بعد أن أنهى الطبيب نادر الحسن تخصص الباطنية، وأتم مرحلة الامتياز بحث عن زوجة تحمل تخصصه نفسه، وقد عثر عليها، وتم الزواج وأثمر عن إنجاب طفلين، وذكر نادر أن الزواج من زوجة في التخصص نفسه جعل منهما طبيبين في العمل وفي المنزل أيضا، يناقشان تخصصهما، وآخر مستجداته، ويشاركان في الملتقيات العلمية معا، وأضاف ذلك لحياتهما الزوجية نكهة خاصة. وهكذا أضيف لمقومات اختيار الزوجة عامل جديد وهو "التخصص"، فإذا كانت عناصر اختيار الزوجة الشائعة أربع عناصر وهي المال، والجمال، والحسب، والدين، يفضل البعض أن يضيف لهذه الاشتراطات عنصرا جديدا وهو التخصص، إذ يحرص كثير من الشباب على أن تكون شريكة الحياة تحمل تخصصهم العلمي أو الوظيفي نفسه، وذلك لتكون الشراكة أقوى، والاهتمامات متقاربة، والتفكير متساويا. ويبرز هذا الحرص عند شريحة من أصحاب المهن، ومن بينهم الأطباء، والمعلمون الذين يجدون في الزواج من شريكة عمر ذات تخصص مماثل وسيلة لحياة أسرية مستقرة، ورحلة عمر حافلة بالإنجاز والعطاء على المستويين الوظيفي والأسري. يقول الطبيب أحمد مصطفى إن زواجه من طبيبة في تخصصه نفسه وهو جراحة العظام فتح لهما آفاقا واسعة، فهو الآن يفكر وإياها في فتح عيادة خاصة بهما للعمل بها معا، وخاصة أنه يعمل في قطاع خاص، وهي تعمل في قطاع حكومي. وذكر الممرض أحمد الزهراني (خريج كلية صحية) أنه عمل بأحد المستشفيات الخاصة، وتزوج من الطبيبة التي تعمل معه بالمستشفى نفسه، وقد وفق في زواجه على الرغم من ضغوطات العمل التي تواجهه وتواجه زوجته، مشيرا إلى أن زواج الرجل أو المرأة من التخصص والمجال نفسه يوفر للزوجين أفقا واسعا في التحاور والتعاطي في الأمور كافة. ولم يقتصر الأمر على الأطباء، فقطاع التعليم مجال آخر يحرص من يعمل فيه على أن تكون شريكة حياته تعمل في التخصص ذاته، فالمعلم راشد الحربي (تخصص تربية إسلامية) كان حريصا على أن يقترن بمعلمة في تخصص الدراسات الإسلامية، وتقدم لخطبة معلمة في مدارس تحفيظ القرآن، وتوقع أن يكون تخصصها دراسات إسلامية، مما شجعه على التقدم لخطبتها، وأصر على أن يتم مشروعه، ولكنه فوجئ بعد الدخول في التفاصيل أن العروس معلمة رياضيات في مدارس التحفيظ، لكنه أتم مشروعه، وهو على حد قوله يعيش حياة أسرية سعيدة، وعن سبب إصراره على الارتباط بمعلمة من تخصصه نفسه، ذكر أنه كان يريدها كذلك، ليكون بينهما توافق حول أمور عدة وخاصة في مجال التعليم. معلم التربية البدنية عبدالكريم الأزوري يقول إنه تمنى كثيرا أن يقترن بمعلمة من تخصصه نفسه، لكنه بما أن تخصصه لا يوجد في مدارس تعليم البنات، اقترن بمدربة رياضة بإحدى الصالات الرياضية النسائية المغلقة. أما المعلمة حنان الثمالي فتروي جانبا آخر من الزواج من التخصص نفسه، وتقول "للزواج من زوج يحمل التخصص نفسه ثمن، فزوجي الذي يعمل معلما للغة العربية يكلفني بكثير من أعماله التي يجلبها معه إلى المنزل، بصفتي أحمل التخصص نفسه، فأنا من تصحح أوراق الاختبارات الدورية، وتضع الأسئلة النهائية لطلاب زوجي، إضافة إلى القيام بالمهام نفسها لطالباتي " من جهته قال استشاري الطب النفسي بجدة الدكتور عدنان عاشور إن "أصحاب المهنة الواحدة عادة ما يميلون إلى اختيار شريك الحياة من المهنة نفسها، حتى يكونوا أقرب في التفكير لبعضهم، وكذلك أقرب لفهم ظروف بعضهم، فتصبح الحياة بينهم تشاركا في كل شيء، سواء في العمل أو في المنزل". وأضاف أن بعض طلاب الطب الآن يميلون للارتباط بزميلات من المهنة نفسها، والطبيب يحتاج إلى زوجة تتفهم ظروف عمله، وطبيعة حياته، مضيفا أن ظروف الأطباء العملية والمهنية لن يقدرها إلا شريك من المهنة نفسها، يعرف طبيعة العمل وظروفه. ويرى الدكتور عاشور أن "مهنة الأطباء نستطيع أن نقيس عليها بقية المهن الأخرى، حيث يعتقد كثير من أصحاب المهن أن هذا التقارب والارتباط بشريك في المهنة نفسها أقرب للتفكير ولفهم ظروف الحياة، وأنه مدعاة لنجاح الحياة الزوجية، فالمعلم الذي يعلم القرآن والشريعة يرى أن معلمة من تخصصه نفسه سوف تتفهم تفكيره وتمسكه ببعض القيم، ويسهل عليه عدم الاصطدام معها".