خطت مدينة جدة أمس، نحو مرحلة جديدة من مراحل "التحصين" ضد أخطار السيول، عبر إعلان أمير منطقة مكةالمكرمة، رئيس اللجنة الوزارية الفرعية لمعالجة تصريف مياه الأمطار والسيول بمحافظة جدة الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز، عن توقيع عقود مشاريع "الحل الدائم" لمعالجة تصريف مياه الأمطار والسيول عبر ترسية 8 مشاريع جديدة قيمتها 3,388 مليارات ريال، لصالح أربع شركات سعودية وعالمية. وأكد الأمير خالد الفيصل لدى رعايته توقيع عقود المشاريع الجديدة أمس، أن هذه المشاريع هي محاولة للتخفيف من أضرار الفيضانات والسيول إذا حدثت، وقال "إننا لا نقول إن مشكلة السيول ستنتهي، لأن كل شيء بقدرة إلهية، وكل شيء معرض للتلف إذا ما زادت الفيضانات عن الحد المعقول". وقدم أمير مكةالمكرمة باسمه وأهالي المنطقة الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، لدعمهما الدائم ومتابعتهما المستمرة لتنفيذ هذه المشاريع انطلاقا من اهتمامهم بإنسان المنطقة. وأكد، أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هو صاحب اليد الطولى والمبادرات الخيرة والأفكار النيرة، منوها باهتمامه الكبير والعظيم بكل ما يخدم مصلحة المواطن في هذه البلاد العزيزة. وقال "أخص هذا المشروع الكبير الذي حظي بعناية قائد هذه الأمة عناية فائقة ومتابعة دقيقة في كل مراحله، وأشكر سمو ولي العهد رئيس اللجنة الوزارية لمعالجة أضرار مياه الأمطار والسيول في جدة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، الذي يتابع هذا المشروع بكل اهتمام ويطلب التقارير ويناقشها ويسأل عن مراحل المشروع بصفة مستمرة ويوجهنا التوجيه الذي أنار لنا الطريق ولله الحمد، لإنجاز هذه المراحل الكبيرة في المشروع"، مشيرا إلى أن ولي العهد دائما يسأل عن مراحل التنفيذ، وأين وصلت؟، وماذا تم؟. وشكر الأمير خالد الفيصل زملاءه وزراء البلدية والشؤون القروية، المالية، المياه والكهرباء، والطرق، لجهودهم ومشاركتهم الفاعلة في إنجاح المشاريع التي يتم تنفيذها في جدة، مهنئا أهالي المنطقة بهذه الإنجازات، وكذلك الشركات الفائزة بعقود المشاريع. الاهتمام بالأهالي من جانبه، أكد وزير الشؤون البلدية والقروية الأمير منصور بن متعب اهتمام القيادة بسكان وأهالي منطقة مكةالمكرمة بشكل عام، وأهالي مدينة جدة، لافتا إلى أن هذه المشاريع سيكون لها كبير الأثر في تنمية المدينة وحمايتها من مخاطر السيول. وأوضح وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، أن المشاريع تأتي ضمن منظومة مشاريع الدولة التي يتم تنفيذها في جميع مناطق المملكة، لافتا إلى أن الدولة صرفت خلال ثلاث سنوات ماضية 700 مليار ريال على مشاريع البنية التحتية من طرق ومياه وخدمات في جميع مناطق المملكة، فيما لفت وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين، إلى أن هذه المشاريع تعتبر أنموذجا فريدا لما يجب أن تكون عليه مشاريع الدولة في جميع مناطق المملكة، وأنها درس يجب أن يستفاد منه. وأكد وزير النقل جبارة الصريصري أن اعتماد مثل هذه المشاريع التنموية سيعمل على حماية السكان من مخاطر السيول، مشيرا إلى أن الأعمال التي بذلها أمير المنطقة تعد جهودا كبيرة، ستسهم في تنمية المدينة وتطورها. مشاريع "الحل الدائم" من جهته، أوضح مدير عام مشروع معالجة مياه الأمطار وتصريف السيول المهندس أحمد عبدالعزيز السليم، أن الحلول الدائمة لمعالجة مياه الأمطار وتصريف السيول في محافظة جدة تشمل تنفيذ 8 مشاريع، هي: إنشاء خمسة سدود، وتوسعة قنوات تصريف مياه الأمطار الحالية وهي الشمالية، والجنوبية، والشرقية، وإنشاء قناة جديدة لتصريف مياه الأمطار بمحاذاة مطار الملك عبدالعزيز الدولي. وقال إن فوز الشركات الأربع جاء من بين 13 شركة تأهلت لتنفيذ المشاريع منها 6 سعودية و7 عالمية، لتنفيذ مشاريع الحلول الدائمة، حيث جرت المنافسة بين المقاولين الذين تمت دعوتهم في 10 صفر الماضي، وتم تحديد يوم السبت 17 ربيع الآخر الماضي موعدا لتسليم العطاءات، وتم فتح العطاءات الفنية في 18 ربيع الآخر، ومن ثم تقييمها حسب