تحظى جامعاتنا بحمد الله بنخبة متميّزة من القيادات في الإدارة العليا، ممثلة بمدراء الجامعات، وقد تم اختيار تلك القيادات بعناية فائقة لكي تدير الجامعات التي يبلغ عددها في المملكة أكثر من ثلاثين جامعة. بكل تأكيد فإن وزارة التعليم العالي تُولي هذه النخبة من المدراء عناية خاصة، فتُقيم لهم العديد من ورش العمل المتخصصة في كثير من الموضوعات والقضايا التي تهمهم كقيادات أكاديمية . وغالبا ما ينظم تلك الفعاليات ” مركز القيادة الأكاديمية ” التابع لوزارة التعليم العالي ومقرّه جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. على سبيل المقارنة، فإن مُسمّى “مدير الجامعة” في جامعاتنا يُقابله في الجامعات الغربية “President , Rector , Chancellor ” مع اختلاف في الصلاحيات، تزيد أو تنقص من جامعة الى أخرى، خصوصا الغربية منها. يساعد ” مدير الجامعة عندنا في إدارة الجامعة، مجموعة من” الوكلاء” يتراوح عددهم بين الأربعة إلى الثمانية، وهم وكلاء الجامعة للشئون التعليمية والبحث العلمي والتطوير و . . الخ. أما الجامعات الغربية بالإضافة إلى ما لدى جامعاتنا من وكلاء فلديهم منصب “Provost ” وهو ما يمكن أن نُسمّيه ” نائب مدير – أو رئيس – الجامعة “، الذي يكاد أن يكون المنصب التنفيذي الأعلى بالجامعة، . وهو بهذه الصفة إنما يمنح الفرصة والوقت الكافيين لمدير (أو رئيس) الجامعة للتفرغ لوضع الرؤى والتوجهات والاستراتيجيات العامة للجامعة. انظر مثلا http://www.cornell.edu/provost/history.cfm فنجد أن مدير الجامعة قبل كل شئ هو القائد “The Leader” وليس الرجل التنفيذي Executive” ” الذي يغرق ويستهلك في تفاصيل العمل التنفيذي اليومي بالجامعة. إن مدراء جامعاتنا وبدون استثناء ( أساتذة ) يحملون أعلى الشهادات ولديهم العشرات من البحوث والانجازات العلمية في تخصصاتهم . لكنهم يُديرون جامعات شمولية ” Comprehensive ” فيها كل التخصصات العلميّة والصحيّة والإنسانية. الخ – ماعدا جامعتي الملك فهد للبترول والملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية فهما جامعتان متخصصتان – لذلك فمن المستحيل عليهم الإلمام بدقائق كل تخصص في كل كلية بجامعاتهم. أما الوكلاء فيقومون بأدوار إدارية بحتة – من خلال صلاحيّاتهم – في الجامعة الشمولية، فمثلا وكيل الجامعة للبحث العلمي تصل إلى مكتبه كلّ طلبات دعم البحث العلمي من كل كليات الجامعة المختلفة بغض النظر عن التخصص، لاشك أنه سيحرص على العدالة في التوزيع بعد أن يطبق المعايير لكنها عدالة “الجامعة الشمولية “. إنني أجزم أن استحداث منصب ” نائب للمدير” بما يماثل النموذج الغربي، بحيث يكون هنالك نائب للمدير للكليّات العلمية وآخر للكليّات الصحيّة وثالث لكليّات العلوم والدراسات الإنسانية. سوف يدعم قدرة المدير على اتخاذ القرار المناسب لتلك المجموعة المتقاربة من الكليّات من ناحية، وسوف يجعل من تلك المجموعات عبارة عن “جامعات متخصصة ” داخل كلّ جامعة تضع خططها واستراتيجياتها من منطلق التخصص ومن واقع الرؤى والاستراتيجيات الكلية للجامعة حاديها في كل ذلك مدير الجامعة. وفي هذا الأنموذج الكثير من المزايا والفرص للارتقاء برسالة الجامعة، كما ويمنح كل جامعة الفرصة لتتميز في جوانب ليست بالضرورة موجودة بنفس القدر في جامعة أخرى . . . إننا بحاجة لمن يُعلّق الجرس، لتبني هذا المفهوم ثمّ ينتقل به إلى حيّز التطبيق بعد الحصول على الموافقة من الجهات ذات الصلاحية . . . وبالله التوفيق.
أ.د. طلال بن عبدالله المالكي رابط الخبر بصحيفة الوئام: نائب مدير الجامعة .. . من يُعلّق الجرس !