دائماً الممنوع مرغوب، والمنع أو الاعتراض بالصراخ وفرد عضلات اللسان، وسيلة مضمونة ومجربة لشهرة وانتشار موضوع الخلاف، فالقاعدة أن الإقبال على الكتب الممنوعة أو الأشياء المثيرة للجدل أكثر من غيره والحالة لا تخص السعودية وحدها، وبناء على ما سبق يطالب الكاتب بدر بن سعود في مقاله بصحيفة “عكاظ” بتوجيه الشكر والتقبيل المقبول شرعيا للمحتسبين الذين يستعدون لمعرض الرياض على اعتبار أنهم سيمنعون كتباً وأشياء ومنعهم هذا سيعطيها الشهرة. يقول الكاتب “الاعتراض بالصراخ وفرد عضلات اللسان، وسيلة مضمونة ومجربة لشهرة وانتشار موضوع الخلاف، فالقاعدة أن الإقبال على الكتب الممنوعة أو الأشياء المثيرة للجدل أكثر من غيره والحالة لا تخص السعودية وحدها، وبما أن نسبة القراءة في العالم العربي متواضعة ومخجلة، فلا بد من توجيه الشكر والتقبيل المقبول شرعيا، لكل من يحرض الناس على القراءة ولو من باب الفضول، وبشرط أن لا نصدق ما نقرأ دائما وكأنه قرآن، فالحقيقة المطلقة لا يملكها إلا الخالق سبحانه وتعالى.” لمطالعة المقال: المحتسبون يستحقون شكراً وقبلة شرعية معرض الرياض الدولي للكتاب في نسخته السادسة سيبدأ في 7 مارس القادم ويستمر لعشرة أيام، وستشارك فيه ملايين العناوين السعودية والعربية والإسلامية والغربية المعربة، ويكرم فيه الأديب السعودي الراحل عبدالله الجهيمان، وستحضر مملكة السويد كضيف شرف، وقد دخل أهل الاحتساب من غير الرسميين في مرحلة التحمية والتجهيز ضده، وهذه العادة مستمرة منذ انطلاق المعرض في نسخته الأولى، رغم أنه لا ينحاز لمدرسة أو تيار ويفتح أبوابه لكل الموضوعات غير المخالفة لثابت ديني أو وطني، ولا يعرض إلا ما تجيزه وتوافق عليه وزارة الثقافة والإعلام، والوزارة حددت آلية للإبلاغ عن المطبوعات المتحفظ عليها، ومع هذا يصر المحتسبون على اتباع أسلوبهم التقليدي في شحن الناس ومطالبتهم بمقاطعة المعرض، ولأسباب ركزت في معظمها على محتوى بعض الإصدارات، والاختلاف أنها حاولت الاستفادة من قضية كشغري وتجاوزاته لتبرير ممارساتها الاستباقية، وإضافتها لقائمة التحفظات المعروفة والمستخدمة في مناسبات مشابهة، ولا أستبعد حضور المحتسبين الملحمي في حفلات توقيع الكتب، وافتعال معارك جانبية ومسرحيات مع مؤلفيها السعوديين وخصوصا النساء منهم، فقد حدث ما ذكرت في مرات سابقة. الحملة كما هو متوقع اتكأت على وجهات نظر لأسماء دينية، وقررت وحكمت قبل أن تقرأ كلمة واحدة مما سيعرض، أو حتى تعرف نفاصيله خارج دائرة التخمينات والمصادر المجهولة، والأفضل في رأيي ترك الأمر لأهله في الوزارة، ومن لم يقتنع برأيها فأبواب المحاكم مفتوحة أمامه، ولعل في التصرف نفسه إدانة غير مباشرة لعقل الإنسان السعودي، واعتراف بأن ذاكرته فوتوغرافية، أو أنها تحفظ ما تقرأ وتردده على علاته أو عاهاته، وأعتقد أن في التصور السابق وجاهة نسبية، إذا أخذنا في الاعتبار اعتماد التعليم العام في السعودية على التلقين، وغياب مناهج الفلسفة والمنطق في مراحل الدراسة الثانوية وفي التعليم العالى، مع أن وجودها المدروس والمنسجم مفيد ومطلوب، وقد يساعد في تحريك ملكة التفكير المستقل عند من يفتقدها، وربما حيد قليلا من فرص ظهور نماذج شاذة أو متطرفة في توجهاتها. قد أكون مخطئا ولكنها فكرة أرغب في طرحها، فمن يتابع حماس المحتسبين المتطوعين ونشاطهم الواضح في كل شاردة وواردة سعودية، يشعر وأقول يشعر والمعنى أنه مجرد إحساس، بأن هؤلاء يعانون من فراغ كبير ولا يجدون ما يشغل أوقاتهم، وأقرب الاحتمالات أنهم إما أن يكونوا من أصحاب الأموال أو الأعمال الخفيفة أو من العاطلين عن العمل المستفيدين من مكافآت «حافز» أو من صغار السن المهووسين بمواقع التواصل الاجتماعي والتقنية وتطوراتها، أو من الموظفين بمقابل لخدمة أهداف تجارية أو مصالح معينة. باختصار ومع التسليم بأن المشكلة حقيقة وغير مصنوعة، الوصاية ليست حلا والمنع أو الاعتراض بالصراخ وفرد عضلات اللسان، وسيلة مضمونة ومجربة لشهرة وانتشار موضوع الخلاف، فالقاعدة أن الإقبال على الكتب الممنوعة أو الأشياء المثيرة للجدل أكثر من غيره والحالة لا تخص السعودية وحدها، وبما أن نسبة القراءة في العالم العربي متواضعة ومخجلة، فلا بد من توجيه الشكر والتقبيل المقبول شرعيا، لكل من يحرض الناس على القراءة ولو من باب الفضول، وبشرط أن لا نصدق ما نقرأ دائما وكأنه قرآن، فالحقيقة المطلقة لا يملكها إلا الخالق سبحانه وتعالى.