أعادت لي الخريطة التي بثتها صحيفة النيويورك تايمز عن التقسيم المزعوم للسعودية ذكريات الصغر عندما كنا نستمتع بمشاهدة فيلم الحدود للممثلَين السوريين " غوار ورغده " ؛ الأمر الذي يعني أن العرض استدعى المعاني من اللاشعور – كما هو تعبير علماء النفس – ولكن في إطارها الفُكاهي – آنذاك – والذي يبعث الدهشة البرئية من التعقيدات التي غالباً ما تُميزنا – نحن العرب – خاصة بعد أن استطاع الاستعمار أن يوِّرث الفُرقة والشتات كسمة تعاظمت في مُحيطنا العربي بتواتر أسس لبيئات طاردة لبعضها البعض . ولكن الخريطة الحديثة ليست فيلماً يقوم بأبطاله نجوم السينما بل هو رؤية ترتبط عضوياً بمشروع أُتفق على تسميته " الشرق الأوسط الجديد " ؛ مما يعني أننا أمام خبث سياسي يسعى وفق تخطيط بعيد المدى لإحداث خلخلة ترتكز على الفلسفة البرجماتية كخيار لا يقبل القسمة على اثنين للدول ذات النفوذ ، ولا يُقيم وزناً لدول الأطراف التي لا حول لها ولا قوة إلا الانتظار لما ستسفر عنه خطوط الطول والعرض لهذه الخريطة التي دقت جرس الإنذار في الكثير من العواصم ذات العلاقة . صدور الخريطة في هذا الوقت الذي يشهد تذبذباً بل ضعفاً متنامياً في الدور الأمريكي في العالم كونها – شُرطِّي له – قابله تزايداً في علو كعب الحراك الروسي وتأثيره الذي برز من خلال دعمه اللامحدود لحليفه الاستراتيجي " النظام السوري " ناهيكم عن التقارب المُريب والمُتسارع بين العدوين اللدودين " أمريكا وإيران " أقول : رُبما هيأت هذه البيئة الفرصة للمعنيين برسم خارطة الشرق الأوسط الجديد وإبرازها كخطوة يُهيئوا من خلالها الشعوب العربية لحتمية التغيير التي من وجهة نطرهم لا تعدو أن تكون إلا مسألة وقت لا أكثر . ماذا بقي – على حد تعبير صديقي القطوع أحمد العرفج – بقي أن نُنْزِل الأمور في إطارها المنطقي ، ونتعامل مع الحدث بجدية لا تقبل الاستهزاء – خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار المؤشرات السلبية للمواقف الأمريكية المتمحورة حول المصالح الاستراتيجية لها – عليه فإننا مطالبون كمواطنين بتعزيز لُحمتنا الوطنية ، والتأكيد على أن المصالح العُليا للوطن فوق كل اعتبار ، وأن الاصطياد في الماء العَكِر من الحاقدين أمرٌ مُحاربته أضحت واجبة من الجميع وفي كل المساقات ، يُقابله من الحكومة التفات للكثير من الملفات الساخنة التي في الغالب كانت ولا زالت السبب الجوهري للكثير من الإفرازات السلبية المُولِّدة للاحتقان المُجتمعي . د . محمد الثبيتي [email protected] رابط الخبر بصحيفة الوئام: سعودية ستان !!!