إن التنظيم البيروقراطي المثالي هو تنظيم افتراضي ليس له وجود في الواقع، ولكن العالم الافتراضي يستند إلى هدف عميق يجمع الناس وينفق على تجمعهم الكثير من تكاليف التقنية ويحرر شيكا مسبوق الدفع لإيمانه التام بنجاح المشروع، قبل أن تبدأ الدراسات لإنشاء هذا العالم الافتراضي. "فيس بوك" راهن عليه الكثير من ذوي الخبرات والأفكار التقدمية وأصحاب النظرية التنظيمية والاجتماعية والاقتصادية أنه عالم افتراضي له تنظيم عصري فرض إرادته على الآخرين، تعاملت الناس معه بجدل لا ينقطع حتى ألفوه وتعودت أناملهم على الكتابة فيه، ثم بدأ في عام 2008 بناء الموقع تويتر Twitter باستخدام لغة Ruby ومكتبتها الشهيرة Ruby on Rails، هناك عالم ينقذك عندما تحتاج إلى الإنقاذ، وهذا ما وجدناه في "تويتر" فكان لنا كالقُرعة التي ربحنا من خلالها تواصل ومعارف لم نكن نعيها حتى في البلد الواحد، وخلف العقول التي تصلبت منذ زمن لم نكن نؤمن أبدا بسهولة التعامل مع البعض وأن بيننا وبينهم سور الصين العظيم لانغلاقهم على أفكارهم وقناعاتهم، سقطت الحواجز، ولم يبق أحد إلا وتمكن من الدخول والإدلاء بقناعاته ومنطلق أفكاره، لقد تضاءلت التناقضات والأدوار التخصصية للأفراد والمواقع على السلم الهرمي، واتضحت الفجوة التي أحدثتها الصلاحيات المخولة للأفراد بحكم مواقعهم الرسمية بينهم وبين المواطن العادي، وانطلق العنان للانتقادات، وارتفعت درجات الرشد بين الناس فأصبحت الأغلبية المتشددة تتفاعل وتتجاوب حسب معطيات الجدل، وبكل جدارة أصبحنا مجتمعا يسأل وينتظر الإجابة. منذ عهد قريب كانت أسئلتنا لا تجد إجابات لها، ولم نر إلا عبوسا وتصغيرا لكل فكر قدم سؤالا أو طلب تعليلا لأي مسألة، أنطق "تويتر" العزيز أبا الهول بعد صمت طال أمده وعرض عصره، كنا نعرض مساوئنا الاجتماعية ولا أحد ينظر إليها أو يعبأ بها، لم تكن المتغيرات السياسية وحدها التي نظمت العلاقة بين أفراد المجتمع بل هي برامج التواصل بالعالم وسهولة الوصول بلا عناء أو مشقة، لولا إننا بحاجة إلى أساتذة العلم والمعرفة والخبرات المرموقة لنشر الثقافة المدنية والحد من السلبية التي تحدثها الفوضى والفساد في المجتمعات واحتضان الحق والعدل بين الفرد أو النخبة أو العائلة. إن للعامل النفسي أثرا مهما على أداء الأفراد لا يقل عن العوامل المحيطة سواء مادية أو اقتصادية، والنجاح ما هو سوى مواكبة لكل المعطيات في المجتمع.