وقفت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، موقفاً حازماً وصارماً ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره على الصعيدين المحلي والدولي، حيث تصدت لأعمال العنف والإرهاب على المستويين المحلي والدولي، فحاربته محلياً وشجبته وأدانته عالمياً، وأثبتت للعالم أجمع جدية مطلقة، وحزماً وصرامة في مواجهة العمليات الإرهابية. وأكدت المملكة رفضها الشديد وإدانتها وشجبها للإرهاب بكافة أشكاله وصوره وأياً كان مصدره وأهدافه من خلال تعاونها وانضمامها وإسهامها بفعالية في الجهود الدولية والثنائية المبذولة ضد الإرهاب وتمويله والتزامها وتنفيذها للقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب. معالجة أمنية ووقائية فعلى المستوى المحلي حاربت المملكة الإرهاب من خلال خطين متوازيين هما المعالجة الأمنية والمعالجة الوقائية، وفي مستوى المعالجة الأمنية سطر رجال الأمن إنجازات أمنية في التصدي لأعمال العنف والإرهاب، ونجحوا بكل شجاعة في إفشال أكثر من 95% من العمليات الإرهابية بفضل الاستراتيجية الأمنية التي وضعتها القيادات الأمنية عن طريق الضربات الاستباقية. وفي هذا السياق، قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز "إن الأمن في المملكة بألف خير فهي صامدة كالصخر تكسرت عليه كل تلك الهجمات". وأضاف في حديثه لصحيفة السياسة الكويتية نشرته في 16 أغسطس 2004 "إننا اجتزنا مراحل الإرهاب.. فنحن ذهبنا إلى رؤوس الثعابين مباشرة لنقطعها". وفي جانب إنساني وتقديرا للتضحيات التي قدموها، اهتمت الدولة برجال الأمن، واحتضنت أبناء شهداء الواجب وأسرهم واعتنت بالمصابين منهم، حيث أكد خادم الحرمين ثقته الدائمة في رجال الأمن والقوات المسلحة بمختلف القطاعات الأمنية منوهاً خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في 28 محرم 1427، بيقظة رجال الأمن وتفانيهم في خدمة دينهم ووطنهم وشعبهم وتوفيقهم في القضاء على فلول الإرهابيين الهاربين وإحباط المحاولة الإرهابية في محافظة بقيق التي استهدفت منشأة اقتصادية وطنية كبرى يعود نفعها على جميع أبناء الشعب السعودي. وفيما يتصل بالمعالجة الوقائية فقد قامت المملكة بالعديد من المبادرات والجهود للقضاء على الفكر المنحرف والأعمال الإرهابية أهمها المبادرة التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز 23 يونيو 2004 وتضمنت عفوا عن كل من يسلم نفسه لمن ينتمي إلى تلك الفئة الضالة في مدة أقصاها شهر من تاريخ ذلك الخطاب وسيعامل وفق شرع الله فيما يتعلق بحقوق الغير. واستفاد من ذلك القرار عدد كبير من الأشخاص الذي يعتنقون الفكر الضال، وسلموا أنفسهم للجهات الأمنية، واستفادوا من العفو الملكي من بينهم أشخاص كانوا موجودين في الخارج. لجنة المناصحة ونهجت الدولة في ذات السياق أسلوبا فريدا في علاج ما ظهر من بعض أبنائها باعتناقهم الفكر التكفيري المنحرف، من خلال مواجهة الفكر بالفكر. وتصدت وزارات الداخلية والثقافة والإعلام والشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والتربية والتعليم والتعليم العالي لهذا المجال. فقد شكلت وزارة الداخلية لجنة المناصحة وهي لجنة شرعية تتكون من العلماء والدعاة والمفكرين بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة لدى الموقوفين، فكان إنشاء مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية الذي يهدف لكشف الشبهات وتوضيح المنزلقات الفكرية التي يتبناها أصحاب الفكر المنحرف الذي يقود إلى الإرهاب. وأصدرت المملكة جملة من الأنظمة والتعليمات واللوائح لاستخدام شبكة الإنترنت والاشتراك فيها بهدف مواجهة الاعتداءات الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني، كما عملت الدولة عبر أجهزتها الرسمية على تجفيف منابع الإرهاب واجتثاث جذوره من خلال إعادة تنظيم جمع التبرعات للأعمال الخيرية. مؤتمر دولي للإرهاب كما