لم يكن الخروج المبكر للاخضر من كأس الأمم الأسيوية الحالية في الدوحة هو اول اخفاق يتعرض له الفريق في العقدين الاخيرين اللذين بلغت فيها كرة القدم السعودية اوج مجدها بوصولها لنهائيات كاس العالم 4 مرات في امريكا 94 و فرنسا 98 و اليابان وكوريا 2002 و المانيا 2006 في حين اخفق الفريق في الوصول لنهائيات 2010. في ظل التحولات التي شهدتها الكرة السعودية منذ 2006 بدخول الاستثمارات اليها بقوة ، فقد خرج الفريق قبل ذلك مبكرا من نهائيات كاس اسيا في الصين عام 2004 في اول مشاركة له كبرى بعد هزة مونديال 2002 التي مازالت الكرة السعودية تعاني من اثارها حتى اليوم ولن يكون الخروج المبكر من بطولة الدوحة هو الاخير طالما ان الفريق يلعب ويشارك في البطولات القارية والدولية ، وطالما ان هناك تخبطات ، وهناك عدم جدية ، وطموح لدى اللاعبين يواكب طموح الجماهير اولا والقيادة الرياضية ثانيا ، فقد خذل المنتخب الجميع وخرج من الدور الثاني لتصفيات كاس العالم ليسجل جيل ياسر القحطاني ، عبده عطيف ، ناصر الشمراني ، وليد عبدالله الى فشلا ذريعا في الحفاظ على انجازات جيل ماجد عبدالله ، محمد عبدالجواد ، صالح النعيمه ، صالح خليفه ، عبدالله الدعيع ، فهد الهريفي ، صالح المطلق ، يوسف الثنيان ، حسين عبدالغني ومن بعده جيل فؤاد انور ، محمد الدعيع ، سعيد العويران ، سامي الجابر، محمد الشلهوب ، سعد الحارثي ، محمد نور ، حمد المنتشري ، سعد الحارثي الذين يعتبرون نجوم الملاعب السعوديه في الوقت الراهن والذين تكررت وعودهم للجماهير بتحقيق نتائج افضل الا ان جيل الملايين من الريالات اثبت فشله في مواكبة التطورات الفنية في الدول الاخرى حيث ثبتت الكرة السعودية عند مستوى معين ، الحادثة في الدول الاخرى والتي قطعت شوطا كبيرا في تطوير مستويات فرقها ومنتخباتها في الوقت الذي اخذ فيه مؤشر فرقها في الصعود ولناخذ على سبيل المثال اوزبكستان ، عمان ، البحرين ، سوريا ، الاردن وحتى الكويت التي تعرضت كرتها لسقطة كبيرة بعد الغزو العراقي بدأت تتعافى في اخر 3 سنوات ولم تستطع تجاوزه لان اللاعب السعودي فقد الطموح في تحقيق انجازات من شانها ان تضيف له شيئا بعد ان انهمرت عليه الملايين من كل حدب وصوب ليصل دخل الفرد منهم الى 800 الف ريال شهريا كحد اعلى و200 الف كحد ادني واصبح بالتالي اكثر مواطن دخلا ، ولعل هذه من الاسباب التي اخرت حتى اليوم احتراف اللاعب السعودي خارج الحدود فامكانات الاندية العربية لاتستطيع تحمل مثل هذه الميزانيات في الوقت الذي لازالت فيه الاندية الاوروبية غير مقتنعة بجدية هذا اللاعب ولنا في الشروط التي وضعها النادي الانجليزي لاحتراف ياسر القحطاني دليلا ، كما ان الاعلام من جهة رسخ في ذهن اللاعبين الولاء للاندية فكانو يحملون معهم الى المعسكر تبعات المنافسات المحلية مما اثر على اجواء المنتخب وتسبب في انعدم روح التعاون التي كان يتميز بها الفريق فترة من الزمن حتى وان تظاهروا بالولاء للمنتخب ، ومايمكن ان يحسب هنا على المسؤلين في اتحاد كرة القدم انهم في كثير من الحالات تساهلوا مع بعض التجاوزات ولم يقابلو ذلك الوضع بما يستحقه من العقاب وفق مبدأ الثواب والعقاب . المشكلة مشكلة الرياضة االسعودية عموما وكرة القدم خصوصا ضعف القاعدة قياسا بوضع البلد السكاني والاقتصادي وذلك بسبب اهمال الرياضة المدرسية من قبل الجهات المسؤلة عن التعليم مايزيد على عقدين من الزمن تسبب في حدوث فجوة كبيرة لم تستطع رعاية الشباب والاندية الرياضية معا على ردمها لعدم وجود الملاعب ذات حين من الزمن ، وعدم توفر الامكانات المادية لذلك وبالتالي غابت الخطط التنموية المترابطة وسار العمل بصورة اجتهادات فردية بتبني بعض اعضاء الشرف رعاية هذا الفريق ودعم ذاك لفترة وجيزة جدا ، في الوقت الذي كان اتحاد القدم يحاول جاهدا التغلب ببرامج ومعسكرات حققت نجاحات فاقت حدود التصور المنطقي للعمل تثملت في احراز المنتخب لكاس اسيا ثلاث مرات والوصول للنهائيات ست مرات ، وكاس الخليج 3 مرات والعرب مرتين ، وتاهل منتخبات الشباب والناشيئن لكاس العالم في الوقت الراهن تبدأ بالاهتمام بالدوري على حساب المنتخبات الوطنية فالتركيز على الدوري مسح من الذاكره اي حسابات اخرى بحيث اصبح اهتمام اللاعب بالنادي في الدرجة الاولى. لجان وخطط بلا ميزانيات ولعل المعضلة الاخرى