بسبب الركود أصبحت مجموعة العشرين هي المنتدى الرئيسي لإدارة الاقتصاد العالمي في العام الماضي وبسبب الانتعاش وضع هذا الشعور الجديد بوجود قضية مشتركة والذي وحد الدول الغنية والنامية موضع الاختبار الآن. وواجه زعماء مجموعة العشرين صعوبة خلال اجتماعهم في كندا مطلع الأسبوع الحالي في الحفاظ على روح التضامن التي تحلوا بها خلال أسوأ مراحل الركود العام الماضي حينما ضخوا تريليونات الدولارات في الاقتصاد للحيلولة دون مزيد من التدهور. وقال انجيل جوريا رئيس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال القمة "عندما كان البيت يحترق كنا جميعا نعرف ما علينا فعله وهو إحضار مطفأة الحريق. واليوم تمنحنا بوادر التعافي خيارات سياسية. ورغم أنه من الجيد أن يكون لدينا خيارات إلا أنها تزيد من صعوبة إيجاد أرضية مشتركة." ولخصت هذه الكلمات التحدي الذي تواجهه مجموعة العشرين في الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد بقوة في آسيا لكنه لا يتعافى بنفس القوة في الولاياتالمتحدة ويبدي ضعفا في أوروبا. بالإضافة إلى ذلك فإن الدول الصناعية غارقة في الديون وتبحث عن مخرج منها على عكس الصين وبعض - إن لم يكن كل - الاقتصادات الناشئة الأخرى الأعضاء في مجموعة العشرين. وكشفت قمة تورونتو عن أمور يصعب تسويتها في الوقت الذي تخرج فيه كثير من الدول التي وحدتها راية مجموعة العشرين من الركود بسرعات متفاوتة وبأولويات مختلفة. وأرادت دول مجموعة العشرين في البداية أن ترحب رسميا بالتزام الصين في الآونة الأخيرة بالتحرك صوب سعر صرف أكثر مرونة. وتأمل دول كثيرة في أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع قيمة اليوان وما يترتب عليه من جعل المنافسة أكثر عدلا على صعيد التجارة الدولية. وبطلب من الصين حذفت مجموعة العشرين إشارة إلى ذلك الموضوع من البيان الختامي الذي أصدرته القمة. وبالرغم من أن بكين قالت قبيل القمة إن الجدل بشأن اليوان ليس له مكان في المحافل الدولية فإن اسلوب التعامل مع عبارة من الثناء أظهر مدى الصعوبة التي تواجهها مجموعة العشرين في معالجة موضوع يعتبر رئيسيا إذا أراد قادة العالم التطرق إلى التوازنات الاقتصادية في المدى البعيد. وفيما يتعلق بموضوع تحرير التجارة نكثت مجموعة العشرين تعهداتها بالسعي للتوصل إلى التزام جماعي بتحرير الأسواق بمقتضى مفاوضات جولة الدوحة المتوقفة منذ فترة طويلة. وفي العام الماضي تعهد زعماء مجموعة العشرين في البيان الختامي لقمتهم في بتسبرج بالضغط من أجل اختتام جولة الدوحة من مفاوضات تحرير التجارة بنجاح بحلول نهاية 2010 إلا أنهم تخلوا عن ذلك الهدف هذه المرة ولم يحددوا موعدا جديدا لإنهاء المفاوضات. وحمل سفيرا الولاياتالمتحدة والصين بمنظمة التجارة العالمية هذا الأسبوع كل منهما الآخر مسؤولية تعطل مفاوضات جولة الدوحة. وقال مسؤولون لرويترز إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أبلغ زعماء مجموعة العشرين أثناء غداء أول من أمس الأحد أن مقترحات الدوحة بصورتها الحالية ليست جيدة بما يكفي وستحتاج لتعديلات جوهرية. وتعهد الزعماء بخفض العجز العام إلى النصف خلال السنوات الثلاث المقبلة إذ تتحول الأولوية من تحفيز الاقتصاد الذي يعاني من الركود إلى خفض الديون التي تراكمت على الدول الصناعية أثناء الخروج من الركود. وفي هذا الشأن أيضا اتضح أن كلا من دول المجموعة تنظر من زاوية مختلفة. تبادلت واشنطن وأوروبا الانتقادات قبل القمة بسبب إجراءات التقشف الأوروبية التي قد تؤدي إلى اختناق التعافي الضعيف بالفعل في أوروبا. لكن بعض دول الأسواق الناشئة في المجموعة كانت أكثر صراحة في التعبير عن هواجسها. وقالت الرئيسة الأرجنتينية كريستينا فرنانديز في مقابلة مع رويترز في تورونتو إن أوروبا "مخطئة تماما". ومن منظور أوروبي هناك حاجة ملحة لإبداء التزامهم بضغط الإنفاق بعدما اضطرت اليونان للسعي وراء مساعدة مالية واضطرت حكومات منطقة اليورو إلى وضع خطة تمويل طارئة لدول أخرى بالمنطقة في الآونة الأخيرة. وقال ساركوزي الذي سيستضيف قمة المجموعة في 2011 "تمثل مجموعة العشرين 85 بالمئة من الناتج الإجمالي العالمي. هل تعتقد أن حديث بعضنا إلى بعض ليس ذا جدوى؟ هل تفضل أن نتنازع وأن تكون هناك حروب تجارية وفترات حروب؟ "أنا دائما أول من يقول إن المناقشات أحيانا تستغرق وقتا طويلا وإن كتابة فقرة في بيان ختامي أمر مرهق. عندما أنتهي من تلك القمم أشعر وأن قواي قد نفدت لكن المشاركة واجب علينا."