يبرز المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي دعت إليه المملكة وعقد بمدينة الرياض أوائل فبراير 2005، واحدا من الجهود الدائبة للمملكة في مكافحة هذه الآفة العالمية في إطار دولي. وفي ذلك، قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الكلمة التي افتتح بها المؤتمر إن المملكة كانت من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب وحذرت من خطره وقاومته بكل شدة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي ونحن الآن في حرب مع الإرهاب ومن يدعمه ويبرر له وسوف نستمر في ذلك، حتى القضاء على هذا الشر.. إننا سنضع تجربتنا في مقاومة الإرهاب أمام أنظار مؤتمركم كما أننا نتطلع إلى الاستفادة من تجاربكم في هذا المجال ولاشك أن تجاربنا المشتركة سوف تكون عونا لنا جميعا بعد الله في معركتنا ضد الإرهاب. ودعا خادم الحرمين الشريفين إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب يكون العاملون فيه من المتخصصين في المجال. ودعا إلى أهمية ترسيخ قيم التفاهم والتسامح والحوار والتعددية والتعارف بين الشعوب والتقارب بين الثقافات ورفض منطق صراع الحضارات ومحاربة كل أيديولوجية تدعو للكراهية وتحرض على العنف وتسوغ الجرائم الإرهابية التي لا يمكن قبولها في أي دين أو قانون. وشدد إعلان الرياض على أن الإرهاب ليس له دين أو جنس أو جنسية أو منطقة جغرافية محددة وفي هذا السياق ينبغي التأكيد على تهيئة جو من التفاهم والتعاون المشترك يستند إلى القيم المشتركة بين الدول المنتهية إلى عقائد مختلفة. وفي سياق ذي صلة وقعت المملكة العديد من الاتفاقيات الخاصة بمكافحة الإرهاب كما صادقت على جملة من الاتفاقات الدولية ذات العلاقة. اتفاقية عربية لمكافحة الإرهاب ومما سبق أن قاله سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز على المستوى الدولي أمام الاجتماع المشترك لمجلسي وزراء العدل والداخلية العرب بالقاهرة الذي انعقد في رحاب جامعة الدول العربية بالقاهرة عام 1998، واعتمد الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب "لقد كان لدولنا شرف السبق في انتظام الجهد وتعزيز التعاون المشترك في المجالات الأمنية والقضائية المختلفة لمواجهة جريمة الإرهاب". وفي مارس 2009 بجنيف، أكدت المملكة إدانتها للإرهاب بكل صوره وأشكاله وتبنيها حملة توعية وطنية مستمرة لمحاربة الإرهاب والفكر المتطرف. كما جاء في إعلان مدريد الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ونظمته رابطة العالم الإسلامي بإسبانيا من 16 إلى 18 يوليو 2008 تأكيد المملكة على تحقيق السعادة والعدل والأمن والسلام للبشر جميعاً، والسعى إلى تقوية سبل التفاهم والتعايش بين الشعوب، على الرغم من اختلاف أصولها وألوانها ولغاتها، ودعوتها إلى نشر الفضيلة بالحكمة والرفق، وتنبذ التطرف والغلو والإرهاب. وجاء كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود ليعزز الجهود التي تبذلها مختلف الجهات ذات العلاقة ويتكامل معها في المعالجة الفكرية والوقائية من الأفكار المبتدعة والدخيلة على ديننا ومجتمعنا التي يروج لها أرباب الفكر الضال. محاكم متخصصة للإرهابيين وعلى مستوى التشريع والقضاء، تم إنشاء محكمة خاصة للنظر في قضايا الإرهاب تحت مسمى المحكمة الجزائية المتخصصة، كذلك استحداث دائرة مختصة بهيئة التحقيق والادعاء العام تحت مسمى "دائرة قضايا أمن الدولة" لتتولى التعامل مع مثل هذه القضايا وتوفير جميع الضمانات التي توفر للمتهمين في قضايا الإرهاب وتمويله محاكمة عادلة بما في ذلك حقهم في الدفاع عن أنفسهم وتعويض من تثبت براءته منهم. ولجامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية جهود حيثية في المجال من خلال تنظيم الندوات الرامية إلى التصدي للفكر الإرهابي والحد من تجنيد الشباب والتعرف على أساليب وطرق الترويج للفكر الإرهابي لدى الشباب.