مؤخراً خرج منتخبنا خالي الوفاض من تصفيات كأس العالم التي ستقام في البرازيل 2014، وقد اعتدنا على ذلك. الميزة هذه المرة أن الخروج جاء مبكرا من الأدوار الأولى التي ظننا بعضا من الوقت أننا تجاوزناها بجدارة وأنه لا مجال للعودة إلى ذلك الزمن. نعم عشنا مع جيل ذهبي للكرة السعودية، جيل أحضر الجماهير لتغطي كافة المدرجات مع كافة الفرق تحت ولاء الوطنية بعيداً عن التعصب المقيت، جيل حين نتذكره نتذكر بكل فخر المبدع ماجد عبدالله والفيلسوف يوسف الثنيان والموسيقار فهد الهريفي والسد العالي أحمد جميل ورفيق دربه محمد الخليوي والأنيق خالد مسعد وأبناء الدعيع.. جيل القائد البارع صالح النعيمة وهناك الكثير من العباقرة الذين أثروا البساط الأخضر بإبداعهم وفنونهم. ثم أتى جيل من بعدهم هم في البداية لم يحققوا إنجازات على مستوى الفئات السنية التي تدرجوا فيها، وهنا أقصد تحقيق البطولات لا غير، حتى وصلوا إلى الفريق الأول وهم لا يحملون صفة الفريق البطل المتسلح بثقافة الفوز. بداية النكسة كانت قد بدأت من الشوط الثاني في كأس العالم بأميركا 1994 عندما تغلبت علينا الدولة الإسكندنافية السويد في عز الظهر والحر في مناخ شبيه بمناخ بلادنا، ومن هناك تغلغلت المجاملة في جسد الأخضر بمشاركة بعض اللاعبين كي يكتسبوا صفات وأسماء تقف إمكاناتهم الفردية حائلا دون تحقيق أحلامهم، واستمر الحال حتى وقتنا الحاضر، وهو ما جعل المؤشر الأخضر في انحدار منذ ذلك الوقت، وهذ أحد الأسباب، بل إن مجاملة هؤلاء أدت إلى ظلم لاعبين أصحاب مواهب حقيقية، حتى والمنتخب يتأهل إلى النهائيات في 1998، 2002، 2006 وبدل أن تكون المشاركات في خط تصاعدي كانت على النقيض من ذلك، وتعرض المنتخب لخسائر مذلة، على سبيل المثال خسارة المنتخب من فرنسا 98 وألمانيا 2002 وأكرانيا 2006؟ بالإضافة إلى ذلك ما زال يعمل في أروقة الاتحاد السعودي لكرة القدم جيل ربما عاصر (الكرة الشراب) جيل أدى ما عليه وفق إمكاناته، يشكر على ذلك، وكان من الأجدر أن يتنحى ويترك المجال للطاقات الشابة المؤهلة. من أحد الأسباب في تدهور ثقافتنا الرياضية وتأثير ذلك على ثقافة اللاعبين؛ الإعلام وبعض القنوات الإعلامية المحسوبة على الإعلام الرياضي، خاصة الصحف التي هي إعلام موجه لخدمة أنديتها بالدرجة الأولى، بل هي في حقيقتها صحف تتبع للنادي، فارغة من أي مضمون حقيقي، أو رسالة استراتيجية هادفة تخدم الصالح العام الرياضي. وعلى الرغم من أنه ليس بالضرورة أن يخضع الإعلام لقوانين وأحكام العدالة وأسس الحيادية الفكرية، إلا أنه مارس الخداع الإعلامي، فكان التأثير الإعلامي في التهييج ونقل التعصب الرياضي من المكاتب إلى المدرج حتى وصل بنا الحال إلى قلة الحضور في بعض مباريات المنتخب المهمة. حتى وهذا الحزن يخيم على جمهور الكرة السعودية لا نغلق باب التفاؤل فقدرة الشباب السعودي الطموح قادرة على إعادة هيبة الرياضة السعودية من خلال عدة أمور، منها تأهيل الكوادر المؤهلة علمياً مع زرع الثقة لقيادة الفرق والمنتخبات وفتح باب الأكاديميات التي هي أحد الحلول لمشكلة الكرة لدينا، وإتاحة فرص الاحتراف الخارجي للاعب السعودي "الطموح" دون مكابرة أو مغالاة من أنديتهم كي يعود متزوداً بخبرات تؤهله إلى قيادة المنتخبات والأندية إلى ميادين التفوق والإنجاز. وأخيراً، لا خوف على الكرة السعودية لأنها كرة ولادة.. والقادم بإذن الله أجمل.