كل المجتمعات بحاجة ماسة لمن يسهم في نهضتها ويحسّن من معيشتها ومن يكفل لها الأمن على جميع الأصعدة ، وكثيرا ما سعى المسؤولون باختلاف مناصبهم على تحقيق ذلك ، لكن بعض الموظفين والحاشية المحيطة تتسبب في تعطيل التنمية عن طريق سلوكيات خاطئة يفرضها عليهم أحيانا المسؤول نفسه. الواقع يقول أن بعض المسؤولين يفضل من لا يتقن إلا سمعنا وأطعنا ، والرأي إليك فانظر ماذا ترى … دون مناقشة لخطأ ودون إبداء لنصح وغيره ، مما نتج عنه أن تكون البطانة من حاملي الدفوف والراقصين على أنغام المسؤول. باقتراب تلك العينة من المسؤول يبدأ الفساد بالانتشار وينخر في جسد الأمة فهؤلاء المطبلون لا نفع منهم فلا يقدمون رأيا صادقا ولا مشورة مستحسنة ، بل مهمتهم هي المباركة لكل مايصدر عن المسؤول ، والثناء على ماقرر، ثناء ينزهه عن كل نقص وعيب ويعلنون أن ما اتخذه هو عين الصواب بإجماع أهل العقول والألباب ، وباتفاق الإنس والجن والدواب. لست أدري أي عقول يفكر بها أولئك المغالون ، وأي ضمائر يحوونها! لا أشك يوما أن الكذب يستمد منهم غيه وباطله! لو تعقل المسؤول وفكر، لوجد أن تلك العينة من الرعية هم أسوأ الخلق وأخطرهم عليه وعلى رعيته وولايته ومنصبه فهم مخادعون كاذبون و وصوليون فاليوم معه وغدا ضده، فهم مع الأقوى ومن يحقق لهم مصالحهم، لا يردعهم دين ولا ضمير و يعينون الظالم على ظلمه وينشرون البغي في الأرض ولا يخفى ذلك على كل ذي بصر فضلا عن كل ذي بصيرة لكن لعل فتنة المنصب تعمي بعض المسؤولين عن ردع هؤلاء المادحين، المنهي عن الاستماع لهم فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب). فالواجب: العدول عن أولئك المادحين إلى الناصحين الصادقين ممن يراعون الله في قولهم وفعلهم ممن يؤدون أعظم جهاد، المخلصون لدينهم ووطنهم ومجتمعهم ، المتمثلون لقول نبيهم : (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر). فمن يقول الحق لكل مسؤول أيا كان منصبه رئيسا في العمل أو وزيرا أو واليا فهو يؤدي أعظم جهاد، وبفعله تصلح الأمة وترتقي ويحل العدل وتنزل البركة. ولذا حرص السلف الصالح رضوان الله عليهم على حث رعيتهم على مناصحتهم على الرغم من فضلهم وشرف ذاتهم وحالهم فقد شهد الله لهم بالجنة ومحص قلوبهم ومع ذلك لم يتسلطوا على رعيتهم ولم يغتروا بما نالوا بل حرص كل واحد منهم أن يجعل رعيته مقيّمون له ، فها هو الخليفة الصديق يعتلي المنبر في يوم خلافته مؤسسا لحكمه بادئا بالأهم قائلا: (يا أيُّها الناس، قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حقٍّ فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسدِّدوني. أطيعوني ما أطعتُ الله فيكم، فإذا عصيتُه فلا طاعة لي عليكم… ) لذا لنقتد بسلفنا ولنتبع هدي نبينا.. ومن ولي منا ولاية ومنصبا فليقرب الناصحين، فبهم تستقيم الأمور وتزال المظالم وتبرأ الذمم. حمد المحيميد رابط الخبر بصحيفة الوئام: المطبلون