هذه المرة، لم يجلس الإعلاميون السعوديون في الصف الخلفي لطاولة المشاركين في الحوار الوطني، كما جرت العادة طوال السبع سنوات الماضية، وهم ينقلون فحوى الأوراق والآراء إلى جمهورهم، بل تقدموا إلى الصفوف الأمامية بعدما قرر مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، أن يضعهم فوق طاولة النقد والنقاش، أمس في لقاء الحوار الفكري التاسع بحائل. وبدا محور "الحريات الصحفية" ساخنا بالجدل بين أطراف عدة، لم تتفق حول حدودها ومسؤوليتها، فيما احتار بعضهم وهم يتساءلون "هل يحق لنا أن نكتب عنا في صحفنا غدا؟". ولم تخل جلسات اليوم الأول من المطالبات بتحديد مفهوم الحرية إلى رفع مستوى مسؤولية الإعلاميين، وحتى مطالبة مركز الحوار الوطني نفسه بأن يستمر طوال السنة ولا يقتصر على يومين، في حين وجدها الإعلاميون فرصة لاستعراض العوائق التي تحول دون نجاح العمل الصحفي، معتبرين أن غياب المعلومة من الجهات الحكومية هو عائقهم الأهم. أمام ذلك أعلن نائب وزير الثقافة والإعلام عبدالله الجاسر في حديث إلى "الوطن"، تشكيل فريق عمل لجمع آراء المشاركين سعيا لدراستها والاستفادة منها. وقال رئيس تحرير "الوطن" الزميل طلال آل الشيخ إن "الحرية ليست إرضاء وزارة الثقافة والإعلام أو بعض المسؤولين على حساب الهموم الحقيقية للوطن، كما أن الحرية لا تكون بتعامل وزارة الإعلام واللجنة المختصة في الشكاوى بحسب شخصية المدعي ومكانته الاجتماعية"، متأسفا لعدم وجود ممثل لهيئة الصحفيين السعوديين أو الصحفيين في اللجنة، كما طالب بإعادة النظر في نظام المطبوعات السعودية بما يكفل الحرية المسؤولة. ووصف الكاتب فهد الأحمدي الصحفيين بأنهم "يعيشون على كف عفريت" طوال عملهم في مهنتهم، مستشهدا بتجربته كونه كاتبا يوميا. ------------------------------------------------------------------------ اتفق المشاركون في جلسة "العلاقة بين الإعلام والقطاعات الحكومية" ضمن فعاليات اللقاء الوطني التاسع للحوار الفكري في حائل أمس على أن شح المعلومات وضعف التواصل مع الجهات الحكومية يعتبران حائلا أمام نجاح العمل الصحفي. وقال رئيس تحرير "الوطن" طلال آل الشيخ "إن غياب المعلومة من الجهات الحكومية تعتبر أبرز معوقات العمل الصحفي"، وهو الرأي ذهب إليه كل من رئيس تحرير "الشرق" قينان الغامدي، والكاتب صالح بن علي الحمادي. وقالت أميمة زاهد إنه لا يوجد تواصل بين الإعلام، و"التربية والتعليم" كون المسؤولين في "التربية"، يحاولون جاهدين منع التواصل مع الإعلاميين، مؤكدة أن هناك تعاميم رسمية توزع بين الحين والآخر على مديري أقسام التربية وإداراتها تمنعهم فيها من التصريح لوسائل الإعلام. وطالبت نوف الغشيان بضرورة توعية المجتمع تجاه الجهات والهيئات الرسمية من خلال الإعلام، ورسم ما لها وعليها، إضافة إلى ضرورة تبني قضايا المجتمع. وأشار رئيس جمعية الاتصال السعودية الدكتور على شويل القرني إلى أن التعاطي مع وسائل الإعلام أصبح إيجابيا في الوقت الراهن، وأصبحت أجهزة الإعلام تجبر الهيئات على العملية الإصلاحية، ولم تعد مقولة "كلام جرايد" سارية المفعول في الأوساط الاجتماعية. أما رئيس أدبي حائل نايف المهيليب فقد حذر في مداخلته من حرية الإعلام التي يستغلها المراسلون المتسلقون من وقت إلى آخر، مطالبا بإنشاء أكاديمية أهلية متخصصة لتدريب هؤلاء حرصا على وضع آلية تعامل ونقل الشفافية الصادقة لمد جسور التعاون بين الإعلام والجهات الأخرى. كما أكد المهيليب على ضرورة الحفاظ والدفاع في آن واحد عن الثوابت الدينية والوطنية. وطالب الإعلامي والكاتب صالح الحمادي بوضع آلية معينة لضبط النواحي "التعاملية" المختلفة مع الإعلام والجهات الحكومية حتى نستطيع أن نستمتع بإعلام متحرر وفق ضوابط إيجابية تهدف إلى النقد البناء. وأبدى الأكاديمي والمتخصص في الإعلام الدكتور محمد بن عبدالرحمن الحضيف في بداية مداخلته أسفه الشديد على قيام بعض الصحف وسائل الإعلام بالهجوم على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أي خطأ فردي يرتكب بطريقة قد يبالغ فيها دون الرجوع إلى الجهة الرسمية لمعرفة الحقيقة كما هي، مطالبا تخفيف هذه الوطأة على هذه الجهاز الحيوي الهام.