قرأت إعلاناً بثته هيئة مكافحة الفساد “نزاهة” عبر بعض الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية ، وتمثّل الإعلان في صورة عامة للمقابر وقد كتب بخط بارز عليها قول الله تعالى “ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانيه”. وعقبت “نزاهة” أسفل الصورة بالقول: “المال زينة في الحياة الدنيا وغريزة طبيعية فطر الإنسان على حبها وكثيرا ما يؤدي طمع الإنسان إلى مجانبة الصواب في كسبه والسقوط في مهاوي الفساد”. أنا كمواطن في هذا البلد اختلف مع الهيئة في هذا الأسلوب الذي لجأت إليه الهيئة ، وأرى إنه أوضح رسالة منها إنها عاجزة وغير قادرة على محاكمة المفسدين ، فهذا أسلوب من لا سلطة له ، ودليل بيِّن على ضعف سلطة هذه الهيئة والقائمين عليها … فلماذا تلجأ نزاهة إلى هذا الأسلوب العقيم ؟ كما أنَّ أغلب من تعودوا الفساد لا يجدي هذا الأسلوب نفعاً معهم ، وهم يمرون كثيراً على مشاهد كهذه وأشد منها في التذكير بالآخرة دون أن تحدث أي أثر أو تأثير لديهم ، والفاسدين لا يردعهم إلا التشهير والجزاءات الرادعة والحزم والقوة ، واستشهد بقول الرسول صلى الله وسلم : “إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”. ولي وقفة مع هذه الهيئة التي مضى على تأسيسها أكثر من عامين (13/4/1432ه) هم لم ينفذوا إلى اليوم أي مبادرات فاعلة وحقيقية لمحاربة الفساد ، ولم يقللوا الفساد في البلد ، ولم يشهِّروا بأي فاسدين أو لصوص !! ولم يضعوا أي خطط أو برامج تكون كخارطة طريق لهم ، كما إنهم لم يخبرونا من خلال تقارير سنوية ما هي الإنجازات الباهرة والأعمال العظيمة التي حققوها حتى الآن … كل ما نسمعه أو نقرأه عنهم بين الحين والآخر اكتشافهم لفساد أو سرقات صغيرة محدودة ارتكبتها جهة ما أو اقترفها موظفون صغار هنا أو هناك قد يكون الجوع والفقر والديون هي التي قادتهم إلى ذلك أو قيامهم بزيارات مفاجئة لبعض الجهات والتحقيق معهم … والملاحظ إن أقوالهم وتصاريحهم أكثر من أفعالهم وإنجازاتهم !! وهذه الصفة الذميمة يشتركون بها مع أغلب الوزارات والجهات في الدولة … هذه الهيئة تحولت إلى ظاهرة صوتية إعلامية فقط .. وحتى أقوالهم تحمل الخيبة والفشل أحياناً أكثر من أفعالهم … فعندما سُئل رئيس الهيئة منذ أسابيع : ما دوركم في محاربة سرقات الشبوك والأراضي الهائلة المنهوبة ؟؟ أجاب : هذا ليس من اختصاصنا وليس من أعمالنا !!! حتى تفاعلهم وتواصلهم مع جمهور المواطنين غير فعال وغير متين ، فهم يضعون أرقام التواصل للاستهلاك المحلي وكدعاية إعلامية لأنفسهم ، يقسم لي أحدهم : إنه قدم لهم بلاغاً عن فساد مدعماً بأدلة وافية مستوفية وصريحة .. ومضى على بلاغه أكثر من أربعة أشهر ولم يحركوا ساكناً !! وإنه هو الذي يتصل بهم بين الحين والآخر ويعطيهم رقم المعاملة ويستفسر عنها !! وهم يقولون له : انتظر نحن سنتصل بك !!! لما أرادت قريش الشفاعة والوساطة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم للمخزومية التي سرقت ، استشاط غضباً e وقال : ” «إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد» [رواه البخاري]…. وهذه الهيئة الموقرة إن لم تبدأ نشاطها القامع مع كبار القوم بدءاً من الأمراء ثم الوزراء ثم الأكبر فالأكبر، فلا داعي أبداً لوجودها ولا فائدة ترجى منها ، والأجدى للدولة أن تغلقها وتلغيها !! كبار الفاسدين يصولون ويجولون ويسرقون وينهبون ويفسدون في الأرض ، تحت غطاء أن الشرع أباح لهم أن يأخذوا من المال العام ما يشاءون !! وثلاث أو أربع شركات ضخمة تحتكر كل مشاريع البلد التنموية التي ترصد لها تريليونات الريالات … وحتى إنها امتداداً لفسادها لم تدرج أسهمها في سوق البورصة ، كل ذلك بلا حسيب ولا رقيب ، وغيرها وغيرها من الأمور العظام التي يعلمها الجميع .. وأخيراً أقول : مرت ثلاث سنوات على خطاب ” كائناً من كان ” .. ولم تستطع هيئة مكافحة الفساد العتيدة.. القبض على هذا ” الكائن ” الخطير !! . . لذلك ..أقترح ..دمج هيئة مكافحة الفساد إلى هيئة مكافحة التسول أو مكافحة الجراد .. !! أحمد معمور العسيري رابط الخبر بصحيفة الوئام: «نزاهة»…إلى أين !!؟