يبدو أن البنى التحتية لا يقتصر تهالكها على مدن الأطراف بقدر ما هي سرطان مستشري في كل الأمكنة سواءً أكانت قريبة أم بعيدة من مصدر صُنع واتخاذ القرار ، هذا الفرض يُثبته ما حدث للرياض قبل عدة أيام والتي كُنا ننظر إليها كواحدة من أبرز مدن العالم تنظيماً واهتماماً ، كيف لا وهي تحت رعاية هيئة عُليا لتطويرها منذ عشرات السنوات ، مما يُخوِّل لنا بأن مشاريعها نوعية ، في الوقت الذي كانت فيه مُدننا تفتقد هذه الخصوصية المُتفردة . التداعيات السلبية التي حدثت نتيجة زخات المطر الأخيرة على مدينة الرياض واصلت كشف مستور المشاريع المُتعرِّية أصلاً والبعيدة كل البعد عن أبسط معايير الجودة في تنفيذها ؛ الأمر الذي يعني أن النداءات المُتكررة للكثير من المُنتقدين لأداء هذه المؤسسات لم يلق آذاناً صاغية من قبل المسئولين على عملية التعاقد مع مثل هذه الجهات التي لا تُقيم أي اعتبار إلا للكم الربحي الذي ستخرج به في نهاية المطاف ، وبمُشاركة ومُباركة من المكاتب الهندسية التي تستلم المشاريع بعد الانتهاء من تنفيذها دون التأكد من مدى مطابقتها للمواصفات المنصوص عليها في العقد ، بعيداً كل البعد عن أي اعتبارت أخرى ترتبط بأخلاقيات المهنة أو حقوق المواطنة الواجب عدم المساس بها . لقد شكلت العاصمة – الرياض – ثالثة الأثافي مع جدة وتبوك التي ذاقت الأمريِّن كنماذج لسوء البنية التحتية عند مواجهتها لأقل ما يُمكن وصفه بأنه مطر ، مما يؤكد أننا أما تحديات غاية في الخطورة إذا لم يؤخذ هذا الأمر بعين الاعتبار ليس في هذه المدن فحسب بل في كل مُدننا ؛ خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار التحذيرات التي تُطلقها بعض المصادر المهتمة بالمناخ والتي تتنبأ بمرور موجة غير مسبوقة بهطول أمطار بكميات كبيرة ، فالأسلوب الوقائي مطلب حتمي حالياً ، بعد أن كُنا نتعامل مع المُشكلة حال حدوثها . أما ترسية المشاريع إذا استمرت على ما هي عليه في السابق والآن فإننا سنرى " كوارث " إنسانية ، وهدراً لمقدرات الوطن ، وتعطيلاً فاضحاً لتنميته ، وللأسف يحدث كل هذا وباستمرار وعند البحث عن الأسباب نُعلقها دوماً على شماعة " القضاء والقدر " متناسين أننا مدعوون للأخذ بالأسباب التي لا يوجد لها مكاناً فارغاً في تفكير القائمين عليها لإنشغالهم بتضخيم أرصدتهم على حساب قيمهم . د . محمد الثبيتي [email protected] @dmohammadalthob رابط الخبر بصحيفة الوئام: الرياض : إني أغرق أغرق #أمطار_السعودية