تنعقد اليوم في واشنطن القمة السعودية - الأمريكية برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس باراك أوباما حيث من المقرر إجراء محادثات تتناول تعزيز العلاقات الثنائية إضافة إلى سلسلة من المواضيع ذات الاهتمام المشترك المتعلقة بأمن الخليج العربي والسلام في الشرق الأوسط وغيرها من الشؤون الإقليمية والعالمية. وفي هذا الإطار ، قال الناطق بلسان وزارة الخارجية الأمريكية فيليب كراولي ل"الوطن" إن زيارة الملك عبدالله لواشنطن واجتماعه بأوباما "هما تعبير عن عمق الصداقة التاريخية التي تربط البلدين". وأضاف"سيتباحث الزعيمان حول جدول أعمال مهم لعلاقتنا مع المملكة العربية السعودية ويتناول القضايا الثنائية بين البلدين الصديقين. ولكن هناك مجموعة من القضايا الإقليمية المهمة التي نريد أن نستطلع فيها آراء جلالة الملك عبدالله كما نريد أن ننصت إلى ما سيقوله حول الأمور الرئيسة التي تعرفونها والتي تعني الإقليم". وردا على سؤال حول طبيعة تلك الأمور قال كراولي "لا يخفى على أحد أننا قلقون من المواقف الإيرانية التي تتحدى المجتمع الدولي وقرارات الأممالمتحدة وتعد بإدخال الشرق الأوسط إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار. إننا ننظر إلى السلوك الإيراني باعتباره يشكل عنصرا لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط. ويشترك معنا المجتمع الدولي في ذلك التقييم كما يتضح من تصويت مجلس الأمن الأخير بفرض المزيد من العقوبات بهدف إقناع طهران بأن تحدي المجتمع الدولي ومواصلة البرنامج النووي دون تقديم ضمانات مقنعة حول طبيعته والسعي لعرقلة عملية السلام ودعم الإرهاب سيترتب عليها تكلفة سياسية واقتصادية وعزلة دولية". وتابع "السعوديون مهتمون بحل القضية الفلسطينية والرئيس أوباما مهتم بهذه القضية أيضا كما تظهر قرارات الإدارة بتعيين مبعوث خاص هو السيناتور (جورج) ميتشل وبتكثيف الجهود الديبلوماسية للتوصل إلى إقرار حل الدولتين. وثمة لحظات صعبة تكتنف تلك الجهود أحيانا إلا أن الجميع يدرك أن حل الدولتين هو في مصلحة كافة الأطراف المعنية. وقد عرضت المملكة المبادرة التي تبنتها القمة العربية والتي نعتبرها خطوة كبيرة إلى الأمام نحو إقرار حل الدولتين. ويتناول اللقاء بين الزعيمين هذه القضية الأساسية ضمن قضايا جدول الأعمال". وأضاف "لقد انتهج الرئيس أوباما منذ البداية كما يتضح من خطابه التاريخي في القاهرة خط الانفتاح على العالم الإسلامي والحوار لحل أي تباين في الرؤى ولكي يتمكن كل جانب من التوصل إلى قراءة صحيحة لمواقف الأطراف الأخرى. ولقاء الزعيمين خطوة مهمة على هذا الدرب". في نفس الوقت توالت تعليقات المحللين والمسؤولين الأمريكيين حول الزيارة المهمة التي يقوم بها خادم الحرمين لواشنطن فقال المسؤول السابق في وزارتي الدفاع والخارجية تشار فريمان ردا على سؤال ل"الوطن" إن "المملكة العربية السعودية أصبحت اليوم اللاعب الرئيس في الشرق الأوسط والمعبر عن صوت أغلبية ساحقة من العرب". وقال فريمان "أي لقاء بين الملك عبدالله والرئيس أوباما هو لقاء مهم لأنه يمكن القيادتين الأمريكية والسعودية من استطلاع آراء بعضهما ومن ثم تنسيق مواقفهما لاسيما من القضايا الإقليمية. إنني أتوقع أن تحتل قضية عملية السلام الموقع الأساسي في اللقاء فالسعوديون عبروا أكثر من مرة عن شكوكهم في صدق النوايا الإسرائيلية وعن رغبتهم في التوصل إلى حل يقبله الفلسطينيون والعرب والإسرائيليون أيضا بحيث تنتهي المواجهة المستمرة منذ أكثر من 60 عاما إلا أنهم لا يرون تجاوبا من الحكومة الإسرائيلية للجهود الأمريكية للتوصل إلى تسوية. وأعتقد أن العاهل السعودي سيسأل الرئيس عما تنوي الولاياتالمتحدة أن تفعله إذا ما استمر الموقف الإسرائيلي على ما هو عليه". وأضاف "السعودية تلعب دورا قياديا طبيعيا في الشرق الأوسط بما لها من وزن دولي وإقليمي وبما اكتسبته من احترام ونفوذ في العالم الإسلامي. ويمكنني القول إن العلاقات الأمريكية – السعودية هي الأهم بالنسبة لنا في الشرق الأوسط لكونها نافذة نقرأ منها مواقف الدول الإسلامية والعربية. لا يمكن لنا أن نتحرك دون شراكة قوية مع حلفاء تاريخيين مثل المملكة. وأعتقد أن الجانبين يقدران ذلك على الرغم من التباين في السياسات بينهما في كثير من الأحيان. إلا أن هذا التباين يستدعي تبادل الرأي بأكثر مما يستدعيه الاتفاق الكامل. والسعوديون عبروا لنا مرارا عن خلافهم مع سياسات تبنتها إدارات أمريكية سابقة. وقد ثبت أن آراءهم تستند على حكمة ودراية عميقة بتعقيدات المنطقة. لذا فإن من المهم أن نرى لقاء مثل هذا بين قيادات البلدين". وقال الباحث الرئيس في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية آنتوني كوردسمان إن زيارة خادم الحرمين الشريفين لواشنطن تأتي في لحظة مهمة للغاية. وشرح ذلك بقوله "القضايا الأكثر أهمية بالنسبة للإدارة الآن على صعيد السياسة الخارجية هي أفغانستان والقضية الفلسطينية والعراق وأوضاع الاقتصادات العالمية الأساسية في مرحلة الخروج من الأزمة. ولدى السعودية دور هام في كل ملف من تلك الملفات. لقد كان توقيت اللقاء مهما وأعتقد أنه سيوضح لكل جانب نظرة الجانب الآخر إلى كل ملف من تلك الملفات. إن السعودية حليف بالغ الأهمية بالنسبة لنا وعلاقتنا مع السعوديين قديمة وراسخة. إلا أن التوقيت الراهن للقاء يكتسب أهمية إضافية في ضوء ما أشرت إليه من ملفات".