الغبار ودّع منطقة الرياض ومحافظة جدة وزحف إلى المنطقة الشرقية، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستوى الرؤية الأفقية، فيما حلت زخات مطر خفيفة مكانه بمدينة جدة، كان لها وقع مختلف على سائقي الليموزينات وأصحاب المتاجر التموينية، إذ ارتفع الإقبال عليها وفقاً لمشاهدات "الوطن" في بعض الأحياء بوسط جدة، فيما اقتلعت العواصف الرملية البيوت المتنقلة في القصيم. ولم تكن الساعات الأولى من صباح أمس على سكان جدة ، مجرد ساعات عابرة، بل يمكن تلخيصها في عبارة محددة بأنها "ساعات ترقب وانتظار"، وتحولت في بعض تفاصيلها بفعل زخات الأمطار البسيطة لمرحلة ما يمكن الإشارة إليه ب"الإنذار المبكر"، كما أطلق عليه أحد أولياء أمور الطلاب وهو يصطحب طفلته من إحدى مدارس جدة الابتدائية، بعد تلقيه مكالمة هاتفيه من المدرسة بصرف الطالبات. "زخات الأمطار" مزجت مع البيانات والتحذيرات التي أصدرتها الجهات المعنية من احتمالية حدوث أمطار وشكلت هي الأخرى "عملية تمشيط واسعة" على الأجهزة الالكترونية "الحاسبات" والأجهزة اللوحية الكفية عبر تفعيل تطبيقات برامج التواصل التكنولوجية المجانية "الواتس آب، الفيبر"، والتي كانت أشبه بالخطوط الساخنة. بدرومات البنايات ارتكزت تلك الرسائل التكنولوجية التي يتراسل بها الأصدقاء مع بعضهم بعضا، خاصة مع بداية المطر الخفيف على إخراج السيارات من المواقف السفلية "بدرومات"، فيما كانت الرسالة الثانية تتركز حول "سرعة جلب الأبناء من المدارس وأسرع الطرق للوصول لها تفادياً للزحام المروري في بعض التقاطعات والطرق جراء زخات المطر الأولية". بنايات مكاتب الأعمال في المجمعات أطلقت هي بدورها "إنذارها" عبر مكبرات الصوت الداخلية بإخلاء "البدرومات" من "السيارات" تحسباً لتكرار تضرر المواطنين خلال السنتين الماضيتين من "غرق سياراتهم" لارتفاع منسوب المياه فيها. وشهدت أحياء الشاطئ والسامر والنسيم والفيحاء أمطاراً خفيفة ظهر أمس، في الوقت الذي اكتظت به الحدائق العامة ومنطقة الكورنيش بالمتنزهين، الذين استغلوا تزامن هطول الأمطار الخفيفة مع عطلة نهاية الأسبوع، حتى أضحى البعض يسميها "عطلة المطر". مشروعات السيول وأكد عدد من المواطنين الذين التقتهم "الوطن" أمس، في المتنزهات العامة ومنطقة الكورنيش، أن هاجس الخوف من السيول قد ولى، مرجعين ذلك إلى ما شهدته مدينتهم من مشروعات عملاقة لدرء مخاطر السيول، وأنهم اطلعوا بأنفسهم على هذه المشروعات التي وصفوها بأنها أعادت الاطمئنان للناس، وهو ما دعاهم إلى الخروج من منازلهم للاستمتاع بالأجواء الجميلة التي شهدتها جدة أمس. وأكد كل من فهد راشد وجميل ملا ومحمد فارسي "مواطنون اصطحبوا أسرهم إلى منطقة الكورنيش ظهر أمس"، أن هذه الأجواء الجميلة لا يمكن أن تفوتهم دون الاستمتاع بها، وأن هاجس الخوف الذي رافق هطول الأمطار في الفترات السابقة لم يعد له مكان، مبررين ذلك بأن المجتمع أصبح يعرف مكامن الخطر، ويتتبع بدقة التحذيرات التي تطلقها الإدارات الحكومية المعنية، علاوة على ما شهدته جدة من مشروعات عملاقة كفيلة بأن تقلل من أي مخاطر محتملة للسيول لا قدر الله. استعدادات الدفاع المدني من جانبه، أوضح مدير الدفاع المدني بمحافظة جدة العميد عبدالله جداوي، أن الإدارة رفعت جاهزيتها إلى 100%، واستدعت جميع الضباط والأفراد حتى ممن يعملون داخل مبنى الإدارة، للمساندة ومجابهة أي طارئ قد يحدث، وأن التقارير التي تصل إلى الدفاع المدني من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، يتم التعامل معها أولا بأول. وأكد أن جميع تقارير يوم أمس تشير إلى تساقط أمطار من خفيفة إلى متوسطة على أحياء في شرق وشمال جدة، مثل السامر والفيحاء والمحمدية والشاطئ، وأن جميع هذه الأمطار لم تسجل أي حوادث، ولم تستدع تدخل فرق الدفاع المدني، وأن رفع