تحرص "سامية" على متابعة برامج تفسير الأحلام في القنوات الفضائية، كما تهتم باقتناء أي كتاب جديد يصدر عن الأحلام وتفسيرها، كما أنها تبحث لدى صديقاتها عن أرقام مفسري الأحلام، وما إن تحلم حتى تبادر بالاتصال بأحدهم ملتمسة تعبير حلمها، وهي لا تكتفي بتفسير واحد، بل تلجأ إلى معرفة تفسير ثان وثالث، لتروي شغفها بعالم الأحلام. وأصبحت جوالات وتليفونات مفسري الأحلام في المجتمع السعودي تتلقى الاتصالات أكثر من برامج المسابقات التي تقدمها بعض القنوات الفضائية، وبات الطلب على هؤلاء المفسرين لافتا، لدرجة أن رقم جوال أي مفسر من هؤلاء المفسرين أصبح يوزع بين الناس بطريقة تلفت الانتباه، كل ذلك يؤكد وجود توجه لدى عدد من الناس لأخذ رأي هؤلاء المفسرين في رؤاهم اليومية. ويرى حسين الرفيعي أن بعض ضعاف النفوس امتهنوا هذه المهنة متظاهرين بأنهم شيوخ، مشيرا إلى أن النساء يعتبرن من أكثر ضحايا هؤلاء المفسرين المزيفين، مستشهدا بقصة لأحد مدعي تفسير الأحلام، اتصلت به إحدى النساء، وأشار عليها بقبول أول من يتقدم لخطبتها، وبعد عدة أيام قام هو نفسه بالاتصال عليها، وطلبها للزواج. ويقول ماهر القرشي إنه يعرف أحد الأشخاص "اشترى كتابا يتحدث عن تفسير الأحلام وقرأه، ومن ثم وزع رقم شريحة جوال استخرجها، مدعيا أنه أحد مفسري الأحلام ، وأنه يستقبل فقط الرسائل ويرد عليها عبر رسالة"، مؤكدا أن هذا الشخص لا يمتلك أي علم في تفسير الأحلام. فيما قال سعد القحطاني إن بحوزته أرقام ثلاثة مفسري أحلام يتصل بهم بشكل يومي عادة ليفسروا له الرؤيا التي رآها، مؤكد أن الرؤيا جزء من النبوة بحسب حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- الذي يقول فيه "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة". ويضيف إبراهيم الجهني أنه عند متابعته لبرامج تفسير الأحلام لاحظ أن أغلب المتصلين بهذه البرامج كانوا من النساء، حيث يكشف ذلك –على حد قوله- عن نقص الوعي إلى حد ما، مع ارتفاع الجانب العاطفي عند شريحة النساء، الأمر الذي يحملهن إلى تتبع هذه البرامج، والاتصال بها. ويقرأ سليم المطرفي تلك الظاهرة من زاوية نفسية ويرى أن الأمة في أوقات ضعفها ووهنها تتشبث بالرؤى والأحلام هروبا من الواقع وبحثا عن المأمول، مطالبا بالرجوع إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي حث على عدم المبالغة في تفسير كل رؤيا، وعرضها على الناس، والاكتفاء بالتوجيه النبوي، فلو رأى الإنسان حسنا يخبر به، وإذا رأى غير ذلك فعليه عدم الإخبار به، والنفث عن يساره ثلاثا. ويرى الاختصاصي الاجتماعي الأول، مدير الخدمة الاجتماعية بصحة المدينة محمد الشاماني أن اللجوء إلى تفسير الأحلام أحد إفرازات الظروف والضغوط الاجتماعية، في ظل صعوبة تحقيق الكثير من الأمنيات، مما يجعل الفرد يلجأ إلى تفسير الأحلام، والتي هي في الأصل مكبوتات نفسية تراكمية لم يستطع هذا الفرد التغلب عليها وتفريغها، أملا بأن يخفض من خلال هذا التفسير التوتر النفسي والقلق والخوف من المستقبل، مشيرا إلى أن الأمر إلى هذا الحد يعتبر طبيعيا جدا. وأضاف الشاماني أن المشكلة التي قد تؤرق المجتمع هي انتشار المفسرين في القنوات الفضائية كوسيلة للكسب المادي على حساب البسطاء الذين أجبرتهم الظروف الاجتماعية على التعلق بهذه التفسيرات كحيل دفاعية، لافتا إلى أن هذا الانتشار يظهر في بيئة ينعدم فيها الوعي والنضج الاجتماعي، وغياب المؤسسات المتخصصة في العلاج الاجتماعي والنفسي.