بعد عام على بدء الانتفاضة السورية، تبدو المعارضة المنقسمة والمشتتة أمام تحدي إفراز قيادة قوية وخطة موحدة لإسقاط النظام، لكي تنتزع من حلفائها الغربيين خصوصا ذريعة تحول حتى الآن دون مدها بالسلاح وبدعم دبلوماسي حقيقي وفعال. ويقول مدير مركز الأبحاث للشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما الأميركية جوشوا لانديس "على المعارضة أن تطور حركة تمرد مسلحة منظمة وقيادة وطنية، وهما أمران لا تملكهما اليوم". ويعتبر المجلس الوطني السوري الذي ولد في سبتمبر بعد حوالي ستة اشهر على بدء الانتفاضة، أبرز ممثل للمعارضة المتنوعة التي تفتقر باعتراف الخبراء إلى أرضية مشتركة واستراتيجية واضحة وهيكلية فاعلة. وتم تشكيل المجلس في إسطنبول من 140 عضوا بينهم من هو مقيم في الخارج مثل رئيسه برهان غليون، ومن عرف أكثر من مرة في الداخل تجربة الاعتقال السياسي، مثل عضو المجلس المستقيل هيثم المالح. لكن ظهر بوضوح منذ اليوم الأول فقدان الانسجام وغالبا الرؤية الموحدة بين أعضاء هذا المجلس الذين نقلت الصحف صورا عن اجتماعهم الأول وهم يتضاربون بالأيدي، فيما بلادهم تغرق في مصير مجهول. وبقيت شخصيات كثيرة معارضة مثل ميشال كيلو ورياض الترك خارج المجلس الوطني. على الأرض أيضا، المعارضة السورية موزعة بين تنسيقيات وهيئات ومجالس عديدة. ويدرك كثير من المعارضين نقاط ضعفهم، مشددين على ضرورة التركيز على القاسم المشترك المتمثل بالعمل على إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. ويقول كمال اللبواني، أحد مؤسسي مجموعة العمل لتحرير سورية، الذي قدم استقالته مع زميليه هيثم المالح وكاترين التلي من المجلس الوطني قبل أيام، إن هناك "فئة أوليغارشية تحتكر المجلس وتحتكر القرار فيه ولا تعمل". ويتهم بعض القيمين على المجلس الوطني بالسعي إلى تحقيق "مكاسب شخصية"، و"الإخوان المسلمين" باحتكار أعمال التسليح والإغاثة في المجلس لأنهم "منظمة قوية" بين المجموعات المعارضة و"يستخدمون المال لتوسيع قاعدتهم الشعبية". ودعا اللبواني إلى مؤتمر يضم كل أطياف المعارضة ويعقد قريبا في إسطنبول بهدف "الضغط على المجتمع الدولي" ودفعه إلى "مساعدتنا على التوصل إلى حل. وقال إن المطلوب "مجلس يلعب دورا حقيقيا في إدارة العمل المسلح، ويقوم على تمثيل الثورة وإسقاط النظام وإرساء الديموقراطية، لا مشروع استبداد جديدا".. وحذر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه الخميس أول من أمس من أن "الشعب السوري منقسم بشكل عميق وإن أعطينا أسلحة إلى فئة معينة من المعارضة سنكون في طور تنظيم حرب أهلية. وترى عليا منصور العضو في المجلس الوطني في "اشتراط المجتمع الدولي توحيد المعارضة، مجرد ذرائع لتبرير عدم قيامه بشيء كثير". وتقر بوجود "بطء في عمل المجلس"، لكنها تقول "نحن موحدون على هدف إسقاط النظام. هناك مجازر ترتكب كل يوم. يجب أن نركز على القضية الأساس".