أكد عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الدكتور أشرف علي دعدور أن الاختلاف آية من آيات الله، وهو ما يستدعي ألا يكون ما تعبّر عنه أمة أو شخص صورة مماثلة لما تعبّر عنه أمة أخرى أو شخص آخر، لذلك يخطئ من يرى في الأدب العربي، في مشرقه ومغربه ملامح أو خصائص متطابقة دون مراعاة ما يستدعيه الاختلاف من خصوصية وتميّز وملامح فارقة. وأشار في محاضرة بنادي مكة الثقافي الأدبي بعنوان "خصوصية الأدب الأندلسي" مساء أول من أمس وأدارها الدكتور ناصر السعيدي إلى أن خصوصية الأدب الأندلسي تنبع من تعدّد العناصر البشرية في بيئة ذات طبيعة مكانية وجغرافية مختلفة، وحياة ذات أحداث وصراعات سياسية واجتماعية ودينية مغايرة. ولم تقف المحاضرة عند بيان أسباب الخصوصية الأندلسية ودواعيها بل كشفت عن التجلي العملي لهذا التميّز، الذي بدأ من خلال محور الموضوعات أو الأغراض الشعرية أو الفنية التي استجابت للعوامل المذكورة، سواء في تطوير الأغراض التقليدية، بما يتناسب والواقع الأندلسي مثل الغزل، ووصف الطبيعة، والزهد والتصوّف أو الأغراض المبتكرة مثل رثاء المدن، والاستغاثة والاستصراخ وكذا الموضوعات ذات الصبغة الاجتماعية أو الطبقية الخاصة وصراعاتها. المحور الآخر هو البناء الفني والتشكيلات الجمالية المتميّزة داخل العمل الفني التي تكشف بدورها عن ملامح محلية في استخدام اللغة وفي التصوير الخيالي من تشبيهات واستعارات ومجاز وصولاً إلى الأنواع الأدبية المبتكرة مثل الممحصات، والموشحات، والأزجال الأندلسية بخصائصها الفنية وأوزانها وقوافيها ولغتها ومصطلحاتها المختلفة عن أدب المشرق وفنونه. وعرض دعدور في محاضرته لنماذج الأشعار والموشحات التي كشفت عن هذه الخصوصية، ودعت إلى الخوض في هذا الميدان الخصب الذي يحتاج إلى مزيد من البحث يستحق بذل الجهد للكشف عن الإبداع الحضاري للتراث الإسلامي في بلد أوروبي استمر أكثر من ثمانية قرون، وكان قنطرة عبرت ثقافتنا وحضارتنا الإسلامية عليها لتصل إلى أوروبا كلها في عصر نهضتها. وشارك عدد من الأكاديميين في التعقيب على هذه المحاضرة بدءاً بالدكتورة أمل العميري التي نوّهت بالمحاضرة بما فيها من لفتات مضيئة، كما أثنى الدكتور ناصر السعيدي على ما جاء في المحاضرة من تطواف في تاريخ الأدب الأندلسي ومتابعة لمناهجه وأغراضه. وأكّد الدكتور مصطفى أبوطالب على خصوصية الأدب الأندلسي، فيما دعا الدكتور عبدالله إبراهيم الزهراني إلى الاعتدال في التحمّس للأدب الأندلسي، مع إقراره بما في هذا الأدب من خصوصيات، وتساءلت الدكتورة هيفاء فدا عن التلاقح المجتمعي وأثره في الشعر الأندلسي، ورأت الدكتورة هيفاء الجهني أن من خصوصية الأندلسيين اهتمامهم بالموسيقى والألحان مما أخرج لديهم الموشحات التي تتسم بالتنويع.