قال عقاريون ومستثمرون في المجال العقاري في حديث إلى "الوطن" أمس إن السوق العقارية السعودية تحتاج إلى تمويل بأكثر من 500 مليار ريال خلال السنوات الخمس المقبلة لدفع الشركات والمطورين من القطاع الخاص للعمل بشكل أوسع، وذلك تمشيا مع توجهات الحكومة لبناء عدد أكبر من الوحدات السكنية في السوق في ظل ارتفاع حجم الطلب، مقابل العرض، الذي تجري محاولات لكبح جماحه من خلال تدشين مشاريع الإسكان العام أو الميسر. وأوضح المدير العام لشركة عقارات للتنمية والتطوير المهندس عبد الهادي الرشيدي أنه في ظل وجود توجه كبير للتطوير العقاري، سواء على المستوى الحكومي أو الخاص أو القائم بالشراكة، فإن هناك صعوبة تكمن فقط في التمويل، لافتاً إلى أن تمويل المشاريع لا يزال يعتمد إلى حد ما على قوة المستثمر، كما أن استخدام أدوات الدين من صكوك وغيرها لم تنتشر إلا في بعض المشاريع الكبيرة. وأضاف الرشيدي أن مجمل التمويل المطلوب لتلك المشاريع يصل إلى 500 مليار ريال خلال السنوات الخمس المقبلة من أجل تنفيذها على الشكل المطلوب. وأشار إلى أن التركيز هذا العام ينصب على محوري الإسكان والتنموية، وهو الأمر الذي بدأ يظهر جلياً على الساحة من خلال تنفيذ مشاريع الإسكان الميسر، التي تستهدف ذوي الدخل المحدود، والذين يعدون الشريحة الأكثر تضرراً جراء ارتفاع أسعار مبيعات العقارات خلال السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أن حجم استهلاك إيجار المسكن من الدخل السنوي لذوي الدخل المحدود في بعض الأحوال يبلغ50%-60%. وعن تأخر البنوك في طرح برامج تمويل جادة أمام المستثمرين العقاريين، قال الرشيدي:"البنوك المحلية لا تزال تنتظر صدور أنظمة الرهن العقاري لحفظ حقوقها، التي هي في الأصل ودائع المساهمين، وهذا الأمر يجعلها تتأخر في تقديم برامج تمويل قادرة على جذب المستثمرين للحصول عليها"، مضيفا أن ما يحدث في الوقت الحالي هو "تمويل بعض المشاريع على حسب حجمها وقوتها وفق نسب هامش ربح مرتفعة تجعل المستثمر يفكر عدة مرات قبل أن يتوجه للحصول على برنامج تمويل أن أمكنه ذلك وفق غياب الأنظمة التشريعية للأمر". وعن دور شركتهم ومسؤوليتها الاجتماعية حيال تأمين مساكن ميسرة للمواطنين بعيداً عن العمل بأسعار السوق المرتفعة، أفاد الرشيدي أن الشركة مهتمة بشريحة ذوي الدخل المحدود، وأن لديها دراسات لعدد من المشاريع سترى النور قريبا. وأضاف:" في الواقع لدينا مشروعان لأول مرة يقدمان في السعودية، الأول في جدة والآخر في الرياض، إذ سيتم بناء 3 آلاف وحدة في جدة، و6 آلاف وحدة أخرى في الرياض، وستكون الأسعار مناسبة جدا لذوي الدخل المحدود وتراوح ما بين 300 و500 ألف ريال. وبالنسبة لمشروع جدة فإن المخططات التابعة للمشروع تم تقديمها إلى أمانة جدة، وسيتم التواصل مع وزارة الإسكان لتتلاءم الوحدات السكنية مع احتياجاتها، ونتوقع أن يرى المشروع النور قريبا". من جانبه، قال رئيس اللجنة العقارية بغرفة مكةالمكرمة الشريف منصور أبورياش إن هناك حاجة ماسة لبناء أكثر من 100 ألف وحدة سكنية في المرحلة الحالية لمواجهة الطلب الكبير على الإسكان بسبب النمو السكاني والمشروعات التطويرية الكبيرة، وخاصة بمكةالمكرمة، التي نزعت ملكية كثير من العقارات فيها، مشيرا إلى أن التأخر في إقرار نظام الرهن العقاري أدى إلى إحجام رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال عن الاستثمار في المجال العقاري، إضافة إلى عدم وجود تسهيلات تقدم للمستثمرين في هذا المجال مثل توفير الأراضي، مبينا أن زيادة الطلب على الإسكان أدت إلى ارتفاع إيجارات الشقق والوحدات. من جهته، أشار رئيس شركة مكيون للتطوير العقاري عضو مجلس الشورى الدكتور مجدي حريري إلى أن هناك حاجة ماسة للاستثمار في مجال الإسكان ليقوم القطاع الخاص بجهود متوازية مع جهود الدولة في هذا المجال ولكن التأخر في إقرار نظام الرهن العقاري أدى إلى التأني في الاستثمار في هذا المجال، مشددا على أهمية قيام البنوك بدور إيجابي في التمويل لمشاريع الإسكان، مبينا أن "مكيون" ساهمت في توفير المساكن من خلال مشروع الإسكان الميسر، الذي يتم تنفيذه بالشراكة مع شركة البلد الأمين التابعة لأمانة العاصمة المقدسة، إضافة إلى مشروع آخر سيتم البدء فيه في حي شارع الحج وستمضي الشركة للتوسع في هذا المجال خلال المرحلة المقبلة.