كل إنسان في هذه الحياة يمر بأدوار أساسية فهو يعيش دور الابن والابنة ودور الموظف والموظفة والزوج والزوجة والأب والأم والجد والجدة……. ومن أبرز هذه الأدوار دور الزوج والزوجة وفي هذه المرحلة من الحياة يقضي الشاب والشابة سنيناً عدة للاستعداد لها مفعمين بالأماني وممتلئين بالعواطف الجياشة تلهفاً لمرحلة الزواج الذي يسبقها الكثير من الأحلام الوردية. إلا وأنه بعد فترة من الزواج يدب الملل في هذه الحياة وتنشأ العديد من المشكلات , ويكتشفا أن الأحلام تبخرت وأصبحت مجرد أوهام , وباتا شخصين منفصلين عن بعضهما البعض عاطفياً لا يربطهما سوى عقد الزواج الرسمي أما على أرض الواقع فهما منفصلان إلا من الحياة الروتينية كتناول الطعام ورعاية الأطفال…….. هذا ما يسمى ب " الطلاق العاطفي " فتزداد الخلافات والتوترات تصل معه الحياة الزوجية إلى جفاف عاطفي خالية من مشاعر الحب والمودة. هذا الطلاق العاطفي هو عبارة عن استمرار الزوجين تحت سقف واحد على أن يكون لكل منهما حياته الخاصة بمنأى عن الآخر. ومن وجهة نظري فإن هذا الطلاق أشد وطأة من الطلاق الشرعي لأنه موت بطيء تجرد من الشعور بالأمان واختفت فيه السعادة والحنان. هذا الطلاق لم يأتي من فراغ فلكل شيء سبب وأسبابه كثيرة لعل من أبرزها : فارق العمر بين الزوجين بحيث يكون لكل منها اهتماماته الخاصة دون أمور مشتركة , كما أن لعدم قناعة الزوج بالزوجة والعكس دور كبير في الوصول لهذه المرحلة , وربما يكون عدم توفر النظرة الشرعية هي السبب حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أكد على ذلك بقوله لأحد أصحابه " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ". وهناك أسباب أخرى تتمثل في غياب الزوج المتكرر عن المنزل لسفر أو غيره. ومن الأسباب الجوهرية اختلاف أو تباين المستوى الثقافي فلا تكاد تجد رابطاً بين الزوجين فلكل منهما توجهه وخاصة فيما يتعلق في شؤون الحياة الزوجية والتربية وغيرها, كما أن إنجاب الأطفال يلعب دوراً كبيرا في هذا الطلاق حيث تنصرف الزوجة للاهتمام بتربية ورعاية الأطفال وإهمال الزوج. هذا الطلاق يتجلى في أمور كثيرة بين الزوجين كالعصبية الشديدة وغير المبررة وانعدام الحوار والنوم في أماكن مختلفة وكثرة النقد والسخرية….. هذه الأسر التي تقع تحت وطأة هذا الطلاق هي بالتأكيد أسر مضطربة مفككة وضرره ليس مقتصراً على الزجين وحسب وإنما يمتد على الأولاد ونتاجه أطفالاً قلقين حائرين عاشوا الكثير من المتناقضات بين أب وأم منفصلين عاطفياً مبتعدين عن بعضهما في كثير من الأمور وبالتالي هؤلاء الأولاد عرضة للاضطرابات النفسية وربما الذهانية كالفصام. وللحفاظ على عش الزوجية يقع ذلك على عاتق الزوجين وإعادة الحب والعاطفة للمنزل هو من مسؤوليتهما ولن يحدث ذلك إلا بالمناقشة والحوار والتفاهم ورسم الأدوار بينهما والاتفاق عليهما والبعد عن التقاطعات في هذه الأدوار كما أن تقديم التنازلات والتضحيات أمر مطلوب فهو وقود استمرار هذه المؤسسة وإلا فإن الطلاق الشرعي أرحم لهما وأسلم لأطفالهما. على دروب الخير نلتقى خالد بن عبدالعزيز الغنام رابط الخبر بصحيفة الوئام: عقود زواج منتهية الصلاحية «الطلاق العاطفي»