أكد مشرف لجنة الموسيقى بجمعية الثقافة والفنون بفرع الدمام سلمان جهام أن القول بنسيان القدماء من رواد الفن الخليجي يحز في النفس ويجرح الكبرياء، ولكنه الحقيقة. وقال جهام "إن من يتوقف عند هذا النسيان يجب أن يتساءل: أين المبرزون في شتى العلوم والفنون خلال القرون الماضية؟ وأين جهودهم وإبداعهم؟ هل مرت على هذه البقعة القرون تلو القرون دون أن يخرج فيها مفكر أو عالم أو أديب أو فنان يستحق الدراسة والتقويم؟ لا أظن ذلك"، لكن جهام عاد ليؤكد أن غياب الوعي التراثي ليس وليد الساعة بل هو متأصل الجذور في هذا الجزء من العالم العربي، مستثنيا من ذلك بعض المتأخرين الذين بذلوا جهودا في رصد الحركة الأدبية والثقافية في القرنين الماضيين. وحول الفنون الجماعية في منطقة الخليج العربي، أكد جهام أن الفن كان مصنفا إلى نوعين: رجالي ونسائي، كل يمارس فنه وحده دون اختلاط عام إلا فيما ندر، والفنون التي تؤدى جماعيا أو تعتمد في أدائها على مجموعة من الأشخاص مسموح بها ما لم يشبها بعض التصرفات المشينة حسب رؤية المجتمع، أما الفنون التي يؤديها مطرب واحد بمصاحبة الإيقاعيين فكان ينظر لها بعين الريبة، وفي خضم متتاليات الأحداث ظهر فن "الصوت" في ساحة الغناء الخليجي وخصوصا البحرين والكويت، فقد كانت لهما فيه الريادة ومنهما انتشر، وأما الفنون الغنائية الأخرى في الخليج خلال القرن الماضي، فلم يكن هناك على الساحة إلا الفنون الشعبية بنوعيها الرجالي والنسائي، وغناء هذه الفرق هو اللعبوني والخمّاري والعاشوري والدّزة والعربي والسمعان وأنواع خفيفة من فن "الصوت"، وترتكز إيقاعاتها أساسا على الآلات الإيقاعية القديمة كالدفوف والطبول. وقال جهام إن الفنون الرجالية، منها ما يؤدى في سفن الغوص ويطلق عليها "أهازيج الغوص"، ومنها ما يؤديه بحارة السفن بعد انتهاء موسم الغوص، حيث يجتمعون في دور خاصة لممارسة الغناء الجماعي أو الفردي، والدار مكان يستأجره أحد البحارة ويستخدم كمنتدى ولممارسة الألعاب، وللسمر، والدور ظاهرة طبيعية في ذلك الوقت، وتؤدي وظيفة النادي في عصرنا الحالي مع الفارق التنظيمي والثقافي والتربوي، وفن الغناء الذي يمارس في الدار. وأشار إلى أن هذه الفنون ما لبثت أن دخلت على الأغنية الحديثة وبدأ توظيفها ومزجها فخرجت لنا أعمال غنائية حافظت على هذه الفنون ورصدت حركتها، وكان من رواد هذا المزج والتوظيف الراحل عوض الدوخي، الذي أحيت اللجنة أخيرا حفلا قدمت من خلاله أغانيه، وسيرته الفنية والشعبية.