افتتح الأستاذ محمد بن عبدالله الشريف رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) ندوة (دور المراجعة الداخلية في حماية النزاهة ومكافحة الفساد) التي تعقد يومي السبت والأحد 22-23/7/1434ه, في فندق مداريم كراون بالرياض. وشارك في الندوة عدد من المختصين في الجهات الرقابية وشؤون حماية النزاهة ومكافحة الفساد؛ من داخل المملكة وخارجها، من بينهم السيد سميح بينو رئيس هيئة مكافحة الفساد بالأردن, ونائب رئيس البنك الدولي للنزاهة, ورئيس المجلس الاستشاري لرجال الأعمال بمنظمة الشفافية الدولية, ونائب مدير برنامج الاستثمار في منظمة ال ( OECD ), والمدير التنفيذي لمشروع العدالة العالمي، ومدير المخاطر الإقليمي بوحدة الاستخبارات الاقتصادية بالمملكة المتحدة. وبدأ الأستاذ محمد بن عبدالله الشريف رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة)، حديثه في الندوة بقول الله سبحانه: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)(سورة القصص77). وعزا الشريف تأخر صدور أحكام تعاقب مَن ثبتت عليهم تهم بالفساد في السعودية إلى الإجراءات القضائية، مؤكدا أن الهيئة تترقب صدور تلك الأحكام خلال الفترة القصيرة المقبلة، لافتا إلى أن الهيئة لا تملك الحق في إعلان ونشر أسماء المتهمين في قضايا الفساد حتى تتم إدانتهم وصدور أحكام بحقهم من قبل المحاكم القضائية المتخصصة. وقال الشريف في تصريح صحافي عقب افتتاح الندوة: "إن صدور الأحكام ليست بيد الهيئة، نظرا لكونها جهة كشف وتحقق وجمع معلومات لإثباتها، فيما تحيل جهة التحقيق المدانين للمحاكم المتخصصة، ونتمنى أن تصدر أحكاما في أقصر وقت لكن هذا ليس بيد الهيئة". ولفت إلى قيام (نزاهة) برفع تقارير لخادم الحرمين الشريفين حول الجهات الحكومية التي تجاهلت الرد على استفساراتها ولم تتعاون معها، مضيفا أنه لا يحق للوزارات والجهات الحكومية تجاهل استفسارات الهيئة، وعدم التعاون معها، حيث تقوم في تلك الحالة بتذكيرها وإذا لم تتجاوب يتم الرفع لخادم الحرمين الشريفين مباشرة بتقارير عن تلك الجهات المقصرة. وقال الشريف: "لا حاجة للتأكيد بأن هذه الصلاحيات الواسعة والاستقلال التام الذي منحه الملك للهيئة مكّنها من الولوج من الباب الواسع الذي فتح لها، والتعرف على أوجه الفساد ورصد مكامنه وملاحقته وتضييق الخناق عليه خلال فترة وجيزة". وعزا رئيس هيئة مكافحة الفساد إنشاء الحكومة ل (حساب إبراء الذمة) بهدف معرفة وجود وانتشار الفساد المالي من عدمه، مؤكدا أن الدولة ترغب في كشف مدى وجود الفساد وأي مؤشرات على حجمه، بحيث تعطي الفرصة لمن أنّبه ضميره على شيء أخذه وهو لا يستحقه أن يرده "طواعية" قبل أن ينكشف فيتعرض للعقوبة والتشهير، موضحا في الوقت نفسه أن المبالغ التي تم إيداعها في الحساب وصلت إلى نحو 250 مليون ريال، ما يدل على أن بعض الضمائر مهما نامت أو نُوّمت فإنها ستصحو، أو سيأتي يوم تزلزل فيه بعقوبة القانون قبل عقوبة الله. وأكد أن التجربة الفريدة للدولة في إنشاء حساب إبراء الذمة أثبتت أن الطواعية لا تكفي وحدها، وأنه لا بد من تبني سياسات جريئة لمكافحة الفساد، فأصدرت الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد في بداية عام 2007، وكانت هي الأولى من نوعها على مستوى الوطن، ما جعل مهمة مكافحة الفساد ليست حكومية فقط وإنما وطنية، يجب أن يساهم في تبنيها وتطبيقها كل مكونات المجتمع وكياناته أفرادا ومؤسسات، وقال: "إقامتها على مبادئ تؤسس لمنهج فريد يقوم على الواجب الديني والوطني ثم الأخلاقي والإنساني، وهو ما أوحى بأن مكافحة الفساد ليست جهدا لجهة بعينها ولا لفرد بعينه، بل هو جهد وطني يبدأ بالأسرة مرورا بالعلماء والمفكرين ومؤسسات المجتمع المدني، وانتهاء بالأمراء والوزراء ومن يديرون الأعمال الخدمية الحكومية". وحول عقد ندوة (دور المراجعة الداخلية في حماية النزاهة ومكافحة الفساد) قال خلال كلمته في حفل الافتتاح: "إن عقدها كان من أجل إحياء الاهتمام بدور المراجع الداخلي في القطاعات الحكومية والخاصة، ولا سيما بعد صدور قرار مجلس الوزراء وإصدار لائحة بمهام المراجع الداخلي في الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة، إذ إنه ليست مهمته مراجعة الأمور المالية إنما التحقق من أن الجهة تؤدي دورها وتحقق أهدافها". وأضاف: "تكثر منافذ حصول الفساد في الجهات التي ليس لها مراجع داخلي، وكل جهة ليست لها إدارة للمراجع الداخلي أو لم تمنحه الصلاحية يجب أن تهتم بهذا وتدعم هذه الإدارة، وكلما كانت إدارة المراجع الداخلي قوية قلت فرص الفساد والإهمال وتعثر المشاريع وهذا أمر ملاحظ". وأكد الشريف أن (نزاهة) تقوم بمتابعة إنشاء إدارات المراجعة الداخلية في الجهات الحكومية ودعمها بالكوادر المؤهلة، يقينا منها بأنها إحدى الوسائل الفعالة لمنع وقوع الفساد، كما أنها توفر للمسؤول الأول في الجهاز الحكومي مصدر اطمئنان على صحة وسلامة ما يجري في إدارته، لافتا إلى أن الهيئة قد لاحظت أن بعض الأجهزة الحكومية لم تنشئ حتى الآن تلك الإدارات، وبعضها لم يمنحها الاستقلال والدعم المطلوب، وتأمّل أن تبادر الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة إلى الاهتمام بإنشاء إدارات المراجعة وتوفير الإمكانات والدعم الكافي لها لكي تمارس مهامها. وتابع بقوله: "إن عمل المراجعة الداخلية في أي منشأة في العالم هي العين والوسيلة التي يطمئن عن طريقها المسؤول الأعلى على ما يجري في منشأته، وغير بعيد عنا ما حدث قبل سنوات قليلة من انهيارات كاملة لمؤسسات مالية عالمية عريقة ذهبت على أثرها أموال المستثمرين دون رجعة لسبب وحيد هو تهميش دور المراجعة الداخلية". وفي ختام الندوة خاطب الشريف الحضور قائلا: "إننا في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مسرورون وسعيدون بلقائكم, ومشاركتكم, وبتواجدكم بيننا في ربوع "الرياض" أسرع المدن نموا, وغاية ما نتمناه أن تقضوا وقتاً مبهجاً ونافعاً معنا, راجين أن لا تترددوا في اشعارنا عما يضفي على اقامتكم المتعة والفائدة". رابط الخبر بصحيفة الوئام: الشريف: "نزاهة" تترقب صدور أحكام في من ثبتت عليهم تهم بالفساد