الجاهزية سيظل مستمرا بناء على المتابعة الدقيقة لكل تحذيرات وتنبيهات الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة. رسائل اطمئنان وأرسلت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، إشارات اطمئنان بتحسن الأجواء عموماً واستقرارها على المنطقة الغربية من المملكة، حيث أشارت في بيان حصلت "الوطن"على نسخة منه "بتحول الرياح إلى شمالية نشطة نسبيا تنخفض معها درجات الحرارة بمعدل 3 5 درجات على مناطق شمال وشمال غرب وغرب المملكة". وبالنسبة لمناطق المملكة فتوقعت "الأرصاد" انخفاض درجات الحرارة على مناطق شرق ووسط المملكة مصحوبة بنشاط في الرياح السطحية مثيرة للأتربة والغبار تحد من مدى الرؤية الأفقية إلى أقل من ثلاثة كيلو مترات، خاصة على مناطق شرق ووسط المملكة تشمل الرياض، وتظهر السحب الركامية على مناطق جنوب غرب المملكة خاصة المرتفعات منها عسير، الباحة. وفيما يخص البحر الأحمر أشار بيان الأرصاد إلى أن الرياح السطحية شمالية غربية وستكون بسرعة قد تصل إلى 30 كيلو مترا في الساعة على الجزأين الشمالي والأوسط وجنوبية غربية على الجزء الجنوبي، وارتفاع الموج متر ونصف المتر، وحالة البحر متوسط الموج. حاضرة الدمام وفي الدمام زحفت موجة الغبار وتحديداً في "حاضرة الدمام"، حيث غطت سماء المنطقة، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستوى الرؤية الأفقي، وهو ما دعا إدارة المرور والدفاع المدني وكذلك المستشفيات إلى رفع التأهب للتعامل مع أي طارئ. وقال مدير إدارة مرور الشرقية العقيد عبدالرحمن الشنبري ل"الوطن" أمس، إن إدارته اتخذت الاستعدادات كافة، حيث جرى تكثيف دوريات المرور خاصة على الطرق التي تشهد كثافة مرورية، ومراقبة الحركة المرورية. من جهته، أكد المتحدث الرسمي لإدارة الدفاع المدني بالشرقية العقيد منصور الدوسري ل"الوطن" أمس، عدم ورود أي بلاغ حتى عصر أمس يفيد بوجود حادث جراء موجة الغبار، مؤكداً في الوقت نفسه وجود تنسيق بين غرفة العمليات والسيطرة والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة على مدار الساعة. متضررون من العاصفة وفي القصيم تسببت العاصفة الرملية التي هبت على مدينة بريدة أمس وعدد من المناطق المجاورة، في اقتلاع عدد من البيوت المتنقلة التي يتخذها السكان عادة في أماكن التنزه الصحراوية بمنطقة القصيم، كما أدت العاصفة كذلك إلى سقوط عدد من غرف رعاة الأغنام بينما تدارك الكثير من الأهالي الأمر وعادوا إلى منازلهم خشية إلحاق الضرر بأسرهم. وقال مبارك العلوي أحد الذين تضرروا من العاصفة: لم أتوقع أن تدفع الرياح التي شهدها مركز قبة مساء أول من أمس، بيت الشعر الذي كنت أوجد بداخله عدة أمتار رغم قيامي بتثبيت أركانه ووسطه بأعمدة حديدية ترتبط بالأرض بصبات أسمنتية". من جانبه، أوضح مدير مستشفى قبة العام سعد بن عوض الحربي ل " الوطن"، أن المستشفى استقبل خلال ال 48 ساعة الماضية نحو 500 مراجع، مؤكدا تسخير إمكانات المستشفى كافة لاستقبال الحالات المتضررة في مثل هذه الحالات المتقلبة. إلى ذلك، نفى مدير مكتب التربية والتعليم للبنين بمحافظة الأسياح عبدالله بن صالح الفهيد، أن تكون مدارس المحافظة قد شهدت حالات غياب. وعن استعدادات بلدية مركز قبة لمواجهة أخطار السيول التي توقعتها مصلحة الأرصاد الجوية، قال رئيس البلدية ناصر العيسى، إن هناك لجنة مشكلة من قبل بلدية المركز تعمل على مدار الساعة لمواجهة أخطار السيول . من جهة أخرى، أكد مدير عام مطار القصيم الإقليمي محمد بن عايد المجلاد، علي سير حركة الطيران والملاحة بالمطار وعدم تأثرها بموجة الغبار، مبينا أن المطار استقبل أمس 11 رحلة ما بين دولية وداخلية. فيما حذر الناطق الإعلامي بالدفاع المدني بالقصيم المقدم إبراهيم أبا الخيل، من خطورة تقلب الأجواء المناخية في هذه الأيام.