وعقبة الرياضة السعودية هي الاعتمادات المادية فلقد قامت رعاية الشباب ، والاتحادات الرياضية واللجنة الاولمبية بالعديد من الدراسات ووضعت الخطط التطويرية من خلال مختصين وعبر عدة لجان منها تطوير الكرة السعودية التي حملت نتائج الاخفاق قبل ان ينفذ مشروعها التطويري ، برنامج الصقر الاولمبي ، وخصخصة الاندية الرياضية الذي رفعت اوراقه الى المجلس الاقتصادي الاعلى منذ عدة سنوات ولم ينظر فيها بعد ، فضلا عن ان وزارة المالية لاترى في الرياضة اهمية تجعلها تحصل على اولوية في برامج التنمية وتستحق رفع قيمة الدعم المادي لها وقامت منذ اكثر من عشر سنوات بتخفيض الاعانات المرصودة للنشاطات الرياضية الى النصف مع اطلاق سياسة الترشيد في الانفاق ، في الوقت الذي تحولت فيه الرياضة الى صناعة توليها الدول كثير من الاهتمام ويتم الصرف عليها بسخاء في الدول التي لايلعب فيها القطاع الخاص دوره الاجتماعي ، اما في الدول المتقدمة فان الحركة الرياضية برمتها تقوم على دعم ورعاية القطاع الخاص ، وبين هذا وذاك فقدت الرياضة السعودية الدعم المطلوب فميزانية اللجنة الاولمبية لاتتجاوز الثمانية ملايين ريال منذ 1980 واعانة النشاط الرياضي هي الاخرى لم تتجاوز المائة مليون ريال ل 153 ناديا ، و29 اتحادا رياضيا وهومبلغ صرفه نادي الهلال على شراء لاعبين اثنين في صفقة واحدة الموسم الماضي هما السويدي ويلهامسون والبرازيلي تياغو نيفيز . الضربة الاولى مشكلة المنتخب ويعاني المنتخب من مشكلة مزمنة لم تعالج بشكل جاد من قبل الاجهزة الفنية والادارية تتمثل في عدم اهتمام اللاعبين بالمباريات الافتتاحية في المسابقات المختلفة والتي تشكل منعطفا مهما في مسيرة اي فريق وذلك بعدم اهتمامهم بالفريق الخصم كما يجب وكما تفعل الفرق الاخرى التي تقوم باجراء تحليلات فنية متعمقة للفريق السعودي قبل مواجهته فكان من نتاج ذلك تلقي الفريق ضربات موجعة نذكر منها مباراة المنتخب مع السويد في كاس العالم 1994 والتي كان الجميع يتحدث عن فوز المنتخب بها قبل ان تلعب لانها ستقام ظهرا في اجواء حارة تتناسب مع طبيعة ابناء الصحراء وان الفريق السويدي لن يكمل المباراة (!!!) وخسر الفريق بثلاثة ، وتكرر المشهد في كاس العالم في اليابان 2002 والنتيجة التاريخية التي خسر بها المنتخب من المانيا نتيجة عدم احترام الخصم ، ويستمر المشهد في المثول في كاس العالم في المانيا 2006 التي كان الجميع يتحدث عن تعادل مع تونس وخسارة من اسبانيا وفوز على اوكرانيا التي لقنت الفريق درسا قاسيا ، وايضا كاس اسيا في لبنان امام اليابان التي ابعد فيها ماتشاللا وكلف الجوهر ،وغير بعيد عنا حال الفريق في بداية تصفيات كاس العالم الاخيرة امام ايران والامارات وكوريا الشمالية بالرياض وغيرها كثير. اعلام لايرحم وحتى تكون الصورة مكتملة المعالم لما يحدث للرياضة السعودية ولاسيما كرة القدم فان الاعلام الرياضي يتحمل حزءا من المسؤولية بالدفاع عن لاعبين ومهاجمة اخرين ملئت بها النفوس قبل الدخول الى معسكرات المنتخب الوطني ، وبقي يعزف على نغمة التاريخ والانجازات ، وان لدينا افضل دوري عربي ، وراح يهتم بالبحث عن ألقاب وهمية مثل افضل فريق في الشهر في التصنيف العالمي ، وافضل لاعب عربي ، واسيوي وبعد نادي القرن ، وانعكس ذلك على تشجيع الجماهير للمنتخب من خلال التعامل مع اللاعبين بالمطالبة باسماء معينة ، وتشجيعها على حساب لاعبين موجودين داخل الملعب يرتدون شعار المنتخب وبلغ الاحتقان ذروته في المدرجات بحيث لم تعد تتقبل حتى الحكم السعودي متجاهلين ايجابياته ومترصيدين لسلبياته مما دفع اتحاد الكرة الى الاستعانة بحكام اجانب كانت غلطاتهم اكثر فداحة من اخطاء الحكام السعوديين لكن احدا لم يتكلم ، واذا تكلم اوجد لهم العذر !! المدربون تجار شنطة ومثلما لعب المدربون الاجانب ادوار ايجابية في تطوير الكرة السعودية فقد كانت لهم سلبياتهم واصبحو يرون في تدريب المنتخب السعودي فرصة لجني اكبر قدر من المال في اقصر زمن ممكن مع تنفيع الاقارب والاصدقاء الذي ياتون معهم كمساعدين وبعضهم لايملك الخبرة التي يمكن لها ان تفيد الفريق ، واصبحوا كتجار الشنطة. وهنا يجب على اتحاد الكرة وقف هذا الاستغلال عند التعاقد مع هؤلاء المدربين وجعل مساعديهم من الشباب السعودي لاكسابهم الخبرات من جهة وتهيئتهم لقيادة الاندية من جهة اخرى.