برنامج التقييم الذي يتم إعداده والموافقة عليه من قبل فريق تقييم العطاءات قبل الموعد النهائي لتقديم العطاءات وذلك قبل الشروع في التقييم المالي وتقديم التوصية بالترسية. وأشار السليم إلى أنه تم تأهيل مقاولين عدة لتنفيذ مشاريع الحلول الدائمة ممن أبدوا رغبة في المساهمة، بالإضافة مقاولين متخصصين في أعمال مشاريع البنية التحتية، وشملت أهم عوامل تأهيلهم: إجراءات السلامة، نظام الجودة، الخبرات السابقة للشركات المتقدمة، العمالة الفنية، توفر المعدات المطلوبة لتنفيذ الأعمال، قوانين وآليات وخبرات إدارة المشتريات، والقدرة على سهولة تحرك العمالة لأداء الأعمال المناطة إليهم. دراسة مستفيضة من جانبه، أجرى فريق إدارة مشروع معالجة مياه الأمطار وتصريف السيول تحت إشراف إمارة منطقة مكة، دراسة مستفيضة للأحواض المائية شرق محافظة جدة، حيث تم استخدام خرائط مسح ضوئية عالية الدقة لإنجاز الدراسة الهيدرولوجية والتي شملت معدلات الشدة المطرية بوصفها أساسا لجميع تصاميم المشاريع الهندسية، واستغرق ذلك أكثر من 200 ألف ساعة عمل بين المملكة العربية السعوية والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا لاعتماد حلول هندسية تم عرضها خلال ورش عمل مع الجهات الحكومية ذات العلاقة مع تنفيذ جميع الأعمال الميدانية المصاحبة مثل تحليل التربة والرفع المساحي. وخلصت الدراسة إلى أن مشاريع الحلول الدائمة تقتضي إنشاء 5 سدود جديدة صممت لاستيعاب شدة مطرية تكرار 200 عام، وتفريغ السدود خلال 15 يوما، فضلا عن زيادة القدرة الاستيعابية لمجرى السيل الشمالي والجنوبي والشرقي، وإنشاء قناة تصريف جديدة بمحاذاة مطار الملك عبدالعزيز الدولي. وبحسب الدراسة، يتكون التصميم الإنشائي للسدود ال5 من عدة طبقات من الصخور بمقاسات مختلفة وطبقة خرسانية لحمايتها، فيما يتكون أساس السدود من جدار قاطع بعمق يصل إلى الطبقة الصخرية لمنع تسرب المياه مع تركيب أجهزة استشعار ومراقبة لرصد حركة المياه الجوفية أو أي هبوط، كما ترتبط جميع السدود بقنوات مفتوحة متصلة بالقناة الشرقية لتفريغ مياه السيول والأمطار خلال 15 يوما لدى هطول الأمطار، وأخيرا تنفيذ طريق فوق كل سد بعرض ثمانية أمتار لغرض أعمال الصيانة. أما تصاميم مشاريع زيادة الطاقة الاستيعابية لمجاري السيول الرئيسية الثلاثة الحالية بناء على شدة مطرية 100 عام فتتمثل في رفع كفاءة مجرى السيل الشرقي بنسبة 8۰%، بإعادة تأهيله بطول أكثر من ۲۰ كيلو مترا، ورفع كفاءة مصب مجرى السيل الشمالي بنسبة ۱۰۰%، بإنشاء عبارتين بطول كيلومترين، ورفع كفاءة مجرى السيل الجنوبي بنسبة 5۰%، بإعادة تأهيله بطول 4 كيلومترات. ويشمل مشروع إنشاء قناة التصريف الجديدة للمياه بمحاذاة مطار الملك عبدالعزيز الدولي إنشاء خط أنابيب خرسانية بطول 34 ألف متر لتصل إلى البحر، مع إجراء بعض التحسينات في القناة الشمالية. توسعة القنوات وتشمل مشاريع قنوات تصريف مياه السيول الحالية تنفيذ عمليات إصلاحات وتعديلات، ففي القناة الجنوبية سيتركز نطاق العمل في توسيع القناة الواقعة بين كبري الجامعة وطريق مكة القديم، كما ستتم تعديلات أساسية في مجال إكمال أعمال التشييد حتى لا تؤثر على حركة المرور في المنطقة المحيطة. أما القناة الشمالية فيشمل نطاق الأعمال فيها إضافة خط تصريف جديد في البحر، بهدف رفع الطاقة الاستيعابية للخط القائم، بإضافة عبارتين صندوقيتين متماثلتين، بالإضافة إلى التحسينات المطلوبة الأخرى. وفي القناة الشرقية التي تستوعب معظم المياه المتدفقة من مناطق التجمع والواقعة شرق مطار الملك عبدالعزيز الدولي، ستجرى أعمال توسعة تشمل استبدال وتوسيع الجسور والعبارات القائمة، فضلا عن توسعة جميع أجزاء مجرى السيل الشرقي. نزع الملكيات إلى ذلك، تم تشكيل لجنة نزع الملكيات لصالح مشاريع الحلول الدائمة برئاسة محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد، وعقد أول اجتماع للجنة في 6 ربيع الآخر الماضي، كما تمت ترسية عقد استشاري هندسي لاستكمال إجراءات صحائف نزع الملكيات وجار العمل على اعتماد خطوط التنظيم من قبل أمانة جدة.