقل، ولكن إذا لم تستطع أن تدفع عدوًّا مازال يقتل الأبرياء قصفًا، فكيف نسميك "مقاومة" حتى ولو قلنا ذلك تجاوزًا؟!! والغريب أنهم يتمسكون بقشة الخديعة والتبرير الممجوج ، كما هو الحال دائمًا. فيقولون بعد أسر الجندي اليهودي (أرأيتم، ألم نقل لكم إن حماس ستفعل شيئًا!!) وكأنها خططت لهذا من قبل، أو كأن تلك الحرب الضروس حققت أهدافها بأسر جندي واحد فقط! أو يقولون إن الأمر لن يتغير حتى وإن لم ترتكب حماس حماقةً من حماقاتها، وتستفز عدوها، فاليهود سيستهدفون أهل غزة كما يفعلون دائمًا. وهو أمر غير صحيح؛ لأن حماس هي دائمًا مَن تزيد الأمر سًوءا بسبب أفعالها العسكرية الساذجة، عندما تطلق "صواريخها العابرة للقارات ذات الرؤوس النووية" التي أرهبت العالم بها!! كل هذا الاستثمار في الموت جاء من أجل الجماعة وظهورها في صورة الفصيل المقاوم للعدو، وخاصةً بعد سقوط إخوانهم في مصر..!! والدليل على ذلك أنهم رفضوا مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي، مع أنها هي ذاتها مبادرة الرئيس المعزول محمد مرسي التي قبلوها، بل إنها أفضل وأكثر تفصيلًا، فلو أنهم يريدون حقن دماء المسلمين، وهذا همُّهم، لما رفضوا مبادرة السيسي وقبلوا مبادرة مرسي، لكنها الحزبية المقيتة وما تصنع بالمرء. والأغرب أن هناك مَنْ يقسو على وطنه، ويقف مع كل ساقط، سواء كان مرتزقًا أو خلافه، سمهم ما شئت، إنهم أولئك الذين يسبوننا لا لشيء، إلا لأننا نعيش بأمن وأمان، ولقد صرّح الكثير منهم في (تويتر) بذلك!! وبشعارات رنانة لا تنطلي إلا على السذج! وإني لأتساءل: هل هم أغبياء لهذه الدرجة أم أنها الخيانة؟ التي يسب فيها نفسه ويعيد تغريدةً لمَن يسبُّ وطنه وشعبه وإعلامه وصحفييه وحكّامه فيتهمهم بالصهينة، والذين نعرفهم ونعرف دينهم ولا نشك ولو لوهلة فيهم وفي إخلاصهم مهما شكك فيهم أمثال (أحمد بن راشد بن سعيّد) وزبانيته من المتسلقين على أنقاض هذه القضية وأمثالها وجمهوره الفارغ من العقل والحكمة والتثبت. فهؤلاء تقودهم أحقادٌ شخصية وتوجهاتٌ مشبوهة ورؤى متخلفة تعيش في زمنٍ غير الزمان، وفهمٍ لا يمت للدين بصلة ولا لمنهج محمد صلى الله عليه وسلم، وبشعاراتٍ فضفاضة خالية من الدليل على التشكيك بولاء الحكومة والإعلاميين لله ثم الوطن والقضية الفلسطينية. وعندما تناقش أحدهم وتقول: ما هي إنجازات حماس في غزة منذ أن تولت الحكم فيها؟! تجده بلا فهم ولا وعي يذهب يسارًا ويمينًا ثم يرد: لكنها تقاوم! فيرجع بك إلى نقطة الصفر التي بدأت معه فيها (أنها تقاوم!)، وهذا يثير العجب من هذه النوعية من البشر الذين يختلقون أكاذيبهم للخروج من مأزق النقاش الذي تورطوا فيه! ويا لها من مأساة نعيشها بين عدوٍ يتمدد وبين أخٍ يتنطع، ويزيد الطين بلة أنهم يتهمونك بالصهينة، في الوقت الذي ستوافق فيه حماس على الهدنة بعدما خربت مالطا. فهل حماس في نظرهم وقتها متصهينة؛ لأنها طالبت بما طالبنا به في بداية اشتعال الشرارة (التهدئة) وعدم الاستمرار في مقاومةٍ غير نافعة وجالبة للكثير من الخسائر البشرية والمادية؟!! والحقيقة المرة الأخرى أن حماس تحفر أنفاقًا من بيوت الناس في غزة امتدادًا للوصول إلى الصهاينة في أراضيهم لتنفيذ عملياتها، وكما هو الحال في الماضي يقتلون عشرة في حافلة، ويأتي اليهود فيقصفون ويقتلون ألفًا من الفلسطينيين، فمَن المنتصر ومَن الخاسر في هذه الحرب؟!! بالتأكيد ليست إسرائيل ولا حماس الخاسرين.. بل أهل غزة، فاليهود يراقبون تحركات حماس منذ بدءوا حفر الأنفاق في شمال غزة، ولقد حددوا مواقعها وقصفوا البيوت التي تُحفر منها فهدموا بيوت المسلمين وقتلوهم، وحماس آمنة لم تتعرض لشيء. ومَن يدفع الثمن هم العزل الذين خدعتهم حماس بأن هذه الأنفاق ستزعج الصهاينة وتهددهم، ولقد صدقوا في هذا، ولكنهم لم يصدقوا في حماية أصحاب هذه البيوت؛ لأنهم وبكل سذاجة لا يعلمون أن اليهود كانوا يرصدون جميع تحركاتهم، فلا هم نفذوا مهمة الحفر، ولا هم كانوا أكفاء لحماية أصحاب البيوت العزل من أهالي غزة. فتدمرت بيوتهم وقُتل الصبية والعجائز، وحماس لم يمسها أذى، إلا أن مخططها الفاشل زاد فشلًا بقتل اليهود للأبرياء وهدم الأنفاق، أليست هذه حماقة من حماس وتسبُّبًا في قتل الأبرياء؟! فأجيبوا إن كنتم تعرفون الإنصاف والصدق وكلمة الحق التي تدّعون قولها!! وإذا نظرنا من الناحية الشرعية فعندما تتعارض النفس مع الأرض والوطن، فالأولى تقديم النفس كما فعل نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام عندما خرج من مكة، وهي وطنه الأصلي وقبلة المسلمين وأطهر بقاع الأرض بأمرٍ من الله، فالنفس مقدَّمة على الأرض، وإذا تعارضتا ووجب الاختيار فالنفس لا تعوَّض والأرض تعود مهما طال بها الزمان. وهكذا الحال في غزة لمن أراد اتباع الحكمة الإلهية والترجيح النبوي، وليس ترجيح الحمقى الذين يقولون: نبقى ونقاوم مقاومة حماس، فخسروا النفس والأرض معًا. بقي أن أقول: لا ندعوكم للخروج من فلسطين، لكن بقاءكم أحياء خيرٌ من موتكم في معركةٍ خاسرةٍ مع اليهود، وفي نهاية المطاف مَن تاجر بدمك وعرَّضك لمزيدٍ من الجراح والقتل والدمار هو مَن يقف ويهادن اليهود، فلماذا العناء منذ البداية إذًا؟ ولماذا المكابرة من حماس ومَن يؤيدها؟!.. إلى اللقاء محمد الجبير